كيف يمكن لبعض الدهون توفير الحماية من أمراض معينة!

  • 2/3/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يُطلب منا بانتظام تقليل كمية الدهون المشبعة التي نستهلكها، ولكن دراسة جديدة تشير إلى أن تناول الأطعمة الغنية بهذه الدهون يمكن أن يوفر في الواقع بعض الحماية ضد بعض الأمراض. وكشف الباحثون أن تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، بما في ذلك الكعك والجبن، قد يقلل من خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد. وحلل الفريق الأمريكي بيانات من أشخاص في 11 دولة حول كيفية ارتباط الدهون المختلفة – سواء كانت غير مشبعة أو مشبعة – بالحالة الخطيرة، حيث يصبح البنكرياس ملتهبا. وتوجد الدهون المشبعة في الزبدة واللحوم الدهنية والجبن – الأطعمة التي تستهلك بكثرة في المجتمعات الغربية – بينما توجد الدهون غير المشبعة في الغالب في زيوت النباتات والأسماك وتنتشر في الأنظمة الغذائية في آسيا وبعض أمريكا الجنوبية. ووجد الباحثون أن المستويات العالية من الدهون غير المشبعة المخزنة حول أعضاء البطن، تولد المزيد من نوع معين من الجزيئات التي تسبب إصابة الخلايا والالتهابات وحتى فشل الأعضاء. وتقول النصيحة الرسمية من إدارة الصحة الوطنية البريطانية NHS، إنه ينبغي استبدال الدهون المشبعة بالدهون غير المشبعة في نظامنا الغذائي لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب. وفي حين أن هذه الدراسة لا تتحدى هذه النصيحة، إلا أنها تشير إلى أن السمنة يمكن أن تحمي المرضى في بعض الأحيان أثناء أنواع معينة من الأمراض الحادة. وبالفعل، اقتُرحت “مفارقة السمنة” بشكل مثير للجدل في دراسات سابقة، ولكن برد فعل عنيف من خبراء آخرين. ويقول الباحثون في ورقتهم المنشورة في Science Advances: “هنا، نجد أن ارتفاع نسبة الدهون غير المشبعة الغذائية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم نتائج التهاب البنكرياس الحاد عند نسبة دهون أقل من الأشخاص الذين لديهم نسبة أعلى من الدهون المشبعة في نظامهم الغذائي”. وتقول هيئة الخدمات الصحية الوطنية إن الكثير من الدهون في نظامك الغذائي، وخاصة الدهون المشبعة، يمكن أن ترفع الكوليسترول، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. ويقول موقع NHS الإلكتروني: “إذا كنت ترغب في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، فمن الأفضل تقليل تناول الدهون بشكل عام واستبدال الدهون المشبعة بالدهون غير المشبعة. وهناك دليل جيد على أن استبدال الدهون المشبعة ببعض الدهون غير المشبعة يمكن أن يساعد في خفض مستوى الكوليسترول لديك”. وتوصي مسودة المبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، الأشخاص بالحصول على أقل من 10% من سعراتهم الحرارية اليومية من الدهون المشبعة، وبدلا من ذلك محاولة استبدالها بأخرى غير مشبعة. وأشارت التقارير السابقة إلى أن السمنة يبدو أنها تحمي المرضى الذين يعانون من مشاكل طبية حادة مثل الحروق والصدمات وجراحة القلب والأوعية الدموية. ويقول معدو الدراسة، من Mayo Clinic في أريزونا وكلية الطب بجامعة واشنطن في ميسوري، “تبدو السمنة أحيانا واقية من المرض”. ووُصفت “مفارقة السمنة” هذه في الغالب في التقارير الواردة من نصف الكرة الغربي أثناء الأمراض الحادة. ومع ذلك، فإن تأثير تكوين الدهون على شدة المرض ظل غير واضح. ولفهم “مفارقة السمنة” بشكل أفضل، قام الباحثون بتقييم كيفية تأثير نوع الدهون التي يستهلكها السكان على تكوين دهون الجسم وربطه بشدة التهاب البنكرياس الحاد. واستخدم الفريق 20 تقريرا سريريا من 11 دولة ربطت شدة التهاب البنكرياس بمؤشر كتلة الجسم (BMI) البالغ 30 – وهي النقطة التي يتم فيها تصنيف الشخص رسميا على أنه سمين. واستخدموا أيضا سبعة تقارير سريرية بمؤشر كتلة جسم مقطوع يبلغ 25، وبيانات الدهون الغذائية من منظمة الأغذية والزراعة. ووجد الباحثون ارتباطا متوسطا بين النسبة المئوية للمرضى المصابين بالتهاب البنكرياس الحاد الشديد، وتناول الدهون غير المشبعة. ولكنهم لاحظوا أيضا أن شكلا حادا من هذا المرض يحدث لدى الأفراد ذوي مؤشر كتلة الجسم المنخفض في البلدان التي تستهلك طعاما يحتوي على عدد أقل من الأحماض الدهنية المشبعة. ووفقا للفريق، تؤدي الدهون الحشوية (المخزنة حول أعضاء البطن) التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون غير المشبعة، إلى إنتاج المزيد من الأحماض الدهنية غير الأسترية (NEFAs). وتؤدي هذه NEFA إلى إصابة الخلايا والالتهاب الجهازي وفشل الأعضاء حتى لدى الأفراد ذوي مؤشرات كتلة الجسم المنخفضة نسبيا (BMIs). وفي المقابل، تتداخل الدهون الحشوية ذات المحتوى العالي من الدهون المشبعة مع إنتاج هذه الأحماض الدهنية، ما يؤدي إلى التهاب البنكرياس الأكثر اعتدالا. ثم أجرى الباحثون تجارب أخرى على الفئران في المختبر. ولاختبار كيفية تأثير تكوين الدهون على نتائج التهاب البنكرياس، قام الباحثون بتغذية الفئران إما بنظام غذائي غني بحمض اللينوليك (حمض دهني غير مشبع) أو حمض البالمتيك (حمض دهني مشبع). وعندما تسبب الباحثون في التهاب البنكرياس في الفئران، نجا 10% فقط من التي اتبعت نظام حمض اللينوليك بعد ثلاثة أيام. وهذا بالمقارنة مع 90% ممن تتبع حمية حمض البالمتيك. ووجد الباحثون أن الدهون المشبعة لا تتفاعل بشكل إيجابي مع إنزيم الليباز ثلاثي الغليسريد في البنكرياس. وهذا يؤدي إلى انخفاض إنتاج NEFA طويلة السلسلة الضارة. ويقول الباحثون: “لذلك، فإن تشبع الدهون الثلاثية الحشوي يقلل من السمية الدهنية الناتجة، على الرغم من ارتفاع السمنة، ما يفسر مفارقة السمنة”. ولاحظ الفريق أن العوامل الأخرى التي لم يدرسوها، مثل الجنس والخلفية الجينية ووجود أمراض أخرى، قد تساهم أيضا في معدلات التهاب البنكرياس الحاد لدى البشر. وفي عام 2019، طعن فريق من العلماء في توصية منظمة الصحة العالمية للناس بتقليل الدهون المشبعة. وفي مقالهم المنشور في المجلة الطبية البريطانية، جادلوا بأن تجنب الدهون المشبعة تماما بدلا من التفكير في التأثير الصحي العام للأطعمة، قد يعني فقدان العناصر الغذائية المهمة. وانتقد الباحثون منظمة الصحة العالمية لتوصيتها الناس بتقليل الدهون المشبعة بدلا من أن تكون أكثر تحديدا.

مشاركة :