بعد النجاح الذي تحقق في تجربة "انسياب" التي جمعتهما خلال مبادرة مسك للفنون بالرياض عام 2019م أعاد الفنان فهد النعيمة والفنان طلال الزيد التجربة مرة أخرى في معرض "حوار الألوان" الذي جمع 60 عملاً لهما بصالة تجريد للفنون في الرياض خلال هذه الأيام، بأعمال مسندية ذات طابع تصويري وكولاج تم تنفيذها بألوان الأكريلك والخامات المختلفة على الورق وقماش الكانفس، إضافة إلى عدد من الأعمال المشتركة بينهما التي عُرضت بتوقيعهما. وفي قراءة فنية لأعمالهما نجد النعيمة قد تأثر ببيئته "ضرما" في بداياته الفنية فاستحضرها في نصوصه البصرية بناسها، وبيوتاتها التراثية، ونخيلها وكل تفاصيلها، وبعد أن انتقل إلى العاصمة الرياض اتجه لرسم البورتريه، إضافة إلى رسم الطبيعة، والخيل والجمال بأسلوب واقعي، ولم يقف عند هذا الحد من التسجيل الواقعي للأشياء بل أخذ يجرب ويمارس الرسم والتصوير لدرجة أنه كان يعمد إلى رسم لوحات متفرقة ضمن موضوع واحد. كان النعيمة في بداياته "يرسم ما يراه"، وبعد أن تمكن من أدواته وخاماته، وتعرف على الاتجاهات الفنية والممارسات التشكيلية لرواد الفنون رسم "ما يعرفه لا ما يراه" منتقلاً من الواقعية إلى اتجاه يجمع بين التجريدية والتعبيرية ففي تجاربه الأخيرة نجده يستحضر الإبل في نصوصه البصرية وفق ذات الاتجاه، وإيقاع مموسق وتلقائية مباشرة تتراقص معها الخطوط والمساحات والألوان في سيمفونية حالمة تصور الإبل في مختلف حالاتها؛ حبها، حنانها، غضبها، تطلعاتها للفوز في سباقاتها؛ الأمر الذي جعله يفوز هو معها بالجائزة الثانية في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل. أما الفنان طلال الزيد الذي عاش في أوروبا متنقلاً بين عدد من مدنها فكان مولعاً بفن الرسم على الحيطان "الجرافيتي" وممارساً له خلال المرحلة الثانوية واستمر في ذات الاتجاه لعشر سنوات متتالية، شارك خلالها في عدد من التظاهرات التشكيلية والمبادرات المحلية والدولية، وبعد انتقاله إلى أمريكا لدراسة السياحة والفندقة اتسعت مساحة ممارساته الفنية رغم أنه لم يدرس الفنون مستخدماً وسائط وتقنيات متعددة وتغذية بصرية تحققت من خلال زياراته المتكررة لمتاحف الفنون والمعارض والتظاهرات الفنية المختلفة، وبعد تخرجه وعودته إلى أرض الوطن افتتح مرسمه الخاص في الرياض ليمارس هواياته ويستضيف الفنانين والنقاد والمهتمين بالفنون التشكيلية. الزيد الذي كان مولعاً برسم الشخصيات الكرتونية والبورتريه والجبال والمزارع وأشجار النخيل التي تعكس بيئته الحائلية نلحظ أعماله قد انتقلت من الواقعية إلى التجريدية التعبيرية وفق رؤية تخصه وأسلوب يمثله مستخدماً الألوان بتلقائية دون قصد منه، وقد يلجأ إلى إضافة طبقات لونية فوق بعضها البعض على القماش أو الأخشاب أو الزنك، وفي حالات أخرى نلحظ أنه يعيد دراسة الألوان ودرجاتها المتعددة إلى أن يصل إلى الدرجة التي تتناسب مع الحالة المزاجية له، ومع الموضوع المستهدف بعيداً عن القواعد المدرسية والأساليب الكلاسيكية في تجربة تؤكد على الحركة وتتلاشى معها الشخوص والعناصر تارة وتعود تارة أخرى؛ الأمر الذي جعل الزيد يتساءل عن المسار الذي يسلكه وإلى أي محطة سيأخذه في رحلة بحث طويلة لا تعرف المستحيل جعلته يجرب الخامة والتقنية واللون، وربما يعيد التجارب مرات عدة. من أعمال طلال الزيد من أعمال فهد النعيمة د. علي مرزوق*
مشاركة :