التأثير الثقافي السعودي .. ضيافة الشرق تلبي شغف الغرب

  • 2/10/2021
  • 18:54
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تعكس زيارات الدبلوماسيين والسياح الأجانب تعطشا وشغفا لاكتشاف الثقافة السعودية، والتعرف على تفاصيلها وتراثها وتاريخها، والمواقع الأثرية والسياحية، دون أن يمنعهم شبح أزمة كورونا من مواصلة الرحلة. اختار هؤلاء السياح والزوار أن يشاهدوا المملكة بأم أعينهم، لا أن يسمعوا أو يقرأوا عنها، وفي الصور والسطور التالية تسلط "الاقتصادية" الضوء على قصص يرويها سياح بشغف ومحبة حول رحلتهم للتعرف على الثقافة، التراث، الأدب، السياحة، وحتى الرياضة السعودية. من روما عبر الدراجة السائحة الأرمينية إلينا إكسنتي كانت ممن تأثروا بثقافة المملكة، فاختارت أن تزورها عبر الدراجة النارية، قادمة من العاصمة الإيطالية روما، وتبقى في ضيافتها شهورا عدة. الرحالة التي زارت دول العالم بدراجتها النارية جذبتها سواحل جدة والطبيعة الخضراء في الجنوب وتراث القصيم وجبال حائل، فجابت المملكة من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وقطعت شوطا كبيرا في تعلم اللغة العربية، وفي الوقت ذاته سنحت لها الفرصة لتجربة جميع الثقافات، وحتى المكث والإقامة في منازل المواطنين أينما حلت، الذين استقبلوها بصدر رحب، كما لو كانت ابنتهم، على حد تعبيرها. وقالت في مقابلة تلفزيونية مع قناة MBC "إنها قررت استكشاف العالم بعينيها، وليس عن طريق وصف الناس"، مشيرة إلى أن المملكة ليست مجرد صحراء وجمال وتمور، بل أكثر من هذا بكثير، وكشفت عن إعجابها بالقصيم تحديدا، حيث كانت قد قررت أنها ستبقى فيها لثلاثة أيام فقط، لكن جمال المنطقة وتراثها دفعها إلى البقاء هناك ثلاثة أسابيع، حيث كل شغف العالم يرتكز هناك، كما تصف. وكذلك فعل الرحالة شتيفن، الذي ترافقه أسرته، وزاروا معا أكثر من 20 دولة، وقطعوا آلاف الكيلو مترات لزيارة منطقة الجوف، محطته الأولى، وكانت إيذانا بتحول مركبته المتنقلة إلى مستودع للهدايا التي تلقاها من السعوديين، أثناء عبوره عشرات المدن. ولا يكاد يصدق شتيفن ما يحدث له من استقبال وكرم للضيافة، فمنذ عبوره الحدود قادما من الأردن في فبراير من العام الماضي، قطع أكثر من 20 ألف كيلو متر على مدى نحو 365 يوما، في تجربة غيرت حياته، ليغادر محملا بذاكرة مليئة بكل ما هو جميل عن المملكة أرضا وشعبا. إرث الصقور والإبل الصقور والإبل عنصران تراثيان أصيلان، شهدا خلال الربع الأخير من عام 2020 إقامة مهرجانين دوليين لهما، توافد على زيارتهما دبلوماسيون ومقيمون وسياح. وفي مقر مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور، في ملهم شمال مدينة الرياض، تحدث لـ"الاقتصادية" سياح اختاروا البقاء في المملكة خلال أزمة كورونا العالمية، ومنهم السائح الإيطالي روني، الذي قال "إنه جاء إلى المملكة في شهر مارس الماضي بهدف السياحة، لكنه وجدها فرصة للاطلاع على كنوز وثقافة وتراث لا يعرفه الأوروبيون جيدا، ونقل مشاهداته إلى بلاده"، حيث يعتزم البقاء لمدة عام كامل في المملكة، تمكن حتى شهر ديسمبر من زيارة أكثر من سبع مدن، فإضافة إلى العاصمة، تجول روني في أبها، جدة، الدمام، نجران، حائل، وتبوك. وكان مهرجان الصقور مفاجأة سارة للسائح الإيطالي الذي حمل الصقر للمرة الأولى في حياته، واستمتع بمسابقة الملواح، التي تتسابق فيها الصقور لقطع مسافة 