دون ادنى شك ان القمة السعودية الأميركية جاءت في توقيت مثالي وبطرح عميق مس جوهر القضايا نتج عنه تفاهمات تبشر اننا على عتبة مرحلة جديدة من التعاطي الواعي مع قضاينا السياسية والاقتصادية . في لقاء القمة بالمكتب البيضاوي بالبيت الابيض كان الحوار شفافا .. وجاء البيان المشترك مؤكدا على تطابق وجهات النظر في كافة الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية مما يدل على إستراتيجية العلاقة بين الرياض وواشنطن وترابط المصالح المشتركة التي تعود بالنفع ليس على طرفي العلاقة فحسب وانما تتعداها الى افق ارحب يصل مداه الى أركان العالم . فالمملكة عملاق اقتصادي عالمي ، وتأثير سياساتها الاقتصادية ينعكس على ارجاء المعمورة ، من اجل ذلك دائما كانت تلك السياسات الاقتصادية متوازنة لاتحاول إلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي وإنما تكون تحركاتها في سوق البترول العالمي على وجه الخصوص تحركات متوازنة تحفظ للمملكة حقوقها وتحافظ على استقرار سوق النفط مما ينعكس ايجابا على الاقتصاد العالمي ولا يؤدي الى ارباكه وتذبذبه . قمة الملك سلمان - اوباما احدثت نقلة نوعية ايجابية في مسيرة العلاقات السعودية الاميركية واسست لمرحلة جديدة من التعاون المبني على المصالح المشتركة ، فالمملكة دولة نافذة في المجتمع الدولي وتحظي بمكانة مرموقة وصوت مسموع مقرون برأي سديد يجد كل التقدير والاحترام في اوساط المجتمع الدولي ، فهي عضو مؤسس لمنظمة الامم المتحدة ولها ادوار فاعلة تتعدى السياسة والاقتصاد الى المساهمات الانسانية التي لاتقتصر على محيطها العربي والاسلامي بل تتجاوزه الى المساهمة في الاعمال الانسانية الدولية وذلك يأتي من منطلق الاحساس بالمسؤولية تجاه الانسان بكل اطيافه . زيارة الملك سلمان الى العاصمة الاميركية شهدت توجيها ملكيا الى الجهات المعنية بدراسة الانظمة التجارية والاستثمارية لتسهيل عمل الشركات العالمية وتقديم الحوافز بما فيها العمل المباشر في الاسواق السعودية ضمن خطط تصنيع واستثمار ببرامج زمنية محددة ونقل التقنية وتوظيف وتدريب المواطنين، هذا التوجيه الملكي جاء من اجل تعزيز قدرات اقتصادنا الوطني في المدى القريب وايضا كخطة استراتيجية للاستثمار بعيد المدى المصاحب بنقل التقنية وتوطينها وفتح فرص في سوق العمل للمواطنين مما سيعود بإذن الله بالخير الوفير على الوطن والمواطن الذي بالتأكيد سيجني ثمار هذه السياسة التي تجذب رؤوس الاموال العالمية ومعها التقنية الى بلادنا، ورؤوس الاموال العالمية لم تكن لتفكر في المجيء لولا معرفتها بالبيئة الملائمة لاستثماراتها المبني على الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني وهذه محفزات اساسية لأي رأسمال مستثمر . هي اذن زيارة ملكية حددت معالم المرحلة المقبلة للعلاقات الثنائية الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة وايضا رسمت الخطوط العريضة لمعالجة قضايا الاقليم العربي والشرق اوسطي وزادت من اطمئنان الاسواق الدولية وفتحت آفاقا جديدة لاقتصادنا الوطني .. وكل ذلك - بالتأكيد - يصب في مصلحة الوطن والمواطن في المقام الاول .
مشاركة :