الأنبا إرميا: وثيقة الأخوة الإنسانية مستمدة من الكتب السماوية

  • 2/4/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطي الأرثوذكسي، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، استطاعت وثيقة الأخوَّة الإنسانية أن تقدِّم للعالم ما يحتاجه ليقف مع نفسه وقفة حقيقية لإعادة تقييم الأطروحات والنظريات والرؤى التي ألهبت هذا الكوكب، وجعلته مكانًا للصراعات والحروب؛ فصاغت رؤية لعالم تعيش شعوبه في ظل السلام وحرية المعتقد والرأي بلا عنف أو تمييز ديني أوطائفى أو عرقي أو جنسي.وأضاف الانبا إرميا خلال كلمته التي نشرتها مجلة حكماء المسلمين الصادرة اليوم الخميس، ففى المسيحية قال: «فخلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ »، وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ » (تكوين ١: ٢7 – ٢٨)، وحينما أخطأ البشر وتعدوا وصايا الله جلب الله الطوفان على الأرض، وأنقذ نبيه نوحًاوأسرته منه، ومن هنا تفرَّعت جميع قبائل الأرض وشعوبها، وهكذا يكون جميع البشر في العالم أعضاء أسرة واحدة وإن اختلفوا أو تنوَّعوا.وتابع الانبا إرميا: هذا التنوُّع بين البشر يعلِّمنا كيفية العيش المشترك، وقد كشفت الأبحاث عن فائدة هذا التنوُّع للعالم كله؛ فنحن نتحدث جميعًا بالإيمان بالله؛ فكل من يؤمن بالله يدرك أهمية الدور الذي خلق الله الإنسان لأجله، وأعطاه من صفاته العدل والرحمة والمحبة، وإن كانت هذه الصفات كاملة عند الله-سبحانه وتعالى- ومحدودة في الإنسان.وأستطردالانبا إرميا، وفى الإسلام قال: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِ ا لَْرْضِ خَلِيفَةً »(البقرة: ٣٠)، ولهذا الخليفة دور في إعمار الأرض، وصنع الخير والسلام مع إخوته في هذا الكون، وحينما استباح الأخ قتل أخيه تعالت صرخات الدم أمام الله؛ فقال -كما جاء في سفر التكوين- للقاتل: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخ إِليََّ مِن الأرَضِْ. فاَلآنَ مَلعُْونٌ أنَتَْ مِن الأرَضِْ التَِّي فتََحَتْ فاَهاَ لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ. مَتَى عَمِلْتَ الأَرْضَ لاَ تَعُودُ تُعْطِيكَ قُوَّتَهَا. تَائِهًا وَهَارِبًا تَكُونُ فِي الأَرْضِ » (تكوين ٤: ١٠- ١٢).ففى كل زمان ومكان حينما يتخطَّى الإنسان إنسانيته، ويتخطَّى الإنسان إخوته في البشر، لا يجد سوى اللعنة والتِّيه في الحياة، وهذا ما يشهده العالم حاليًا من القلق والاضطراب وفقدان السلام.وجاء أيضًا في المسيحية: «لا تقتل » (خروج ٢٠: ١٣)، و«ابتعد عن كلام الكذب ولا تقتل البريء... » (خروج ٢٣: ٧)، وهكذا جاء أيضًا في الإسلام: «مِنْ أَجْلِ ذلَِكَ كَتَبْنَا عَلىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرَْضِ فَكَأَنََّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنََّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا » (المائدة:32 )، وقوله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِ لَّا بِالَْحقِّ » (الإسراء:٣٣).. هذا ما نصَّت عليه الأديان؛ أن الجميع متساوون في كل شيء؛ في الواجبات والالتزامات، كما ورد في القرآن الكريم والكتاب المقدس.وتابع الانبا إرميا: إن الوثيقة ممتلئة بالتعاليم الدينية المستمدَّة من الكتب السماوية؛ مما يجعلنا ندرس هذه الوثيقة، ونعي كل سطر فيها؛ لأنه متأصِّلٌ من الكتب السماوية، والتعاون بين البشر في هذا الوقت الحرج في غاية الأهمية، وقد أكدت الأديان ذلك؛ فجاء في الكتاب المقدس: «اثنان خير من واحد »، وجاء في القرآن:«وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الِْاثْمِ وَالْعُدْوَانِ »؛ فإن التعاون معًاهو الهدف من الوثيقة، حتى ينتصر الخير والبناء والتعمير، وهو ما نسعى إليه جميعًا لنتجنب أي مشكلات في العالم، ومن أهداف هذه الوثيقة التعرُّف على صفات إخوتنا في الإنسانية وعاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم ومعتقداتهم وثقافاتهم؛ لننشر المودة والرحمة، ويوجد من الصفات الإنسانية ما يجعل من تواصل البشر أعظم الأثر في الحياة، ومن أجل استقرار الأوطان والمجتمعات؛ فالقرآن الكريم يقول: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ »، ونلاحظ جيدًا أنه قال:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ »، ولم يقل: يا أيها المؤمنون، أو: يا أيها المسلمون، إنما قال:«الناس »؛ حتى تكون الدعوة للناس جميعًا.وأختتم الانبا إرميا، لذلك من الضروري نشر ثقافة التعارف والتسامح والرحمة بين الجميع لوقف ما يحدث من حروب وصراعات بين الإنسانية، فقد أكدت المسيحية بث روح المحبة والتعايش من أجل تحقيق السلام العالمي، ورفض الكراهية والعنف والتطرف والقتل، وطالبت بصنع السلام ونهت عن الكراهية، والإسلام دعا لتبادل المحبة مع الغير وعدم استباحة القتل، وإنما جعل القتل فقط لرد المعتدي؛ فهذه الوثيقة جاءت لتؤكد دورنا -نحن رجال الدين الإسلامي والمسيحي- في مواجهة الإرهاب.

مشاركة :