عندما يتعلق الأمر بأكثر الفترات إثارة للاشمئزاز في التاريخ، يعتبر صيف عام 1858 هو الفائز، ففي هذا الوقت كانت لندن مملوءة بأبشع الروائح الكريهة، ما يلخص إلى حد كبير ما كان يحدث في هذه العاصمة، التي تبدو وكأنها الأكثر تحضرًا في العالم. ومن هذا المنطلق يستعرض «المصري لايت» الحقيقة المفصلة وراء رائحة لندن الكريهة، بحسب ما نشره موقع «grunge». 11. رائحة لندن سيئة لفترة طويلة في القرن الـ 19، جاء العديد من الأشخاص الى لندن مع الكثير من الروائح ومعظمهم لم يكن لطيفًا، وأوضح لي جاكسون، مؤلف كتاب «لندن القديمة القذرة: القتال الفيكتوري ضد القذارة»، أن الحفاظ على نظافة المدينة كان تحديًا هائلًا ومستحيلًا. كانت المدينة مليئة بالخيول، وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، كان عدد الخيول البالغ عددها 300 ألف في لندن ينتج حوالي ألف طن من الفضلات كل يوم، ولكن وهذا لم يكن أسوأ الأشياء في شوارع لندن. حيث كان البراز البشري أسوأ بمليون مرة تقريبًا من براز الحصان، وكانت لندن وخاصة نهر التايمز مليئة به، يقول «لي» إن مياه الصرف الصحي كانت المشكلة الأكبر في المدينة، ولكنها لم تكن المشكلة الوحيدة. كما كان هناك ضباب برائحة الكبريت والدخان الذي ملأ الهواء، بالإضافة الي ذلك امتلأت الشوارع بالأطعمة الفاسدة، والبيرة المنسكبة، وفيضانات القمامة، والغبار (الرماد الناتج من الحرائق). كما كتب تشارلز ديكنز كثيرًا عن مشاهد ورائحة لندن، وأشار إلى أن سكان لندن كانوا عبارة عن جثث متسخة ترتدي ملابس قذرة، بالإضافة الي الشوارع المليئة بقطعان الماشية، والتي تكون في طريقها إلى المسالخ أو أسواق المدينة. 10. ساءت الأمور كثيرًا كانت لندن موطنًا لنصف مليون شخص في أواخر القرن السابع عشر خلال العصر الفيكتوري، ثم بدأت الأمور تخرج عن نطاق السيطرة، وبحلول عام 1860، كان هناك 3.1 مليون شخص يعيشون في لندن، ولكن لم تكن المدينة مستعدة لاستيعاب هذا العدد الكبير من الناس. أخبر المؤلف «لي»، الإذاعة الوطنية العامة «NPR» أن إحدى المشاكل الرئيسية كانت بالوعة المدينة، حيث أن المنازل التي بنيت في وسط المدينة اتلفت خزان الصرف الصحي من العصر الفيكتوري، وهو عبارة عن حفرة بعمق 6 أقدام تقريبًا، حيث ألقى السكان لنفايات بداخل الخزان، وتسربت السوائل من خلال الجوانب المسامية، وكان رجال التربة الليلية يزيلون المواد الصلبة ثم يبيعونها كسماد. 9. الآثار العملية لتلوث الهواء لم يكن البراز فقط هو الذي ساهم في ظهور الرائحة الكريهة، بل كان هناك قدر مجنون تقريبًا من تلوث الهواء يسد السماء أيضًا، يقول تيم هاتون، أستاذ الاقتصاد بجامعة إسيكس، إن الفحم كان الوقود المفضل للعصر، وفي بعض مناطق بريطانيا، كان التلوث سيئًا للغاية لدرجة أنه أثر على احتمالية إصابة السكان بأمراض الجهاز التنفسي. وأوضح المؤلف لي جاكسون، في كتابه سالف الذكر، أن هناك بعض العلامات المرعبة جدًا والواضحة جدًا لمدى سوء تلوث الهواء، لدرجة أنه عندما تم إحضار الأغنام للرعي في حديقة ريجنت، يتحول صوفهم إلى اللون الأسود، تغيرت الوان المباني. 