في الانتخابات الهندية الأخيرة التي أقيمت في عام 2014، وعد المرشح نارندرا مودي، وهو رئيس وزراء الهند الحالي، بإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الهندي في حال تم انتخابه. وبالفعل، أظهرت الإحصائيات الأخيرة ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي بنسبة 7.0% على أساس سنوي في الربع الثاني، ولكن هناك مخاوف جديّة من أن التوجه الجديد لتقدير معدل النمو لا يعكس معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي. إذ تم إدخال العديد من التغييرات في عملية الحساب مثل استخدام أسعار المنتجات الاستهلاكية بدلاً من تكاليف الإنتاج وإدخال عمليات المسح لحساب الشركات غير المدرجة وتغيير سَنة الأساس. نتيجة لذلك وبين عشية وضحاها أصبح اقتصاد الهند الأسرع نمواً على الورق، ما ولّد جَدلاً كبيراً، حيثُ إن متوسط نمو الإصدار الجديد للناتج المحلي الإجمالي أعلى من القديم بنسبة 1.5 نقطة مئوية (على السنين التي تتوفر لها البيانات التي تمكن المقارنة من الإصدار الجديد والقديم للناتج المحلي). ومع كل هذه التغيرات الحسابية، لم يسجل أي تحسن كبير في العام الماضي، وعلى ما يبدو أنه لن يتم حدوث أي معجزة اقتصادية في الوقت الراهن. ولذلك، يجب تحليل المؤشرات الاقتصادية المتعارف عليها لتقييم الأداء الاقتصادي للهند. فعلى سبيل المثال، تبدو مبيعات السيارات قد تعافت من أزمتها بتسجيلها ارتفاعاً على أساس سنوي من متوسط 2.8% في النصف الثاني من العام الماضي إلى 7.4% في النصف الأول من 2015. وفي الفترة ذاتها، تحسّن الناتج الصناعي على أساس سنوي من متوسط 1.5% إلى 3.4%، وظلّ مؤشر مديري المشتريات للصناعة والخدمات دون أي تغيير ووقوفه بين 52.3 و 51.8 نقطة في أغسطس/آب، ما يدل على نمو معتدل. وتُعد الإيرادات الضريبية من ضمن المؤشرات الأخرى التي من شأنها تقييم الأداء الاقتصادي الهندي وهذا لارتباطها بالقطاعات المستهدفة. حيثُ تراجع نمو الإيرادات الضريبية للشركات بشكل حاد خلال النصف الأول من 2015 بمتوسط 6% على أساس سنوي، في حين ظل نمو عائد الدخل الضريبي ثابتاً على نطاق واسع وبنسبة 3.5% على أساس سنوي. ومع ذلك، تنامت إيرادات ضريبة الخدمات من متوسط 8.5% على أساس سنوي في النصف الثاني من 2014، إلى 11.1% في النصف الأول من هذا العام. لكن عموماً، المؤشرات الاقتصادية مختلطة ولا تُنبئ بحدوث ازدهار اقتصادي في الهند. إلى هذا، يرى تقرير شركة آسيا للاستثمار أنّ الظروف الحالية توفّر فرصاً كبيرة، في حين أن بعض العوامل قد تشكل خطراً على التوقعات الاقتصادية. كما أن الاعتدال في تضخم أسعار الغذاء يسمح بخفض سعر الفائدة ما يخلق بيئة مناسبة لتعزيز الاستثمار، ومع ذلك يمكن لازدهار محتمل في أسعار الطاقة والسلع أن يرفع التضخم في الهند. وبالرغم من أن ضعف النمو العالمي الناتج عن التباطؤ في الصين يمكنه أن يمثل عاملاً مثبطاً للاستثمار، تشهد اثنتان من وجهات التصدير الرئيسية مدة من معاودة الازدهار هما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إن الظروف ملائمة لنمو الاقتصاد الهندي ولكن الحكومة عليها أن تقدم الإصلاحات الضرورية للنمو الاقتصادي لتزدهر في المدى المتوسط. الحد من البيروقراطية لفتت شركة آسيا للاستثمار في تقريرها إلى أنّه لا يزال يتعين الموافقة على إصلاحات اقتصادية مهمة وهذا منذُ أكثر من عام وبعد انتخاب رئيس وزراء الهند مودي. ومن هذه التغييرات التشريعية المهمة مشروع قانون استملاك الأراضي وتطبيق ضريبة السلع والخدمات. إذ يُعد مشروع قانون استملاك الأراضي الأساس لتخصيص أراض للمشاريع الصناعية والبنية التحتية، حيثُ يجري التعديل عليه، كما وصفه حزب المعارضة الرئيسي بأنه يصُب ضد مصلحة الفقراء والمزارعين. في حين يمثّل تطبيق ضريبة السلع والخدمات غاية في الأهمية، كونه يهدف إلى استبدال جميع الضرائب غير المباشرة والحد بشكل كبير من البيروقراطية فضلاً عن المساعدة في توحيد السوق الهندية. وبالرغم من شكوى الحكومة الهندية من غياب المؤشرات الإيجابية إلاّ أنها تسعى حالياً إلى إيجاد الدعم من الكونغرس لتنفيذ مشروع قانون استملاك الأراضي. وهذان الإصلاحان لهما القدرة على زيادة الاستثمار في الهند، ولكن حتى الآن ما زال من غير المؤكد ما إذا كانت الحكومة ستنجح في الموافقة عليهما.
مشاركة :