الجميع تمر بهم مواقف يومية ضاغطة بسبب ظروف الحياة؛ فقد عزيز أو خلاف مع قريب أو صديق، أو خوف من ضياع فرصة من فرص الحياة أو غير ذلك. لكن البعض يتعامل معها بطريقة سلبية تفقده طعم الحياة، الحياة التي أراد الله لنا أن نحيا جمالها وكمالها في أنفسنا وفي كل ما حولنا، فهو ينظر إلى العالم من خلال نظارة سوداء لا ترى إلا السواد والنصف الفارغ من الكوب. وبالتالي المزيد من التفسيرات الخاطئة لمجريات الأحداث التي تمر به والمزيد من الآثار السلبية التي لا تؤثر عليه فقط بل وعلى كل من يتعامل معه.. خصوصا المحبين له. فالفرق بين الشخص الذي يعيش بسلام داخلي ومن يعيش تحت وطأة ضغوط الحياة هو في نظرة كل واحد منهما للحياة وطرق تعامله معها وإلا فإن جميع من على هذا الكوكب يعيش تقريبا نفس القدر من الصعاب والعقبات. وجود الضغوط هو جزء من تكوين الحياة التي نعيشها لا يمكن منعها لكن يمكن أن نديرها بطريقة إيجابية تخفف من تبعاتها وآثارها السلبية. إليك عزيزي القارئ بعض الخطوات العملية التي تسهم - بإذن الله - في إدارة إيجابية لضغوط الحياة:تأكد بأن المصدر الأساسي للضغوط داخلي وليس خارجي كما يظن الكثير، فالاستعداد للتعامل مع الضغوط الخارجية يعتمد على كمية الضغوط الداخلية التي نعيشها والتي يستثيرها دافع ما لتخرج للعلن. اضطراب العلاقات مع الآخرين مثلا سببه في الغالب اضطراب ما في الداخل، فالعالم الخارجي ما هو إلا انعكاس لما يحدث في داخلك.. تماما كما تعكس المرآة ما يظهر أمامها وليس شيئا آخر، هذه الحقيقة مؤلمة.. لكن الاعتراف بها هو أولى خطوات العلاج.ابتعد عن مراقبة الآخرين.. فالمراقبة تتبعها المقارنة ومن ثم الحسرة؛ لأنك تطلع على جانب واحد فقط من حياة من تعجب بحياته ثم تقارنه بكل جوانب حياتك، فبالتأكيد أنك سترى نفسك أقل منهم، ربما لو اطلعت على المشهد بالكامل والواقع الحقيقي لحياتهم لحمدت الله ألف مرة أنك لم تكن في مكانهم. هذه المراقبة سلبية، أما المراقبة الإيجابية فهي أن تراقب أفكارك ومشاعرك.راقب أفكارك، هل تركز فيها على الإيجابيات أم على السلبيات؟ وراقب كذلك مشاعرك، هل هي في الغالب مشاعر بهجة وامتنان واستحقاق؟ أم مشاعر أسى وكره ولوم وغضب؟ أم أنك ترتاح لشعور الضحية؛ القناع الذي يرتاح الكثيرون حينما يلبسونه ليخدعوا به أنفسهم قبل الآخرين. ضع لنفسك خططا متوازنة في الحياة وتأكد بأنه إذا لم تكن لك خططك في الحياة فستكون حتما مجرد وسيلة بيد للآخرين لتحقيق مخططاتهم. ابتعد عن المثالية الزائدة في إنجاز المهام، فإنجاز 70 % من المهمة أفضل من التأجيل وما يترتب عليه من ضغوط وضياع لكثير من الفرص. راجع دائرة علاقاتك بالآخرين واحرص على عدم التوسّع فيها لأن ذلك يعني المزيد من التبعات والمسؤوليات. احرص على أن تكون تلك العلاقات مع الإيجابيين أصحاب النظار البيضاء. عود نفسك على عدم إعطاء الآخرين وعوداً مباشرة وسريعة بإنجاز مهمة أو تلبية دعوة، اطلب دوما مهلة للرد لتبعد الإحراج عن نفسك ولتأخذ فرصتك الكاملة في التفكير. أتقن فن الاعتذار بأدب عن ما لا تستطيع القيام به أو ليس من مهامك، لا تجامل على حساب ذاتك أبدا. أتقن مهارة التفويض في المهام التي يمكن لغيرك القيام بها، ذلك أفضل من التأجيل وما يترتب عليه. لا تتردد في طلب الدعم والمساندة ممن تثق بإخلاصه وأمانته، مجرد الفضفضة وإشراك الآخرين في همك يخفف عنك الكثير من آثار الضغوط. احرص على التوازن في إدارة يومك بأداء الصلوات في أوقاتها والأذكار والأوراد اليومية واحرص كذلك على صحة جسمك بالأكل الصحي وشرب الكثير من السوائل وممارسة الرياضة الجادة يومياً؛ فلذلك أثر كبير على الصحة النفسية والجسدية. خصص لنفسك على الأقل جلسة واحدة يومياً لممارسة الاسترخاء والتأمل. خصص أوقاتا للاستمتاع اليومي بالقراءة والهوايات الأخرى التي تحب. صنف الأزمات والمشكلات التي تواجهها واتخذ الإجراء المناسب لها فبعضها غير قابل للحل مثل فقد شخص عزيز هذا علاجه في التسليم والتأقلم والتكيف مع الواقع الجديد. بعضها قابل للحل ولكن تحتاج إلى التحلي بالصبر وعدم الاستعجال في حلها وبعضها تحتاج منك إلى إتقان بعض المهارات في التواصل مع الآخرين. أما أهم خطوة لإزالة الضغوط فهي تعزيز الجانب الإيماني في حياتك كتعميق التوكل على الله، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن أبدا ليصيبك. *مستشار اجتماعي
مشاركة :