8. مصدر الكوليرا رائحة في ذلك الوقت، كان يُعتقد على نطاق واسع أن الروائح الكريهة تحمل الكوليرا، وعندما بدأ المصلح الصحي في القرن التاسع عشر إدوين تشادويك، بمحاولة وقف تفشي المرض الذي ابتليت بها المدينة، استندت الإجراءات التي قدمها إلى فكرة أن الهواء هو المشكلة. ولكن لم يكن الجميع مقتنعًا بأن الهواء السيئ هو السبب، وعندما حدث المزيد من تفشي الكوليرا في عامي 1848 و1853، طرح طبيب من لندن يُدعى جون سنو فكرة أن مصدر المرض هو الماء، حيث لاحظ أن معظم الأشخاص الذين ماتوا عام 1854 حصلوا على المياه من نفس المضخة، وكان على حق تمامًا، حيث كانت مياه الصرف الصحي غير المعالجة تلوث مياه الشرب في المدينة وتنشر المرض، ولسوء حظ الطبيب «جون» فشلت البيانات والأدلة التي قدمها إلى اللجنة العامة للاستفسارات العلمية التابعة لمجلس الصحة في إقناع أي شخص بأي شيء. 7. حاول تشارلز ديكنز إصلاح الرائحة الكريهة عندما يتعلق الأمر بروايات شهود العيان عن مدى سوء الأمر، هناك القليل من المصادر الأفضل من أعمال تشارلز ديكنز، لم يكتفِ بوصف القذارة، وفقًا لمارتن دونتون، أستاذ التاريخ الاقتصادي بجامعة كامبريدج، بل حاول أيضًا المساعدة في إطلاق برامج الإصلاح لتنظيف المدينة. في عام 1855، كتب «تشارلز» مقالًا ساخرًا قويًا يدين تقاعس الحكومة عن العمل ونشره في بلدة تسمى سيس كوم بولتون، وأشاد مرشحه بفكرة «كن قذرًا وكن بدينًا»، واحتفى بفكرة أن تنظيف الشوارع سيكون مكلفًا، لذا قد يحتفظ بالمال ويستمتع به. كان «تشارلز» مدركًا تمامًا لحقيقة أن السلطات بحاجة إلى إعطاء سبب لزيادة الإنفاق على الصحة والصرف الصحي وأن هناك حاجة ماسة إليه، ولحسن الحظ، لم يكن وحيدًا. عندما وضع المصلح إدوين تشادويك تقريره حول مدى سوء الأمور، حصل على بعض المساعدة في كتابته «تشارلز» وصهره، الذين قدموا بعض الأوصاف المروعة لحالة مقابر الأمة. 6. نهر التايمز هو الجاني إذا كان تشارلز ديكنز يأمل في إيجاد طريقة لتحفيز القوى لإصلاح الحوض النتن الذي أصبحت عليه لندن، فقد تم الرد على صلاته في صيف عام 1858. وفقًا لـ «بي بي سي»، بدأت المشاكل بموجة حر شديدة، عندما جاء شهر يونيو، وجلب معه عدة أسابيع من درجات الحرارة التي وصلت إلى 32 درجة مئوية. في ذلك الوقت، لم يكن نهر التايمز مليئًا بمياه الصرف الصحي فقط، بل كان يصطف بالمصانع والمسالخ ومدابغ الجلود التي تفرغ نفاياتها في النهر مباشرة، بالإضافة إلى المواد الكيميائية ونفايات أجزاء الحيوانات، والأسوأ هو جثث الأشخاص الذين غرقوا في النهر. ساءت الرائحة في ذلك الصيف لدرجة أن بعض الأعضاء فروا من المدينة، بينما حاول آخرون جعل مكاتبهم محتملة على الأقل بغمر ستائرهم في كلوريد الجير، ولكن لم تنجح، مما دفع البرلمان أخيرًا إلى استنتاج مفاده أنه يجب القيام بشيء ما. 5. الدولة الحزينة للأب ثيمس وفقًا