هل هناك فرق بين بيع المرابحة والربا؟ قال الشيخ عويضة عثمان، مدير الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إن بيع المرابحة حلال شرعًا، وهو أن يشتري شخصٌ بضاعة بـ10 جنيهات مثلًا ثم يأتي إليه مُشترٍ يرغب في شرائها بـ12 جنيهًا وهو يعلم أن ثمنها الأصلى 10 جنيهات، فهذه الزائدة جائزة.وعرف «عثمان» في فتوى له، المرابحة اصطلاحًا عند الفقهاء بأنها بيع يقوم على أساس معرفة الثمن الأول وزيادة ربح، فهو من بيوع الأمانة التي ينبغي أن يكون الثمن والربح فيها معلومين، بناء على اتفاق بين المتعاقدين.وأكد أن المرابحة صورة من صور البيع الجائزة بالإجماع؛ مستشهدًا بقول الله تعالى: «وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا» (البقرة الآية 275)، وذكر العلامة ابن قدامة إجماع العلماء عليه في كتابه «المغني 4/136» قائلًا: «هذا جائز لا خلاف في صحته، ولا نعلم فيه عند أحد كراهة».وألمح إلى أن بيع المرابحة يختلف عن البيوع الشائعة في أنّ البيع العادي لا يعرف فيه المشتري ربح البائع، بخلاف بيع المرابحة؛ فإنّ المشترى يعرف ربح البائع، وباتفاق معه على الزيادة على رأس المال.وذكر العلماء فروقًا بين بيع المرابحة والربا: أولًا: المرابحة بيع سلعة يجوز فيها الزيادة والنقصان، في حين أن الربا عملية قرض بزيادة ترد على النقود فقط؛ وذلك لأن النقود وسيلة في الإسلام وليست سلعة، في حين أن الاقتصاد الرأسمالي يعتبر النقود سلعة.ثانيًا: البائع في المرابحة يشتري السلعة ويقبضها وتدخل في ضمانه، ثم يبيعها المشتري منه نقدًا أو بالأقساط؛ ولذا فإنه يتحمل المسؤولية عن الشيء الذي اشتراه قبل أن يبيعه إلى المشتري ويسلمه إياه، أما المرابي فهو يقرض غيره كي يشتري ما يحتاجه بنفسه، ولا يشتري المرابي هذا الشيء ولا يتملكه ولا يدخل في ضمانه، ولا يتحمل أية مسؤولية عنه أبدًا.ثالثا: المرابحة الإسلامية بيع يتم فيه تداول سلعة معينة، وفي هذا تحريك لعجلة الاقتصاد في المجتمع، أما الربا فهو تأجير مجرد للنقَ، وتعطيل لحركة الاقتصاد.حكم الربانهانا الله تعالى عن التعامل بالربا فى حياتنا وأن ترك الربا موجب لتقوى الله تعالى وأن الفلاح فى الدنيا والآخرة متوقف على تقوى الله، وذلك مصداقا لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، سورة آل عمران: آية 130.وقال الإمام محمد متولي الشعراوي، فى تفسيره للآية الكريمة، إن المقصود من النداء فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»، هم المؤمنين لأن الإيمان هو السبب الموجب لامتثال الأمر واجتناب النهى، فنهاهم الله عن أكل الربا أضعاف مضاعفة وهذا ما اعتاده أهل الجاهلية وغيرهم أنه إذا حل الدين على المعسر ولم يستطيع السداد يُزيد له فى المدة على أن يأخذ مقابلها زيادة فى المال .وبين الشعراوى أن المراد من قوله تعالى: «لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً» أن هذا القول فيه تنبيه على شدة شناعته بكثرته، والربا هو زيادة في المال فهو يؤكل لأن كل المسائل المالية من أجل اللقمة التي تأكلها، والأضعاف هي الشيء الزائد بحيث إذا قارنته بالأصل صار الأصل ضعيفًا .وتابع: «فمثلًا عندما يكون أصل المال مائة وسيؤخذ عليها عشرون بالمائة كفائدة فيصبح المجموع مائة وعشرين فالمائة والعشرون تجعل المائة ضعيفة وهذا هو معنى أضعاف»، مشيرا إلى معنى كلمة «مُّضَاعَفَةً» إننا سنجد أن المائة والعشرين ستصبح رأس مال جديدًا وعندما تمر سنة ستأخذ فائدة على المائة وعلى العشرين أيضا فالأضعاف ضوعفت أيضًا وهذا ما يسمى بالربح المركب.وأشار إمام الدعاة إلى أن الله تعالى عندما يقول: «وَاتَّقُواْ اللَّهَ»، أى اجعلوا بينكم وبين الله وقاية بترك ما يوجب سخط الله تعالى علينا وفعل ما يوجب رحمة الله تعالى بنا، فيتعين على المؤمن تركه حتى يصل إلى درجة التُقى.وبين أن الحكمة من ختم الله تعالى الآية بقوله: «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، لترغيب المؤمن في منهج الله تعالى وقد جاء الحق بها من الشيء المحس الذي نراه في كل وقت لأنه متعلق ببقاء حياتنا وهو الزرع والفلاحة، أى فإنك لن تأخذ الفلاح فقط ولكنك تتقي النار أيضًا.
مشاركة :