أَمس كان الحديث عن وفَاة (صحيفة التحرير المصرية) وَرَقِـيّـاً، بعد صـراع مع عواصف مرض العجز المالي، ثم كان الـسؤال: هل هذا مؤشر على سقوط عرش الصحافة المطبوعة؟! وكانت الإجابة (نعم) إذا بقيت تلك الصحف تدور في فلكها القديم دون أن تواكب لغة العصر شكلاً ومضمونًا!، و(لا) إذا جَـدّدت من أساليبها ورفعت من قدراتها، وركزت على جوانب التحقيقات والتقارير الاستقصائية والحوارات، والمقالات التي تحمل التأثير في المجتمع!. ولكي تظلّ الصحف الورقية أيضًا في عِـداد الأحياء عليها أن تهتم بتطوير قدرات محرريها بالدورات التخصصية، ومنحهم الاستقلالية، ومساحات من الشفافية والحرية المنضبطة. ومن المهم والأهم أن تعمل أيضًا على تَنَوِّع مواردها المالية، بالبحث عن مجالات أخرى كإنشاء الأكاديميات الإعلامية، واستثمار مقراتها تجاريًا، وعقد شراكات مع القطاعين الحكومي والخاص!. فهناك مثلاً صحيفة ورقية اسمها (مترو) تنطلقُ من (الـسّـويد)، اتخذت سياسة اقتصادية جديدة تقوم على التوزيع المجاني في وسائل المواصلات؛ فحققت أرباحًا كبيرة من الإعلانات؛ لأنها وصلت للناس؛ إذ أصبحت تُوَزّعُ أكثر من (6 ملايين نسخة) في أكثر من (100 مدينة في أوروبا وأمريكا)، عبر تنفيذ (51 طبعة)!. لا شك أن الإعلام التقني من علامات وسِمَات هذا العصر، ومن أهمّ أدواته، ولكن العديد من الدراسات أكدت حياة الإعلام المطبوع؛ فهذا تقرير صادر عن (مؤسسة نيمان) للدراسات الصحافية التابعة لجامعة هارفارد يؤكِد بأنّ الإنترنت إضافة جديدة إلى قدرات الإعلام التقليدي ووسيلة جذب للجماهير والشركات المعلنة في مواقعه، وأنّ استخدامات الصحف المطبوعة بنكهتها وعمقها التاريخي تبدو بعيدة عن الانقراض؛ ولاسيما أنها تتصِـف غالبًا بالمصداقية في ظِـل فوضى الإعلام التقني! أخيرًا علمنا الماضي أنّ ظهور وسيلة جديدة، لا يقضي على أخرى بالضرورة فبزوغ شمس التلفاز أو الرائي، لم يحمل الكفن للإذاعة فلا يزال قلبها ينبض بالحياة، ولها مُريدوها!. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :