دافع وزير العدل الإيراني عن الإعدامات الواسعة في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) 1988 وقال «يجب تحليل أحداث سنوات الحرب وفق الأوضاع والظروف آنذاك»، وأضاف: «نحن على مدى سنوات الحرب كنا نواجه مجموعات معارضة للثورة وقوى كانت تحاول الإطاحة بالثورة لأغراض انفصالية». بور محمدي قال، أمس، في تصريحات أثارت جدلا واسعا وحذفتها مواقع حكومية بعد ساعات من النشر بأن تلك الإعدامات لم تكن بمعزل عن الحرب، وأضاف مبررا بأنه «إذا لم يكن حزم القوى الثورية آنذاك لم نتمكن من الوقوف بوجه المجموعات المسلحة والمنافقين (مجاهدين خلق). الإنسان لا يمكنه أن يطلق حكما حول تلك الأحداث إذا لم يكن في أوضاع الحرب». من جانبه، قال رضا عليجاني الصحافي المختص بالشؤون السياسية الإيرانية لـ«الشرق الأوسط»، بأن «بور محمدي بسبب تورطه فی الجرائم ومجازر السجناء في الواقع يحاول تبرير ذلك، في أي مكان من العالم والبرتوكولات الدولية والحروب المتعارف عليها لا أحد يقتل أسيرا دخل المحكمة وصدر بحقه حكم وفق الاتهام الموجه إليه». وأضاف: «في تلك المحاكم لا معنى للمحامي ولا قيمة حقوقية للاتهامات، لا تعريف لها في القوانين وليست مطابقة للقانون وكثير من القضايا التي أكثرها اعترافات تحت التعذيب، في تلك المحاكم والأوضاع كانت تصدر أحكام بحق المتهمين، كل الأشخاص الذين أعدموا من الأشخاص الذين كانوا في السجون بموجب الأحكام الصادرة بحقهم لذلك لم يعتقلوا أحدا في ميادين الحرب، الموضوع الآخر أن هؤلاء بعد تنفيذ أحكام الإعدام ربطوا الإعدامات بعملية (مرصاد)، خطط النظام لتنفيذ الإعدامات الواسعة سبق عملية (مرصاد) بعام واحد ولا علاقة له بالحرب». صرح عليجاني رئيس تحرير صحيفة «إيران الغد» الموقوفة حول طبيعة الإعدامات في صيف 1988 فقال «لنفترض أن موضوع عملية مرصاد صحيح وأن مجاهدين خلق دخلوا عددا من المدن الحدودية ما علاقة السجناء السياسيين في سجونهم بذلك. إذا كان مجاهدين خلق من قام بذلك لماذا قتلوا اليساريين ونشطاء المجتمع المدني. قتل مئات الأشخاص بتهمة الارتداد يظهر أنهم كانوا يفكرون بأمور أخرى. السبب الحقيقي لأنهم كانوا على اطلاع بمرض الخميني أرادوا رفع بعض مشاكل البلد في حياته: أولا نهاية الحرب مع العراق فعلوا ذلك بقبول الخميني قرار 598 الصادر من مجلس الأمن وثانيا عزل آية الله منتظري الذي أراد تغيير مسار النظام وثالثا تصفية الحساب مع آلاف السجناء بين أربعة آلاف إلى خمسة آلاف الذين كانوا ذوي خبرة وكفاءة وكانوا على وشك نهاية أحكام السجن والعودة إلى المجتمع وتغيير المناخ السياسي في البلد». الفائز بجائزة منظمة مراسلون بلا حدود 2001 لحرية الصحافة أوضح لـ«الشرق الأوسط»: «بور محمدي آنذاك كان يعرف أنه يقتل السجناء بموجب فتوى الخميني وليس لأنهم اعتقلوا في ساحات الحرب هذه الأكاذيب ليست إلا ذر الرماد في عيون الحقيقة وللأسف رغم مرور 27 عاما من هذه الكارثة لم يتسرب أي كلام من هيكل النظام آنذاك ولا من قبل وزارة المخابرات والسلطة القضائية والقوى الأمنية الذين بعضهم من الإصلاحيين في الوقت الحاضر. المعلومات المتوفرة من أسر الضحايا وبعض السجناء الذين أطلعوا الرأي العام على تلك المأساة». وأفاد عليجاني «نأمل أن تعرف الحقيقة يوما ليس من أجل الثأر بهدف منع تكرار تلك الجرائم أسوة بما حدث لدى الرأي العام الغربي حول الهولوكوست عندما تحول إلى ضمير معذب كذلك مجزرة 1988 يمكنها أن تكون رمزا للإشارة إلى ذروة العنف في إيران ومنع تكراره وأن تتحول إلى ضمير جماعي وليس لضحايا إعدامات 1988 فحسب بل تستهدف العنف