لما ذكره أحد سكان لندن، كان السكان المحليون يعبدون نهر التايمز قبل فترة طويلة من تسميته بنهر التايمز، حيث تم تأريخ الاكتشافات الأثرية التي يُعتقد أنها عروض للنهر إلى العصر الحديدي، ولكن لم يتم منح روح النهر رسميًا هوية الأب العجوز التايمز حتى عام 1713 تقريبًا. وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، بدت الرسوم التوضيحية للأب العجوز التايمز مختلفة كثيرًا، حيث أصبح عجوزاً قذرًا يرتدي الملابس البالية، وغالبًا ما شوهد وهو يخوض في القمامة التي أصبح نهره فيها. 4. الرائحة الكريهة سببت التغيير الأهم بمجرد دفع البرلمانيين إلى العمل من خلال إدراكهم أن النهر الموجود خارج نافذتهم كان يتخمر وأثر بالفعل عليهم، شكلوا مجلس العاصمة للأعمال ومنحوهم مبلغًا كبيرًا من المال لإصلاح مشكلة الصرف الصحي في لندن. كان ذلك مشروعاً ضخماً، اشتمل على أميال من المجاري وطرق ضخمة تحت الأرض من شأنها أن تجمع مياه الصرف الصحي والأمطار أيضًا، وسار العمل بسرعة كبيرة، وبحلول عام 1866، كانت إيست إند هي المنطقة الوحيدة في لندن الغير متصلة بنظام الصرف الصحي الجديد، قبل أن يكتمل المشروع. 3. نهاية الكوليرا توفي عشرات الآلاف من سكان لندن في تفشي الكوليرا في القرن التاسع عشر، وتقول هيريتيج كولينج إن الكوليرا من 1853 إلى 1854 أدت إلى مقتل 10738 شخصًا، وأيضًا بعد الانتهاء أخيرًا من نظام الصرف الصحي الجديد في لندن والذي حدث في منتصف سبعينيات القرن التاسع عشر اختفت الكوليرا إلى حد كبير من المدينة. ولكن ما فعلوه لم يكن الحل الامثل، حيث أن كل هذه المجاري والأنفاق لم تكن تنقل مياه الصرف الصحي إلى محطة معالجة المياه، بل لقد كانوا يرمونها في نهر التايمز، في اتجاه مجرى إمدادات المياه. 2. مأساة السفينة أليس في 3 سبتمبر 1878، كانت الأميرة أليس عائدة إلى لندن على متنها 750 راكبًا، اصطدمت بسفينة أخرى وانقطعت إلى نصفين، وتم إلقاء الرجال والنساء والأطفال على حد سواء في النهر ووفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، حدث الانهيار في اتجاه مجرى مياه الصرف الصحي من نظام الصرف الصحي الجديد تمامًا في لندن، وامتلأت المياه التي أغرق 750 شخصًا فيها بالفضلات، وكانت الرائحة كريهة لدرجة أن الهواء فوق النهر كان سامًا، وأولئك الذين حاولوا البقاء خنقتهم الأبخرة. 1. مشاكل حديثة لمجاري العصر الفيكتوري كانت لندن تستخدم بنيتها التحتية التي تعود إلى العصر الفيكتوري لفترة طويلة جدًا، ساهم ذلك في إعادة التاريخ مرة أخري. استمر عدد سكان لندن في النمو، وتحول 3 ملايين شخص في منتصف القرن التاسع عشر إلى أكثر من 9 ملايين في عام 2018، وهناك مشكلة أخرى مع وجود المزيد من المباني التي تحتوي على سباكة داخلية، فهذه كمية هائلة من المياه للتعامل مع النظام القديم. اعتبارًا من عام 2018، كان لا يزال حوالي 39 مليون طن من مياه الصرف الصحي غير المعالجة يتم إلقاؤها في نهر التايمز على أساس سنوي.
مشاركة :