زخرت الساحة المسرحية في الإمارات بالعديد من الفرق والأسماء التي أسهمت عبر نشاطها وجهودها في تطوير الحراك الثقافي وجعله يتقدم ويتبلور ويكون بصمته الخاصة، ومن العروض التي تركت آثراً وشكلت عبر اشتغالاتها أفقاً جديداً مهد لتمظهرات مسرحية واعدة وخلاقة، مسرحية اللعبة التي قدمتها فرقة مسرح خورفكان الشعبي في عام 1983، على خشبة مسرح قاعة إفريقيا في الشارقة، وهي علامة فارقة لمسرح خورفكان الشعبي عبر الجهود الجماعية الكبيرة التي بذلت لتقديم هذا العمل بشكل جيد على مختلف الصعد سواء في النص أو الإخراج أو التمثيل أو السينوغرافيا. اللعبة من تأليف رباعي: الأمين جماع، علي الشالوبي، أحمد عبد الرزاق، راشد خلفان، وإخراج الأمين جماع، ديكور: أحمد محمد علي، موسيقى: حسين خميس، تمثيل: محمد عبد الله إسماعيل، جمعة صالح، حسن مصطفى تنتمياللعبة إلى المسرح المباشر الذي يزاوج بين الفن والقضية، فالبعد السياسي في المسرحية واضح، حيث إنها تطرح لعبة الحرب والشتات وتكشف الوجه المعتم للخلاف والتجزئة والفرقة. وبقالب هزلي تطرح المسرحية تناقضات الحياة ممثلة بالمقولة الشكسبيرية: ما الحياة إلا المسرح العريض وكل منا له دوره فلنمثل، كل شيء بدا في المسرحية لعبة: فالممثل يخاطب الجمهور ويلج الصالة ويتعامل مع المتفرج كجزء من اللعبة والخشبة، حيث كان الزمن المسرحي متداخلاً مع الزمن الواقعي. كما استفاد النص من البيئة وأشكال الفرجة والاحتفال الشعبي ليطرح من خلالها قضايا حياتية، وظل النص بسيطاً وسهلاً وعميقاً في مضامينه وإشاراته ورموزه، كذلك جاء الديكور والملابس والأكسسوار بسيطاً ومعبراً. وكان جماع موفقاً في خياراته الإخراجية، مما أعطى فرصة للتألق الجماعي والفردي، الأمر الذي يدلل على فهم المخرج لطبيعة كادره وإمكاناته المعرفية والتقنية، واستغلال نقاط القوة فيهم وتلافي نقاط ضعفهم. المسرحية تميزت بالحوارات المطولة والجمل الخطابية، ووقعت في مطب التراخي والتمدد في الإيقاع، وذلك نتيجة الطبيعة الارتجالية في العرض، والتي تخلق مثل هذا النوع من المشاكل الفنية، كما كان الحوار في بعض لا يخدم الصراع الدرامي، وإن كانت طبيعة هذا الصراع مكشوفة ومعروفة من قبل المتلقي سلفاً، إلا أنه كان من الواجب إحكام هذه الأمور. ويحسب للمسرحية الموسيقى الناجحة التي توافقت مع المشاهد وأعطت إحساساً أعمق بمضمون النص، كما كان المشهد الختامي مميزاً من ناحية الصوت الجماعي للفرقة الذي ملأ أرجاء المسرح، وأعطى أملاً وتفاؤلاً في المستقبل المقبل. ورغم كل شيء تبقى مسرحية اللعبة من أبرز العروض التي اجتمع فيها جهد جماعي مميز، وكانت انطلاقة لمرحلة العمل الجماعي في المسرح الإماراتي.
مشاركة :