بمناسبة لقاء البابا فرنسيس المعتاد مع أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي لتبادل التهاني بحلول العام الجديد – والذي عُقد يوم الاثنين الفائت – أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع سفير جمهورية أفريقيا الجنوبية لدى الكرسي الرسولي السيد George Johannes، الذي حدثنا عن انطباعاته حيال خطاب البابا والذي تناول فيه مجمل التطورات الراهنة على الساحة الدولية وتطلعاته للسنة الجديدة.وكان من البديهي أن يخصص البابا قسطًا وافرًا من خطابه المسهب للحديث عن جائحة كوفيد 19 التي تعاني منها دول العالم كافة. وعلى الرغم من أن معظم المسائل التي تطرق إليها البابا لم تحمل طابعًا إيجابيا إلا أن السيد Johannes أكد أن هذه الكلمة شكلت بالنسبة له حافزًا وشجعته على النظر إلى المستقبل بأمل والبحث عن النور في نهاية النفق الذي نمر به اليوم. وقال إن خطاب البابا كان من أفضل الخطابات التي استمع إليها منذ فترة طويلة جدًا، لأنه كان شاملًا وتناول مواضيع مختلفة مسلطًا الضوء على الترابط القائم فيما بينها.وذكر الدبلوماسي الأفريقي الجنوبي بضرورة ألا ننسى أننا كلنا أعضاء في عائلة بشرية واحدة، ولا بد – من هذا المنطلق – أن نعتني ببيتنا المشترك، وهو كوكب الأرض. ولفت إلى أن السنوات الماضية شهدت ميلًا إلى بناء الجدران، وعزل بعضنا عن بعض والبحث عن المصالح الأنانية الضيقة. لكن سرعان ما جاءت جائحة كوفيد 19 لتجعلنا ندرك وجود هذا الترابط القائم بين الدول والشعوب، وأن لا أحد يستطيع أن ينجو لوحده.بعدها أوضح السيد Johannesأن ما أعجبه في خطاب البابا هو أن هذا الأخير عرض بوضوح موقف الكرسي الرسولي حيال القضايا الاقتصادية والسياسية، وشدد على أهمية روح المشاركة والحوار الذي ينبغي أن يسود العلاقات بين مختلف الشعوب والبلدان. هذا ثم أكد السفير أن الجهود التي يبذلها الفاتيكان على صعيد مكافحة جائحة كوفيد 19 تتخطى تشكيل اللجنة الفاتيكانية التي تحدث عنها البابا في خطابه. ولفت إلى أن الكرسي الرسولي يسلط الضوء على الحقوق الأساسية للأشخاص، ويولي اهتماما خاصا بالفقراء والمشردين ومن فقدوا عملهم وسكنهم، مذكرًا بارتفاع عدد الأشخاص الذين يواجهون مشكلات اجتماعية واقتصادية بسبب الجائحة.تابع سفير جمهورية أفريقيا الجنوبية لدى الكرسي الرسولي حديثه لموقعنا الإلكتروني متوقفا عند جائحة كوفيد 19 وقال إن العالم كان أنانيًا قبل تفشي وباء كورونا، وكانت تسوده ثقافة الإقصاء والتهميش. لكن جاءت الجائحة لتذكرنا بقيمة الوجود الإنساني، وهو موضوع تناوله البابا بشكل مسهب في خطابه إلى الدبلوماسيين، وقال السيد Johannes، إن فيروس كورونا المستجد جعل الناس ينظرون إلى بعدين للوجود الإنساني لا يمكن أن يُغَض الطرْفُ عنهما: ألا وهما المرض والموت. وذكر الدبلوماسي الأفريقي الجنوبي بأن البابا فرنسيس تناول في خطابه جائحتين من نوع آخر، وهما جائحة الحرب وجائحة الإقصاء، وشدد على ضرورة أن نلتفت إلى الفقراء والمهمشين ونصغي إلى صوتهم إذا ما أردنا أن نعيد بناء مجتمعاتنا.توقف بعدها السيد Johannes عند أبرز المشكلات التي تعاني منها القارة السوداء والعالم بأسره والتي تناولها البابا فرنسيس في خطابه يوم الاثنين الفائت، وذكّر بالأوضاع الصعبة الراهنة في كل من بوركينا فاسو، مالي، النيجر، جنوب السودان، شبه الجزيرة الكورية، الأرض المقدسة، سورية، لبنان والعراق الذي يستعد البابا لزيارته قريبا. وشدد الدبلوماسي الأفريقي الجنوبي على أهمية أن تشهد المنظومة الاقتصادية ثورة جذرية، تقلبها رأسا على عقب، كي يُبصر النورَ نموذج اقتصادي جديد، يقدّم الحياة لا الموت، وأشاد بمواقف البابا في هذا السياق.في ختام حديثه لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني قال سفير جمهورية أفريقيا الجنوبية لدى الكرسي الرسولي إنه يطمح لرؤية مجتمع لا يرتكز إلى المنظومة الرأسمالية، بل إلى الإنصاف والعدالة ورأس المال البشري، حيث يتقاسم الجميع القوى والموارد والإرادة الحسنة. وأكد أنه يتفق تماما مع البابا فرنسيس، سائلا الله أن يعطيه العمر المديد لأن العالم يحتاج إليه.
مشاركة :