دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ* وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ - وفاء سعيد الأحمري

  • 2/7/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نظرية العلاج المعرفي السلوكي أو ما يسمى (Cognitive Behaviour Therapy) أسسها الدكتور آرون تي بيك (Dr. Aaron T. Beck) في الستينات ميلادية (1960)، بينما كان طبيبًا نفسيًا في جامعة بنسلفانيا. العلاج السلوكي هو علاج بالكلام وتصحيح فكرة وسلوك، يمكن أن يساعدك في إدارة مشاكلك من خلال تغيير طريقة تفكيرك وتصرفك. في السنوات الأخيرة تمت دراسة العلاج المعرفي السلوكي وأثبت فعاليته في علاج مجموعة متنوعة من الاضطرابات. وقد أثبتت أكثر من 2000 دراسة فعاليتها في علاج الاضطرابات النفسية والمشاكل النفسية والمشاكل الطبية ذات المسبب النفسي. وهي تعتبر أسلوب حياة لتصحيح مسارك وطريقة ذات نتائج ملموسة عند تطبيقها بشكل صحيح. يعتمد العلاج المعرفي السلوكي على مفهوم أن أفكارك ومشاعرك الجسدية وأفعالك مترابطة، وأن الأفكار والمشاعر السلبية يمكن أن تكرر في هذه الحلقة. مثلا هناك فكرة ومعتقد ينتج عنه مشاعر ويؤدي إلى سلوك ظاهر الذي هو الحدث الحالي أو المرض الذي تشتكي منه. حتى أن الطبيب والكاتب الامريكي ديباك شوبر اDeepak Chopra)) في كتابه «جسد لا يشيخ» يقول إن (كل خلية بداخلك تتأثر بحديثك الداخلي، وأول خطوة في رحلة الشفاء حديثك لنفسك). بمعنى شفائك أيا كان داؤك روحيا أم جسديا يتأثر ببرمجتك وأحساسيك. لتعرف كيف تعمل هذه النظرية قم باسترجاع حدث جيد وآخر غير جيد وتذكر ماذا كانت معتقداتك ومشاعرك تجاه الهدف أولا، وما هي الأفكار التي كانت تدور في مخيلتك. وعلى هذا الأساس فإن السلوك ناتج أفكارك اللاواعية، قد نسميها مجازيا لتبسيط الفكرة (هواجيسك). في أبيات شعر للإمام علي رضي الله اختصرت هذه النظرية وكيفية التطبيق. دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ فَأَنتَ الكِتابُ المُبينُ الَّذي بِأَحرُفِهِ يَظهَرُ المُضَمَرُ وَما حاجَةٌ لَكَ مِن خارِجٍ وَفِكرُكَ فيكَ وَما تُصدِرُ الحل الذي هو الدواء مصدره أنت وما تعتقده من أفكار في عقلك. وأيضا في الذي تبصره والذي تحيط نفسك به من أفكار وبرمجة لا واعية، وهنا يظهر أهمية أن تتواجد في البيئة الداعمة والمكان المناسب المتناغم مع أهدافك. وتركز دائما بأن تتخيل وترى الذي تريد الحصول عليه قبل أن يتحقق من باب التحفيز للعقل والمشاعر تجاه ما تنوي الحصول عليه. والمشكلة التي هي الداء منك ومما تحمل من أحاسيس التي هي في الأصل نتاج الفكرة المسبقة المبرمج عليه عقلك، لذلك ابدأ من الداخل لينعكس في الخارج في أي تغير تريد القيام به، حتى لمعالجة أي مرض راجع أفكارك ومتعقداتك تجاه فعالية الدواء أو تجاه الشفاء من المرض، وفي الأبيات أيضا إشارة إلى عظمة الإنسان إنه انطوى فيك عالم كوني بأكمله، ومن خلال أفكارك أنت تتفاعل مع الوجود والكون وهذه من قوانين وأسرار الخالق وإبداعه في جعلك أيها الإنسان تتفاعل مع عالمك عن طريق ما تؤمن به، وهذا سر من أسرار الوجود والحياة. وأن كل روح في هذا الوجود هي كيان متفرد له دور ورسالة في الحياة. كما ذكر شمس الدين التربريزي في مقولة له (أنت جزء من سمفونية الكون قد تكون مستمعا أو عازفا). تأكيد ان كل روح لها ثقل ودور مهم تقوم به سواء مستمعا ينفذ أم عازفا ينتج، كلاهما يحتاجه الكون ولا تناغم للحياة بدون المستمع والعازف. ولكل من يشعر بالاكتئاب وانخفاض مستوى الاستحقاق، عليك استشعار أهميتك وأهمية دورك مهما كنت تراه صغيراً. وتذكر أنك كتاب واضح كما ذكر في الأبيات أعلاه ولا تحتاج لأي محفز خارجي لتحسين وضعك لأن الحل ببساطة يكمن في داخلك. فكر في كينونتك وجوهرك وقوم داخلك وسيكون جليا في عالمك وما تبصره. ** ** محاضرة بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن - باحثة دكتوراه - المملكة المتحدة

مشاركة :