نيويورك - طلب مجلس الأمن الدولي الخميس من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نشر مجموعة أولى من المراقبين للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار في ليبيا، بحسب ما جاء في رسالة وجهها المجلس لغوتيريش، فيما يهدف الإجراء أيضا للضغط من أجل دفع تركيا لسحب آلاف من المرتزقة كانت نشرتهم في غرب ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني وينطبق الأمر أيضا على روسيا المتهمة بدعم قوات شرق ليبيا بفرق من المرتزقة.وأضافت الرسالة التي جرى التفاوض بشأنها لأكثر من أسبوع "في وقت يدرس فيه أعضاء مجلس الأمن توصيتكم لتعديل تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يطلب الأعضاء منكم أن تشكلوا وتنشروا على وجه السرعة طليعة" من مراقبي وقف إطلاق النار في ليبيا.ويشير المجلس في رسالته إلى أنه ينتظر خلال 45 يوما كحدّ أقصى تقريرا حول التحضيرات التي يجريها فريق المراقبين هذا وكذلك اقتراحاته العملية لتعديل تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وتنفيذ عملية مراقبة ينبغي أن يكبر حجمها بشكل تدريجي وتتوسع جغرافيا.وفي تقرير في نهاية 2020، دعا غوتيريش إلى إنشاء فريق مراقبين غير مسلحين بدون تحديد عددهم، يكون مؤلفا من مدنيين وعسكريين متقاعدين متحدرين من دول أعضاء في الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية. ويجري نشر المراقبين بالتوافق مع الأطراف الليبية.وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره عن "أسس آلية قابلة للتطوير لمراقبة وقف إطلاق النار من جانب الأمم المتحدة المتمركزة في سرت"، مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وبعد ذلك، يُفترض أن تمتدّ عملية المراقبة لتشمل كل أراضي البلاد.وأوضح دبلوماسيون أن طليعة فريق المراقبين ينبغي أن تتضمن حوالي ثلاثين شخصا. وسيشرف المراقبون الدوليون على تطبيق الاتفاق الموقع بين طرفي النزاع في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 لوقف إطلاق النار وهو يسري منذ الخريف والتأكد من مغادرة المرتزقة والعسكريين الأجانب ليبيا.وفق الأمم المتحدة، يوجد في ليبيا حتى بداية ديسمبر/كانون الأول 20 ألف مرتزق وعسكري أجنبي ولم يسجل منذ ذلك الوقت أي دليل على مغادرتهم البلاد، بينها آلاف المرتزقة من ميليشيات سورية متطرفة دفعت بهم تركيا إلى غرب ليبيا دعما لقوات وميليشيات حكومة الوفاق في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.وتطلبت المفاوضات في مجلس الأمن الدولي حول الرسالة التي بُعثت إلى غوتيريش وقتا، فيما أوضح دبلوماسيون أن ذلك عائد إلى مطالبة روسيا بتعديلات عديدة من بينها التنصيص على نشر طليعة المراقبين في ليبيا وليس في طرابلس كما كانت تنص النسخة الأصلية.واعتبر دبلوماسي طلب عدم ذكر اسمه أن تلك المطالب تعكس حرصا على مغادرة القوات التركية والمرتزقة الروس بشكل متزامن، وليس مغادرة هؤلاء الأخيرين فقط.وطلبت الولايات المتحدة نهاية يناير/كانون الثاني "من تركيا وروسيا الشروع فورا في سحب قواتهما" من ليبيا، وقد تبنى مجلس الأمن بالإجماع بيانا دعا إلى "انسحاب جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا بلا تأخير".وبموازاة النقاشات العسكرية بين طرفي النزاع الليبي لضمان تواصل وقف إطلاق النار، تدور محادثات سياسية في جنيف لتشكيل حكومة وحدة ومجلس رئاسي جديدين يقودان البلد حتى تنظيم انتخابات عامة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.وفي أحدث تطورات المسار السياسي، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري الذي سبق وأن أعلن استقالته من جماعة الإخوان المسلمين، انسحابه من الترشح لرئاسة أو عضوية المجلس الرئاسي في الحوار السياسي الجاري بجنيف حاليا.وقال المشري في تصريح لقناة الجزيرة القطرية "قررت الانسحاب من الترشح للمجلس الرئاسي في ليبيا لإتاحة الفرصة لتوافق أكبر وترك الفرصة لوجوه جديدة"، دون ذكر تفاصيل أكثر.لكن يبدو أن انسحاب المشري تكتيكي ضمن جهود إعادة التموقع وليس ضمن الحرص على توافق أكبر ينهي أزمة الترشحات للمجلس الرئاسي.وقد يكون انسحاب المشري مدروسا لإتاحة الفرصة لأسامة الجويلي (اخواني) للفوز برئاسة أو عضوية المجلس الرئاسي.وبدأ ملتقى الحوار السياسي الليبي (يضم 75 عضوا، تقوده الأمم المتحدة) الثلاثاء في جنيف، عملية التصويت على المرشحين لعضوية المجلس الرئاسي، فيما يصوت لاحقا على منصب رئيس الحكومة.وأعلنت الأمم المتحدة اللجوء إلى تشكيل قوائم للمرشحين بعد عدم حصد أي منهم النسبة المطلوبة من الأصوات والمحددة بـ70 بالمئة، وفق آلية المجمعات الانتخابية للأقاليم الليبية الثلاثة طرابلس وبرقة وفزان.وكان المشري من أبرز المرشحين لرئاسة وعضوية المجلس الرئاسي، فيما بقي أبرز المرشحين بعد انسحابه وزير الدفاع صلاح النمروش وآمر المنطقة العسكرية الغربية بالجيش، أسامة الجويلي (اخواني).إضافة إلى رئيس مجلس نواب طبرق (شرق) عقيلة صالح الداعم للجيش الوطني الليبي وللحكومة المؤقتة في شرق البلاد.وفي يناير/كانون الثاني الماضي، اعتمد أعضاء ملتقى الحوار آلية اختيار ممثلي السلطة التنفيذية عبر تشكيل قوائم في حال عدم حسم التصويت عبر مجمعات الأقاليم.ووفق تلك الآلية، يتم تشكيل قوائم من الأقاليم مكونة من 4 أشخاص على أن تحصل على 17 تزكية (8 من الغرب و6 الشرق و3 الجنوب)، لتصبح القائمة جاهزة للتصويت عليها في القاعة.وتفوز القائمة التي تحصد 60 بالمئة من أصوات القاعة بالجولة الأولى وإن لم تحصل أي من القوائم على تلك النسبة، تتنافس في جولة ثانية القائمتان الحاصلتان على أعلى نسبة وتفوز الحاصلة على 50+1.وتكون السلطة التي سينتخبها ملتقى الحوار مؤقتة وتتولى تسيير شؤون ليبيا وتمهد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل على أمل إنهاء النزاع القائم منذ سنوات.
مشاركة :