قال الإعلامي السعودي داود الشريان إن بعض المؤسسات الدينية نظرت إلى الفيلم الإيراني "محمد رسول الله" من زاوية سياسية، وحكم عليه لأن مخرجه إيراني. وأضاف الشريان في مقال نشرته صحيفة "الحياة" السعودية اليوم الأحد (6 سبتمبر/ أيلول 2015)،أن أفلام الرسالة، ومسلسل عمر بن الخطاب، وفيلم محمد رسول الله، قدَّمَت الإسلام على نحو عجز عنه الوعّاظ والخطباء وكل كتب التاريخ. لكن المؤسسات الإسلامية لم تدرك بعد أهمية تأثير الدراما في الدفاع عن صورة الإسلام. وما يلي نص المقال الذي جاء تحت عنوان أضعف الإيمان (الفيلم الإيراني محمد رسول الله): محمد رسول الله فيلم للمخرج الإيراني الشهير مجيد مجيدي. يروي الفيلم قصة طفولة النبي محمد، صلّى الله عليه وسلم قبل الرسالة، منذ ولادته حتى سن 13 عاماً، من خلال رؤية إنسانية لشخصية الرسول، والبيئة التي نشأ فيها، وعلاقته بأقرانه وبمن حوله، وسلوك الرحمة والرأفة والتسامح الذي تميّز به محمد بن عبدالله، وكيف كان يتعامل مع أبناء جيله صغاراً وكباراً، مع عدم الإشارة إلى أن هذا الصبي القرشي المختلف، سيصبح نبياً، يغيّر وجه الدنيا، وهي فترة، على رغم أهميتها، غير معروفة لمعظم العرب والمسلمين. أحداث الفيلم اعتمدت على مراجع سنّية أبرزها الطبري، فضلاً عن مراجع شيعية. الفيلم عُرِض نهاية آب (أغسطس) الماضي، في معظم دور العرض السينمائية في إيران، وسبقه عرض في الافتتاح الرسمي لمهرجان أفلام العالم في مونتريال بكندا. لكنه واجه اعتراضات عربية عنيفة، وأخرى إيرانية متشدّدة، تشبه تلك التي واجهت فيلم الرسالة. حجّة المعترضين هي تجسيد شخصية الرسول، على رغم أن الفيلم لم يجسّد شخص الرسول صلّى الله عليه وسلم، بالمعنى المباشر. قضية التجسيد إشكالية قديمة، ومختلَفٌ عليها، وهي لم تقتصر على الأنبياء، بل امتدت إلى الخلفاء الراشدين والصحابة، وخلال التحضير لفيلم الرسالة، وتالياً مسلسل عمر بن الخطاب، كادت قضية التجسيد أن تمنع إنتاج العملين. أحمد مصطفى، الأستاذ في كلية الشريعة والقانون في الأزهر يرى أن سبب تحريم تجسيد شخصية النبي، يقع تحت قاعدة سدّ الذرائع، لكنه يطرح تساؤلاً مهماً ويقول: ماذا لو فعل ذلك غير المسلمين؟ هذا السؤال لم يدرك علماء الدين في العالم العربي خطورته، وهو أساس المشكلة معهم، وعوضاً عن التفاهم مع الدراما، والإيمان بدورها، والسعي إلى الحوار معها وكسبها، اختاروا معاداتها وتحريم عملها، ولهذا أصبحوا على هامش تأثيرها، ولم يبقَ لهم سوى بيانات التنديد. الفيلم الإيراني لا يُظهِر ملامح النبي الكريم، ويكتفي بظل جسمه وظهره، ووجه الرسول لم يظهر طوال الفيلم، فضلاً عن أن صوته لم يُسمع إطلاقاً، وكان هناك من يتحدث نيابة عنه. بمعنى أن المخرج الإيراني طبّق مبدأ المخرج العربي الراحل مصطفى العقاد في فيلم الرسالة. لكن بعض المؤسسات الدينية نظر إلى الفيلم من زاوية سياسية، وحكم عليه لأن مخرجه إيراني، وعاود تكرار موقفه من فيلم الرسالة ومسلسل عمر. لا شك في أن الهيئات والمؤسسات الإسلامية في العالم العربي تفكر خارج الزمن، وهي تعيق نقل الأجيال الجديدة عظمة وسماحة دينها وثقافتها بوسائل عصرها. الأكيد أن فيلم الرسالة، ومسلسل عمر بن الخطاب، وفيلم محمد رسول الله، قدَّمَت الإسلام على نحو عجز عنه الوعّاظ والخطباء وكل كتب التاريخ. لكن المؤسسات الإسلامية لم تدرك بعد أهمية تأثير الدراما في الدفاع عن صورة الإسلام.
مشاركة :