400 متر، وتعرف على هواية تراثية لم يكن يعلم عنها شيئا. أما مزاد نادي الصقور السعودي، الذي سبق المهرجان بنحو شهر، فشهد زيارات متتالية لسفراء ودبلوماسيين وسياح، ومنهم المقيم الألماني دومينيك مانديل، الذي كشف لـ"الاقتصادية" أن ما شاهده في المزاد فاق توقعاته، مؤكدا أن المزاد تجربة جديرة بالزيارة، للتعرف على إرث السعوديين الثقافي، والاستمتاع بمشاهدة الصقور، فيما أعرب سياح ومقيمون إسبان وبرازيليون عن دهشتهم بما رأوه، ومنهم الإسباني عمر رودريجيز، الذي أكد أنها لم تكن المرة الأولى التي يشاهد فيها صقورا، فقد شاهدها في سكاكا في أثناء رحلته حول مناطق المملكة، بهدف السياحة. في حب العالمي الرياضة كانت لها حصتها أيضا من محبة الغربيين، وربما ذلك ليس مستغربا على ناد أسس روابط مشجعين في مختلف دول العالم مثل نادي النصر، وله جماهير ومحبون في مدن عربية وأوروبية، منذ ثمانينيات القرن الماضي، وفترة بروز نجم المنتخب ماجد عبدالله. وفي هذا الإطار، نشر حساب السفارة الأمريكية في الرياض على "تويتر" مقطع فيديو لفينيسا، إحدى منسوبي السفارة، تحتفي بفوز نادي النصر السعودي على غريمه الهلال، وحصوله على كأس السوبر أواخر شهر يناير الماضي، حيث ظهرت تغني بأهازيج وأناشيد لنادي النصر. وقالت فينيسا "إنها رغم وجودها في الولايات المتحدة إلا أنها لم تفوّت مباريات فريقها النصر، ولم تتوقع ردود الفعل الكبيرة التي أثارها الفيديو الذي نشرته السفارة"، كما تحدثت فينيسا النصراوية في مقابلات تلفزيونية - وبلغة عربية جيدة - عن شوقها للعودة إلى المملكة وزيارتها قريبا، وعبرت عن حبها اللا محدود للنادي العالمي. وسبق أن نشر حساب السفارة الأمريكية كذلك صورا للدبلوماسي الأمريكي الجديد كريس، وهو في ربوع المملكة، الذي وصفته بـ"المغرم بجمال السعودية"، ويوثق رحلاته مع عائلته إلى مناطق ومواقع مختلفة، كان آخرها رحلته إلى جبال المنجور شمال غرب المملكة، واستمتاعه هناك بالمناظر الخلابة. في بيوت السعوديين التأثير الثقافي السعودي جاء بتضافر جهود عدد من الجهات الحكومية، مثل وزارتي السياحة والثقافة، والهيئة السعودية للسياحة، وأندية مثل نادي الصقور السعودي، ونادي الإبل، وتأثير المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الذين بثوا رسائل شجعت على التجربة السياحية والثقافية. ومن التجارب المهمة في هذا الحقل ما تقوم به هيئة السياحة، من خلال المنظمين والمرشدين السياحيين الذين يفعلون ما يسمى بـ"التجربة المحلية"، من خلال استضافة السياح والزوار الأجانب في بيوت السعوديين، للتعرف على تقاليدهم وموروثهم وطبيعة حياتهم، وتذوق الأطباق التراثية، التي يلمس فيها الزائر كرم الضيافة العربية. وكان وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب قد صرح مطلع أكتوبر الماضي خلال زيارته مدينة نيوم بأن مدن المملكة ستكون بعد عام 2025 من أفضل الوجهات السياحية في العالم، وذلك بعد اكتمال المشاريع السياحية التي يجري تنفيذها في عدد من المناطق، مشيرا إلى أن السياحة ستحقق الدخل الثاني للبلاد بعد النفط، مدللا على ذلك بإصدار المملكة 500 ألف تأشيرة سياحية قبل أزمة كورونا، وفي فترة قياسية. وتسهم السياحة بنسبة 3 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، ويستهدف أن تسهم بنسبة 10 في المائة فيه، والنسبة ذاتها لمساهمة القطاع في توفير الوظائف.

مشاركة :