نشرت مجلة «فورين أفيرس» الأمريكية تقريرًا حول ضرورة اهتمام الإدارة الجديدة بحقوق الإنسان في إيران، وليس فقط بالملف النووي.وبدأ التقرير بالقول: إنه نظرًا إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يحدد مسارًا لسياسة أمريكية جديدة تجاه إيران، فمن الأفضل أن يضع حقوق الإنسان في قلب الأجندة الأمريكية.وترى المجلة أن إيران غذت «الدول الضعيفة والفاشلة بجهات فاعلة وشبه مدمرة»، في إشارة إلى الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ووصفتهم المجلة بـ«الحركات الراديكالية وغير الوطنية».السلام والأمنوتوضح المجلة: «ببساطة فإن السلام والأمن على مستوى الدولة لا ينفصلان عن السلام والأمن على المستوى الإقليمي، وكلاهما يعتمد على الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات المدنية والسياسية الأساسية التي هي في نهاية المطاف انعكاس لسيادة القانون».ففي عهد الرئيس السابق دونالد ترامب أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، لكن ذلك لم يغير شيئًا في الواقع، وفقًا للمجلة.والتزم الدبلوماسيون الأوروبيون الصمت إلى حد كبير بشأن هذه القضية، وانصب تركيزهم على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 ومحاولة منع انهيار الاتفاق.وتقول المجلة: «لدى الإدارة الجديدة في واشنطن الفرصة لمعالجة وضع حقوق الإنسان المتدهور في إيران، ويجب أن يكون هذا الملف ضمن دائرة الاهتمام».وطرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الإثنين توسط الاتحاد الأوروبي بين طهران وواشنطن لإنقاذ الاتفاق وإيجاد آلية «متزامنة» لتنسيق خطواتهما.ورد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس الثلاثاء بأن واشنطن ترى أنه من المبكر الموافقة على الاقتراح.سنوات مظلمةوكانت السنوات الأربع الماضية مظلمة بالنسبة إلى حقوق الإنسان في إيران، وفقًا للمجلة، وتصاعد الاستياء الشعبي من تدهور الأوضاع الاقتصادية والقمع المستمر منذ نوفمبر 2019، حين حصلت واحدة من أخطر عمليات القمع التي شهدتها البلاد منذ عقود.ولسحق المتظاهرين استخدمت قوات الأمن «العنف العشوائي المميت»، وأصدر القضاء أحكام سجن قاسية بحق محامين ونشطاء حقوق الإنسان بعد محاكمات جائرة، وأصدرت أحكام إعدام بالجملة على متظاهرين ومعارضين.ومع ذلك لا يزال العالم يركز على الملف النووي فقط، ويصوره على أنه القضية الأولى التي يجب حلها مع إيران. وهذا الرأي يتجاهل الصلة بين حقوق الإنسان و«المخاوف الأمنية»، بما في ذلك انتشار الأسلحة النووية.وأثارت حملة إعدامات قامت بها طهران موجة استنكار واسعة في العالم امتدت من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، لكن رئيس النظام حسن روحاني استبعد أن يضرَّ ذلك بالعلاقات مع أوروبا.الملفات الإيرانيةووفقًا للمجلة «يمكن للولايات المتحدة أن تحقق بشكل أكثر فعالية جميع مصالحها الإستراتيجية الرئيسة فيما يتعلق بالملفات الإيرانية، ومنها السلاح النووي والصواريخ والصراع الإقليمي والإرهاب وأسواق النفط، وذلك من خلال منح حقوق الإنسان مكانة مركزية في سياستها الخارجية».وتقول المجلة: إن «حماية الحقوق والحريات المدنية الأساسية يعزز الحكم الرشيد، والحكم الرشيد بدوره يعزز الاستقرار الداخلي، ومع حرية التعبير وسيادة القانون، يمكن مساءلة المسؤولين».والأسبوع الماضي، أدان مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مزاعم عن تنفيذ إيران 28 إعدامًا بحق أشخاص من بينهم عدد من المسجونين من أقليات في البلاد.وكثيرًا ما تواجه إيران انتقادات من هيئات عالمية ومنظمات غربية تدافع عن حقوق الإنسان فيما يتعلق بسجلها في مجال حقوق الإنسان وبأعداد الإعدامات المرتفعة، حيث تشهد أعلى نسبة إعدامات في العالم بعد الصين وفقًا لمنظمة العفو الدولية، وترفض طهران بدورها تلك الانتقادات واصفة إياها بأنها لا أساس لها وتفتقر إلى الفهم الصحيح لقوانينها.وتختم المجلة بالقول: إن احترام حقوق الإنسان الخطوة الأولى نحو إصلاح سياسي حقيقي في إيران.ابتعاد طهرانمن جانبها، اتهمت الولايات المتحدة، الأربعاء، إيران بالابتعاد بشكل عميق عن التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي المبرم عام 2015.جاء ذلك في تصريحات أدلى بها، نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي تناول خلاله عددًا من القضايا الراهنة على الساحة.وقال برايس: إن إيران ابتعدت بشكل عميق عن التزاماتها الواردة بالاتفاق النووي، مضيفًا: «سنتشاور مع شركائنا وحلفائنا بشأن ما إذا كان سيتم تخفيف العقوبات المفروضة عليها أم لا».في الوقت نفسه ذكر برايس أن إدارة بايدن، مستعدة للعودة إلى الاتفاق، مشددًا على أن ذلك مرتبط بضرورة التزام طهران بشروط الاتفاق أولًا.وفي وقت سابق، طالب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، المبعوث الخاص بشأن إيران روبرت مالي، بتشكيل فريق لتقديم مقترحات حول خطوات واشنطن المقبلة تجاه طهران.وحذر الوزير بلينكن مؤخرًا، من قرب امتلاك إيران قنبلة نووية مع استمرارها خرق الاتفاق النووي.وأعلنت إيران في يناير 2020، تعليق جميع تعهداتها الواردة بالاتفاق النووي، ردًّا على اغتيال واشنطن، قبلها بأيام، قائد ما يعرف بـ«فيلق القدس» قاسم سليماني، ونائب رئيس ميليشيا «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس، وآخرين في قصف جوي بالعاصمة العراقية بغداد.وفي مايو 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الموقع في 2015، بين إيران ومجموعة (5+1)، التي تضم روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفرضت على نظام الملالي عقوبات اقتصادية.وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.
مشاركة :