قناة البحر الأحمر - الخليج العربي بين الطموحات والخيال | محمود إبراهيم الدوعان

  • 9/4/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي «إنشاء قناة مائية»؛ تربط بين البحر الأحمر في غرب السعودية بالخليج العربي في شرقها، وأوضح مقدم الدراسة بأن هذه القناة سيكون لها مردود اقتصادي ومزايا كثيرة منها: قصر المسافات، ونقل البضائع والمواد البترولية، وعمل بحيرات تُمكِّن سكّان المنطقة الوسطى من صيد الأسماك والتنزّه على ضفافها، وغير ذلك من الأحلام التي أوردها صاحب ذلك الاقتراح. وموضوع إنشاء قناة مائية تربط ما بين البحر الأحمر والخليج العربي قديم، وطُرح قبل عقدين من الزمان، وقوبل في حينها بالاستهجان من قبل كثير من الأكاديميين، والمهتمين بعلوم الأرض والهندسة، لأنه غير قابل للتطبيق علميًّا وطبوغرافيًّا، ولو قدّرنا جدلاً إمكانية تطبيقه، فإنه سوف يستنزف أموالاً كبيرة. وحتى نكون أكثر واقعية حول إنشاء هذه القناة، لعلنا نذكر بعضًا من معضلاتها والتي تقف حاجزًا أمام إنشائها، حيث إنها تختلف تمامًا عن مثيلاتها من القنوات المائية التي عملت في دول أخرى مثل قناة (بنما) التي تربط ما بين المحيطين الأطلسي والهادي، حيث إن طولها (77 كيلومترًا فقط)، وعمقها (13 مترًا) مع فوارق بسيطة في المناسيب بين المحيطين الأطلسي والهادي، تغطى بنظام الأهوسة، وكلفت أموال طائلة (380 مليون دولار عام 1914م أي قبل (100 عام)، وهلك خلال إنشائها أكثر من (21000 عامل)، وأمّا قناة (السويس) في مصر فهي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وطولها (197 كيلومترًا، وعمقها 20 مترًا) ولا يوجد اختلاف في المناسيب بين البحرين، ولا يوجد بها نظام للأهوسة لتناسب مناسيب البحرين. لذا مشروع إنشاء قناة البحر الأحمر - الخليج العربي المائية يواجه عدة مشكلات لعل من أهمها: اختلاف المناسيب بين البحرين، حيث وجود سلسلة جبال الحجاز- عسير.. بعد المسافة بين المسطحين المائيين (1200 كيلومتر).. تأثيرها السلبي على تكوينات المياه الجوفية الحاملة للمياه العذبة، ممّا يؤدّي إلى تلوث المياه العميقة في وسط المملكة.. الإخلال بالتوازن البيئي لجميع المناطق التي تمر بها القناة من الشرق إلى الغرب.. صعوبة الانتقال بريًّا بين المناطق التي تمر بها القناة بين الشمال والجنوب، بحيث تحتاج للعديد من الممرات والجسور التي تربط بين الجهتين ولمسافات طويلة جدًّا. المشروع ضرب من الخيال، حيث إن القنوات المائية العالمية التي تربط بين المسطحات المائية في العالم مثل -بنما والسويس- رغم قصر مسافاتهما، وعدم وجود أي عوائق تضاريسية، فقد استنزفت الكثير من الوقت والجهد والمال، فما بالك بقناة طولها 1200 كم، والعمق الطبوغرافي 2000 متر؟ لذا لا يمكن إنجازها في عدة عقود، وبتكاليف مالية باهظة لا تقدر عليها ميزانيات عدة دول، فهل عمل مثل هذه القناة يستحق كل هذه المعاناة والتفكير؟! mdoaan@hotmail.com

مشاركة :