العدالة في تطبيقات النسب المئوية للدعم 2-2

  • 2/8/2021
  • 01:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

فكرة تجزئة الرواتب إلى فئات واعتماد نسبة مئوية لكل فئة منها، تلزم الإقرار بوجود شيء من الظلم على أولئك الأفراد الذين يأتون في حواف الفئات. إذ تشملهم الفئة التي هم عليها لمجرد فارق يسير في رواتبهم عن الفئات السابقة عنهم قد يصل إلى دينار واحد فقط، رغم أن رواتبهم تلك قد تفرق كثيرًا عمن هم في ذات الفئة التي تشملهم، وأن هؤلاء الأفراد سيخسرون مبلغًا من العلاوة المحتسبة هو أكبر من الفارق الذي في رواتبهم.وإذا ما كان الأمر على هذا المنوال هو اجتهاد خاطئ قد اكتنفته تلك السلبيات، إلا أنه ليس بالأمر الحتمي الذي لا مناص منه ولا بديل عنه، بل يظل اجتهادًا يستدعي التدخل للتعديل بفكرة أكثر عدالة وانصافا، وبالتالي يلح التساؤل عن سبب عدم التدخل والقيام بالتعديل المطلوب والذي من شأنه التخلص من تلك السلبيات، خاصة مع إمكانية ذلك التعديل بعد ما تبين سبب قيام تلك السلبيات كتشخيص واقعي وسليم للحالة القائمة. فلقد اصبح من الواضح أن السبب هو اعتماد الرواتب كفئات للقياس واستبعاد احتسابها كوحدات منفصلة تقع على كلٍ منها - منفردة كذلك- آثار النظام المطبق، ولذا فإن اعتماد النسبة المئوية لاحتساب الدعم للرواتب والدخول يجب أن يقيد إذن بما تفرضه حقيقة الأمر المقاس عليه، وهو تلك الرواتب والدخول على الوجه الذي تم بيانه عن حقيقتها وطبيعتها كمقومات أساسية للحياة والمعيشة. وهو ما يفرض تناولها كوحدات منفصلة وليس التعامل معها على أساس ما تُزَج فيه من فئات لا فرق في كل منها بين من هو في أعلى تلك الفئة ومن هو في أدناها.وطالما كان ذلك التعديل هو متطلب العدالة في التوزيع، فلا بد من أن تكون مخرجاته متناغمة مع حقيقة كل راتب أو معاش على حدة، فيتحقق منه زيادة الدعم كلما قل الراتب أو المعاش، وانخفاض الدعم كلما زاد الراتب أو المعاش على ألا يؤثر ذلك في الدخول النهائية. ومع الاعتقاد بإمكانية وجود أكثر من طريقة للتعديل المطلوب فإن هذا الطرح يمكن تحقيقه مثلاً باعتماد نظرية حسابية خاصة كفيلة بالحد من سلبيات وعيوب نظام الفئات المطبق حاليًا، إضافة على ما تحققه من عدالة مطلقة فيما بين أصحاب الرواتب والمعاشات وذلك بتطبيق المعادلة التالية:(مبلغ الحد الأعلى للراتب أو المعاش ÷ مبلغ الراتب أو المعاش) x (معامل ثابت ÷ مبلغ الراتب أو المعاش) = النسبة المئوية المعتمدةوالمعامل الثابت هنا هو رقم تعتمد عليه آلية التحكم في النسبة المئوية المستهدفة، ويرتبط معها في علاقة طردية. فسواء قيس الأمر على المستوى الأعلى أو المتوسط أو الأدنى للراتب أو المعاش سنجد أنه كلما كبرت قيمة المعامل الثابت كبرت النسبة المئوية، وكلما صغرت قيمة المعامل الثابت صغرت تلك النسبة.وتطبيقًا لهذه النظرية ومعادلتها الحسابية على معاشات التقاعد مثلاً، وبفرض أن الحد الأعلى لمعاشات التقاعد هو 4000 دينار، وأن المعامل الثابت الذي يحقق النسبة المئوية المستهدفة هو 500، وباعتماد آلية جبر الكسور إلى أقرب كسر مئوي، فإن نتائج احتساب النسبة المئوية المطبقة على المعاشات بموجب هذه النظرية ستكون كما بالجدول التالي: الراتب أو المعاش - (مبلغ الحد الأعلى للراتب أو المعاش ÷ مبلغ الراتب أو المعاش) x (معامل ثابت ÷ مبلغ الراتب أو المعاش) - النسبة المئوية - مبلغ النسبة المئوية - الدخل النهائي4000 - (4000 ÷ 4000) x (500 ÷ 4000) - 0.13 – 5 - 40051500 - (4000 ÷ 1500) x (500 ÷ 1500) - 0.89 - 13.330 - 1513.330325 - (4000 ÷ 325) x (500 ÷ 325) - 18.93 - 61.540 - 386.540324 - (4000 ÷ 324) x (500 ÷ 324) - 19.05 - 61.730 - 385.730 فهذه المعادلة الحسابية قد أخرجت النسبة المئوية الواجبة لكل معاش بصورة متوازنة لا يحكمها سوى مبلغ المعاش نفسه الذي تحددت النسبة له حصرًا وقصرًا، فلا ارتباط لتلك النسبة بمعاشات أخرى غير ذلك المعاش المقاس عليه. وفي هذا القصر والتحديد ما يحقق العدالة بصورة فردية لكل صاحب معاش، وليس لكل فئة يتخطف الظلم والجور كل من يقع على حوافها.يتبين من الإحصائيات أن صاحب المعاش الأقل (وهو 324) رغم استحقاقه لنسبة مئوية اكبر من صاحب المعاش الأعلى (الذي هو 325)، وحصوله بالتالي على مبلغ أكبر، إلا أنه مع ذلك لم يتجاوز مجموع دخله دخل صاحب المعاش الأعلى، إذ انتهى الأول إلى دخل (385.730) والثاني (386.540). وهنا نجد أن فارق الدينار بين المعاشين قد نتج عنه فارق 810 فلوس في الدخل النهائي لمصلحة صاحب المعاش الأقل دون أن يتسبب هذا الفرق في اختلال الدخل النهائي لصاحبي المعاشين. وهذه النتيجة ستتحقق مع أي معاشين أو راتبين متقاربين بقاعدة ثابتة مفادها أنه كلما قل المعاش أو الراتب زاد الدعم دون أن يتسبب ذلك في اختلال الدخول النهائية للمعاشات أو الرواتب.كما يلاحظ أن النسبة المئوية الناتجة بموجب هذه النظرية قد تباينت كثيرًا، حيث كانت للمعاش الأعلى 0.13% وبلغت للمعاش الأدنى 22.22%. ويبقى هذا التباين واضحًا فيما بين مختلف المعاشات. وفي هذا جوهر المسألة طالما استهدف بالدعم تحسين المعيشة أو الإعانة على متطلبات الحياة، إذ تخدم النسبة بهذا التفاوت فكرة أن يكون الدعم بقدر الحاجة تحقيقًا للمطلب المتقدم بيانه.ولا شك أن نتائج العملية السابقة قد تكون أرقامًا مع الكسور بخانات متعددة، غير أن ذلك لا يشكل أدنى معضلة، فتلك الحسابات إنما تجرى ببرامج الحواسيب وهي كفيلة بالتعامل مع أدق الكسور مهما تناهت قيمتها وتعددت خاناتها. كما أنه يمكن -من خلال تلك البرامج - اعتماد طريقة جبر الكسور إلى أقرب قيمة للكسر.ومن المهم ملاحظة أن المعادلة الحسابية في هذه النظرية هي على درجة عالية من المرونة بحيث إنه من الممكن أن تحقق أي نسبة مطلوب تطبيقها بذات الدرجة من الانصاف فيما بين مختلف الرواتب أو المعاشات. فكما سبق بيانه، أنه كلما كانت النسبة المئوية المطلوبة أكبر جعل المعامل الثابت رقمًا أكبر، وكلما كانت النسبة المئوية المطلوبة أقل كان المعامل الثابت رقمًا أصغر. فهذا المعامل هو سر مرونة المعادلة وأساس التحكم في العملية الحسابية ومخرجاتها. فسواء قيس الأمر على أدنى الرواتب أو أوسطها أو أعلاها، سيعمل تحديد عامل ثابت معين على إخراج النسبة المئوية المستهدفة أيًا كانت قيمتها.وإذا ما كان من شأن فكرة تجزئة الرواتب إلى فئات لتطبيق النسبة المئوية عليها أن تختصر العملية الحسابية وتسهلها، بحيث إنه بمجرد النظر إلى الراتب تعرف النسبة المئوية واجبة التطبيق، فإن ذلك لم يعد ذا أهمية مع استخدام برامج الحواسيب الإلكترونية والتي هي مستخدمة على أية حال. إذ إنها قد هيئت كل ما يضمن تحقيق الحساب الدقيق والمحصن من الأخطاء الحسابية عند تطبيق نظرية حساب الرواتب المنفردة، مع ما تؤديه تلك البرامج من سرعة فائقة في إخراج تلك الحسابات، علاوة على ما يعكسه تطبيق هذه النظرية من مهنية عالية في التعامل بهذا المجال. وينسحب كل ما تقدم كذلك عند تخصيص الدعم لما يقل عن حد ادنى من الراتب أو المعاش. 

مشاركة :