بيروت - طالب سفراء عدة دول الخميس أبرزهم السفيرة الأميركية بوضع حدّ لثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان خلال مشاركتهم في مراسم تكريم الباحث والناشط السياسي الشيعي لقمان سليم المناهض لحزب الله في دارة عائلته في الضاحية الجنوبية لبيروت.وبعد أسبوع من العثور عليه مقتولا بالرصاص في جنوب البلاد، نظمت عائلة سليم مراسم تكريم لفقيدها في حديقة دارتها في منطقة حارة حريك، حيث أقامت له نصبا تذكاريا. وحضر المراسم التي تخللتها تلاوة صلوات من رجال دين مسلمين ومسيحيين عدد من الدبلوماسيين الغربيين والأصدقاء بغياب تمثيل رسمي لبناني.وقالت السفيرة الأميركية دوروثي شيا خلال مشاركتها في مراسم التكريم في زيارة نادرة لدبلوماسي أميركي إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، مخاطبة عائلته "لقد سُلبتم وحُرمنا جميعنا من رجل عظيم، إنه فعل بربري غير مقبول ولا يمكن أن يُغتفر".وأضافت "كان شخصا لا يتعب ولا يكل في مساعيه من أجل مصالحة الشعب اللبناني وتعزيز الحرية"، مشددة على أنّ "هذه الجهود لا يمكن ولن تُقمع بالخوف والعنف"، مؤكدة "ننضم إليكم في المطالبة بالمحاسبة عن هذه الجريمة المروعة".وشدد السفير الألماني أندرياس كيندل خلال كملة ألقاها على وجوب عدم نسيان "ما حدث الأسبوع الماضي"، مؤكدا "نريد ونحتاج إلى تحقيق شفاف وإلى وضع حد للإفلات من العقاب".بدورها أكدت السفيرة السويسرية مونيكا شموتز كيرغوتز على أهمية "المحاسبة". وقالت إن بلادها "خسرت صديقا" لكنها ستواصل دعم المشاريع التي عمل عليها.ولقمان سليم (58 عاما) باحث ومفكر عمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وتوثيق ذاكرة الحرب الأهلية (1975-1990) والتوعية على أهمية المواطنة والمساواة في بلد يعاني من انقسامات وصراعات سياسية وطائفية عميقة.ووضعت العائلة التي لم تفصح عما إذا أقامت مراسم الدفن، لوحة رخامية في وسط حديقة دارتها تخليدا لذكرى لقمان مرفقة ببيت شعر للمتنبي جاء فيه "وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم".وينتمي سليم إلى الطائفة الشيعية، لكنه كان من أشد المنتقدين للقوة الشيعية والسياسية والعسكرية الأكبر في لبنان، حزب الله المدعوم من إيران. ولم يمنعه ذلك من تحويل داره عائلته في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الجماعة الشيعية إلى مقر لعمله ونشاطه ومركزا لجمعية أمم للتوثيق والأبحاث التي أسسها.واستعانت عدة مراكز أبحاث ومنظمات غير حكومية ودولية بخبرة لقمان سليم ومنشوراته نظرا لاستقلاليته وجرأته في تناول أكثر المواضيع حساسية. كما قدّمت عدة سفارات غربية الدعم المالي لمشاريع توثيق ذاكرة الحرب والمفقودين.وكان سليم يدير مركزا للأبحاث وصنع وثائقيات بالتعاون مع زوجته وقاد جهود إنشاء أرشيف يوثق الحرب الأهلية الطائفية في لبنان التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990.ووُجد مقتولا بالرصاص في سيارته يوم الخميس الماضي في جنوب لبنان في أول جريمة قتل لناشط رفيع المستوى منذ أعوام.وكان سليم يتحدث علنا بشأن ما وصفها بأنها أساليب ترهيب من جانب جماعة حزب الله المدعومة من إيران ومحاولاتها لاحتكار السياسة اللبنانية.وندد حزب الله بقتل سليم، لكن شقيقته أشارت إلى أنه قد يكون قُتل بسبب هذه الآراء.وفي كلمة مقتضبة، حمّلت والدة لقمان سليم الباحثة والصحافية المصرية سلمى مرشاق رفاق ابنها والشباب مسؤولية "بناء بلد يليق بكم وبلقمان"، مضيفة "الحمل ثقيل عليكم جدا".وقالت "أطلب منكم أنتم الشباب إذا كنتم حقا تريدون وطنا أن تستمروا في المبادئ التي يناضل من أجلها ويقتنع بها"، مضيفة "لا تستخدموا إلا العقل والمنطق، السلاح لا يفيد البلد، لم يفدني أنا كأم. ضيّع لي ابني".وبكت أمه سلمى مرشاق في صمت بينما كانت تستمع للصلوات الإسلامية والمسيحية التي تتلى خلال مراسم تشييع ابنها والتي حضرها أيضا سفراء ألمانيا وكندا وبريطانيا وسويسرا.
مشاركة :