ليس بجديد سياسية الإهمال الطبي المتعمد التي ينتهجها كيان الاحتلال ضد أسرانا البواسل القابعين خلف القضبان منذ اغتصاب فلسطين إلى يومنا هذا وحتى مع انتشار فيروس كورونا، وهذه الممارسات البربرية واحدة والهدف منها كسر إرادة الأسرى ومساومتهم على وضعهم الصحي بالتخلي عن النضال لتحرير وطنهم من رجس الاحتلال وفق ما أقرته الشرائع السماوية و القوانين والأعراف الدولية المنصوص عليها في الأمم المتحدة. لكن إرادة الأسرى البواسل لا تعرف الكلل ولا الملل برغم كل ما يعانوه من سجان لا يعرف الرحمة ووباء تفشى بالعالم أجمع وحتى في سجونهم ومرض يفتك بأجسامهم وكل ذلك يهون عندهم لأجل حرية شعبهم وطرد الاحتلال عن أرضهم المغتصبة ، والتي لا يمكن التفريط بذرة تراب واحدة منها مهما طال أمد الاحتلال لأنه في نهاية الأمر هذا الاحتلال سيندحر ويبقى شعبنا صاحب الأرض. ونتيجة سياسية الإهمال الطبي المتعمد استشهد العشرات من الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الإحتلال نتيجة إصابتهم بأمراض مزمنة تتطلب إلى العلاج في الخارج، حيث تتعمد سلطات الاحتلال عدم الإفراج عنهم للعلاج في المشافي الفلسطينية أو حتى الخارجية و ابقاءهم في الأسر معرضين حياتهم وصحتهم للخطر ضاربين بعرض الحائط كل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية والتي تحرم على الدولة المحتلة عدم تقديم العلاجات للأسرى وترقى إلى جرائم الحرب وهناك العشرات من الأسرى المرضى الذين يرزحون في سجون الاحتلال دون تقديم أي من العلاجات اللازمة لهم ما يؤدي إلى تزايد الأمراض وانتشارها في أجسادهم، وكم من أسير قد استشهدو جراء هذه الجرائم اليومية المرتكبة بحقهم. و أود أن أذكر هنا حالة الأسير حسين مسالمة المحكوم 20 عاما، والذي أعياه وأنهكه مرض سرطان الدم وتوصف حالته بالخطرة، وتمتنع إدارة سجون الاحتلال عن الإفراج عنه ليتلقى العلاج ، مع أنه قد أُسر عام 2002 أي أنه قد أمضى من محكوميته 18 عاما، ومع ذلك تتعنت سلطات الاحتلال تقديم العلاج اللازم له، وتُصر على بقائه في الأسر، هو وأربعين أسير توصف حالاتهم بالمستعصية وهم بحاجة لعناية طبية دائمة ، حيث كفلت اتفاقية جنيف الرابعة في المواد (76) و(85) و(91) و(92) حق الأسرى بتلقي الرعاية الطبية الدورية، وتقديم العلاج اللازم لهم من الأمراض التي يعانون منها، وتنص على وجوب توفير عيادات صحية وأطباء متخصصون لمعاينة الأسرى، حيث تتنصل سلطات الاحتلال من التزاماتها بموجب المواثيق الدولية مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية للأسيرات والأسرى. ومنذ بدء انتشار وباء “كورونا” في العالم لم تتخذ ادارة السجون التدابير اللازمة وإجراءات السلامة والوقاية الضرورية داخل السجون، ولم توفر مواد التعقيم والتنظيف لحماية الأسرى من خطر الاصابة بفايروس “كورونا”، كما ولم تغير في النظام الغذائي المتبع في السجون ولم تقدّم أنواعًا جديدة من الأطعمة لتقوية المناعة لدى الأسرى المرضى، مما زاد و فاقم من حدة القلق لدى الأسرى وذويهم، في ظل استمرار الاكتظاظ الكبير داخل السجون وقلة التهوية والمساحة الصغيرة للغرف والأقسام داخل السجون والتي تعد مكانًا مثاليًّا لانتشار الأمراض والأوبئة، كما أن سلطات الاحتلال كانت قد اتخذت قرارًا بوقف زيارات الأهل والمحامين بسبب جائحة “كورونا”، فيما لم توفر آليات تواصل بديلة مما فاقم من درجة القلق والتوتر لدى الأسرى وعوائلهم في ظل استمرار تفشي الفيروس وتزايد أعداد المصابين ، وبعد رضوخ سلطات الاحتلال أخيراً للضغوط الدولية وإعلانها أنها ستقدم اللقاح للأسرى في السجون الإسرائيلية بعد تقديمه لمسؤولي السجون، والطريف أن تبرير هذه الموافقة جاء من باب التخوف من نشر المرض وانتقاله من الأسرى إلى السجانين ومنهم إلى خارج السجون فقط، لا من باب الواجب القانوني والإنساني . و أخيراً ان أسرانا البواسل لن تزيدهم هذه الجرائم سوى التشبث بحقوقهم الوطنية الثابتة في الحرية وتحرير فلسطين والعودة وتقرير المصير واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإن الاحتلال مهما طال أمده ومهما تآمر على شعبنا هو ومن يدعمه ويطبع معه، فإن مصيره إلى مزابل التاريخ ، لأن البقاء للشعوب المناضلة وشعبنا هو شعب صامد وقدم التضحيات الجسام وعلى استعداد لتقديم المزيد فداء لفلسطين ، وان الخزي والعار في نهاية المطاف هو لكيان الاحتلال ومناصريه والمطبعين، فشعبنا لن يهزم ولن يرفع الراية البيضاء لأن ذلك حتمية تاريخية مؤمنين بها حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.
مشاركة :