دانت الأمم المتحدة، الثلاثاء، “استخدام القوة غير المتكافئة” ضد المتظاهرين المناهضين للانقلاب العسكري الذي نُفّذ في الأول من فبراير في بورما، منددةً بإصابة “عدد كبير من المتظاهرين بجروح بعضها خطرة”، بعدما أطلقت الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق التجمعات. وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في بورما أولا ألمغرين في بيان إن “استخدام القوة غير المتكافئة ضد المتظاهرين أمر غير مقبول”. وأضاف “لقد أصيب عدد كبير من المتظاهرين بجروح بعضها خطر”، وفق تقارير من مدن مختلفة عبر البلاد. ولم يتسنّ في هذه المرحلة الحصول على تقدير لعدد المصابين من المستشفيات. لكن منسوب التوتر ارتفع الثلاثاء، إذ إن الجيش هدّد في اليوم السابق المحتجّين بالردّ. في نايبيداو العاصمة الاقتصادية للبلاد، قال شهود عيان إن الشرطة أطلقت أعيرة مطاطية على متظاهرين بعدما كانت قد حاولت تفريقهم بخراطيم المياه. وقال أحد الأهالي لفرانس برس “أطلقوا طلقات تحذيرية في الهواء مرتين، ثم أطلقوا (باتجاه متظاهرين) بأعيرة مطاطية” مضيفا أنه شاهد بعض الأشخاص الذين أصيبوا بجروح. وامتنع مستشفى في نايبدوا عن السماح لأقارب بالدخول لتفقد أفراد من العائلة، بحسب تون واي الذي سارع إلى المكان فور سماعه بأن ابنه البالغ 23 عاما في غرفة الجراحة. وقال الرجل البالغ 65 عاما ويعمل صائغا “أطلقت الأعيرة على ابني عندما حاول استخدام المذياع ليطلب من الناس التظاهر بشكل سلمي بعدما استخدمت الشرطة مدافع المياه لتفريقهم”. وأضاف “أصيب في الظهر… أشعر بقلق بالغ حياله”. وفي ماندلاي، ثاني أكبر مدن البلاد، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين. وبعدما نزل مئات آلاف المتظاهرين المعارضين للانقلاب، وجه قائد المجلس العسكري مين أونغ هلاينغ خطابا متلفزا مساء الإثنين لتبرير انقلابه على السلطة. وفي أول إجراءاته المعلنة فرض الجيش الاثنين حظرا على التجمعات في مناطق تشهد احتجاجات حاشدة وحظر تجول ليلي. لكن خرجت تظاهرات جديدة الثلاثاء في مختلف أنحاء رانغون، من بينها مقر حزب “الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية” الذي تتزعمه أونغ سان سو تشي، الحاكمة المدنية التي اعتقلها الجيش يوم الانقلاب. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها شعارات من بينها “نريد زعيمتنا” و”لا للدكتاتورية”. وفي سان تشونغ التابعة لرانغون، نزل عشرات المعلمين إلى الشارع الرئيسي وهم يلوحون بالتحية الثلاثية الأصابع التي باتت شعار المتظاهرين. وقال المعلم ثين وين سو لوكالة فرانس برس “لسنا قلقين من تحذيرهم لذا خرجنا اليوم. لا يمكننا قبول أعذارهم عن احتيال انتخابي. لا نريد أي دكتاتورية عسكرية”. وعود للجيش في خطابة المتلفز، الأول له منذ الانقلاب شدد مين أونغ هلاينغ على أن السيطرة على السلطة مبرر بسبب “التزوير في الانتخابات”. وكان حزب سو تشي قد حقق فوزا كاسحا في الانتخابات العامة في تشرين الثاني/نوفمبر، لكن الجيش لم يعترف أبدا بشرعية الاقتراع. بعد وقت قصير على الانقلاب أعلن الجيش حالة الطوارئ لعام وعد بعدها بتنظيم انتخابات جديدة. وأكد مين أونغ هلاينغ الإثنين أن الجيش سيفي بوعوده ويعيد إرساء الديموقراطية. وأعلن أيضا أن الأمور ستكون “مختلفة” عن الحكم السابق للجيش الذي استمر 49 عاما وانتهى في 2011. وقال “بعد تحقيق مهمات فترة الطوارئ، ستنظم انتخابات حرة ونزيهة ومتعددة الاحزاب وفقا للدستور”. لكن تلك الوعود ترافقت مع تهديدات. فأمام تصاعد موجة التحدي، حذر الجيش من أن معارضة المجلس العسكري غير قانونية. وفي بيان نشرته وسائل إعلام حكومية قال المجلس إنه “يتعين اتخاذ خطوات” في مواجهة الأنشطة التي تهدد الاستقرار والنظام العام. غضب دولي باتت نيوزيلندا الثلاثاء أول حكومة أجنبية تتخذ تدابير رسمية فعلية إذ أعلنت تعليق محادثات عسكرية رفيعة المستوى واتصالات سياسية مع بورما. وقادت الولايات المتحدة دعوات عالمية للجنرالات للتخلي عن السلطة وأصدرت الاثنين بيانا جديدا في أعقاب تحذيرات الجيش ضد المتظاهرين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية نيد برايس الاثنين “نقف الى جانب الشعب البورمي وندعم حقه في التجمع في شكل سلمي، وخصوصا في التظاهر في شكل سلمي للمطالبة بحكومة منتخبة ديموقراطيا”. وأضاف أن الولايات المتحدة ورغم محاولاتها لم تتمكن من التواصل مع اونغ سان سو تشي. وقال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه سيعقد الجمعة اجتماعاً طارئاً لمناقشة الوضع، فيما حضّ البابا فرنسيس السلطات الانقلابية في بورما على الإفراج “سريعا” عن المسؤولين المسجونين. وعلى الرّغم من تشوه سمعتها في الغرب بسبب ردّ فعلها حيال أزمة الروهينغا، لا تزال سو تشي شخصية ذات شعبية كبيرة في البلاد، وقد حصد حزبها أكثر من 80 بالمئة من الأصوات في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر. لكنّ الجيش يزعم أنّ الانتخابات شهدت عملية تزوير واسعة، وهي الحجّة التي استخدمها لتبرير الانقلاب العسكري.
مشاركة :