وتبعاته، العنف الذي يتحمل معارضو النظام جزءا منه لكن النظام يتحمل مسؤولية أكبر». ووفقا لمنظمات حقوق إنسان إيرانية، ما يقارب 5000 من السجناء السياسيين أعدموا رميا بالرصاص في 1988 عندما كان مصطفى بور محمدي أحد أعضاء اللجنة الثلاثية المسؤولة عن تنفيذ الإعدامات كما شغل بور محمدي منصب وزير الداخلية في حكومة أحمدي نجاد الأولى. يذكر أن إيران شهدت سلسلة من الإعدامات والاغتيالات السياسية على يد المخابرات الإيرانية بين عامي 1988 و1993 راح ضحيتها عدد كبير من المفكرين والشعراء والمثقفين البارزين من بينهم محمد جعفر بوینده (مفکر ومترجم وباحث فی علم الاجتماع) ومحمد مختاري (شاعر وناقد أدبي) وبروانه إسكندري (ناشطة مجتمع مدني) وداريوش فروهر (ناشط سياسي). من جهة أخرى قال وزير العدل الإيراني مصطفى بور محمدي بأن الحصار على مير حسين موسوي ومهدي كروبي المرشحين السابقين للانتخابات الرئاسية لدوافع «سياسية وأمنية» وأوضح أن الحصار «اتخذ قراره السياسي والأمني بعد صراع اجتماعي لذلك لا يمكن شرحه وتفسيره وفق الأسس القانونية والقضائية». بور محمدي أوضح أن قرار رفع الحصار عن قادة التيار الإصلاحي خارج عن صلاحيات السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وأن قرار رفع الحصار «بحاجة إلى هدوء في البلد» وأنه قرار «سياسي وأمني» بيد «المجلس الأعلى القومي المكون من رؤساء السلطات الثلاث وممثلين عن المرشد الأعلى والأجهزة الأمنية والعسكرية». وزیر العدل الإيراني قال: إن حسن روحاني «لا يرى أوضاع وظروف البلد مناسبة لمناقشة» موضوع رفع الحصار عن كروبي وموسوي وزوجته مرة ثانية. يذكر أن رفع الحصار عن قادة وسجناء التيار الإصلاحي كان من أبرز الوعود الانتخابية لحسن روحاني. روحاني الأسبوع الماضي في مؤتمره الصحافي قال ردا على سؤال بشأن وعوده برفع الحصار بأن «بعض القضايا خارجة عن صلاحيات الحكومة لكن بإمكانها أن تهيئ الظروف المناسبة لذلك» وعن موعد إعلان رفع الحصار أضاف «الإعلان قبل الموعد بمثابة قطف ثمار الفواكه قبل نضجها». على صعيد آخر انتقد محمد يزدي رئيس مجلس خبراء القيادة الإحصائيات «غير الواقعية» التي تنشرها إدارة الرئيس حسن روحاني في «أسبوع الحكومة» كذلك طالب إدارة روحاني بالشفافية والصراحة في قول الحقيقة للشعب مطالبا تجنب الإحصائيات والمعلومات التي تفتقد إلى الركائز العلمية. جاء ذلك على هامش الدورة الثامنة عشرة من اجتماعات مجلس خبراء القيادة بحضور الرئيس الإيراني حسن روحاني وقاسم سليماني قائد فيلق قدس التابع للحرس الثوري لمناقشة آخر الأحداث السياسية في إيران والمنطقة. فی هذا السیاق قال مجتبى طاهري عضو مجلس خبراء القيادة لوكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري بأن سليماني قدم تقريرا حول قضايا المنطقة والأوضاع في العراق وسوريا واليمن والحضور الأميركي في المنطقة و«داعش». طاهري أفاد بأن «سليماني شرح في تقرير أوضاع إيران في الوقت الحاضر وعلاقتها بالمسلمين» وقال بأن سليماني تحدث عن انهيار القوة الأميركية في المنطقة بسبب «حضور إيران القوي في المجالات المختلفة». سليماني أمام أكبر مجلس يضم رجال الدين المتنفذين لمح إلى حضور قواته في عدد من المناطق ودعما لتيار المقاومة والثورة الإسلامية في مواجهة أميركا وحلفائها. البيان الختامي للدورة الثامنة عشرة لمجلس خبراء القيادة أمس، جدد «البيعة مع ولي الفقيه» وطالب المجلس الأعلى للأمن القومي والبرلمان الإيراني برعاية الخطوط الحمراء في «التوافق النووي» كما حث المسؤولين على الحذر من «تسلل ونفوذ الأعداء».
مشاركة :