غايتي من الحديث عن رعاية الدولة للصحة العامة والوقاية من الأمراض بيان التزامها الدستوري وإظهار التعاون والتراحم بين المواطنين، الذي لم يقتصر على عائلة الدبوس وحدها، فقد ساهمت عائلات كويتية كثيرة في هذا الرعاية، منها على سبيل المثال لا الحصر، الصقر والبحر وحسين مكي جمعة والشيخ سالم العلي والراشد والحمد والنفيسي والعيسى والبابطين. لم يكن ما طرحته في مقال الأحد الماضي تحت عنوان «التواصل الإنساني لوحدة الدبوس للقلب في العدان» انفعالا بحدث طارئ إنساني ومشرف لهذا المركز الطبي، ولم يكن الموقف الإنساني العظيم للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في دعمه المتواصل لجمعية العون المباشر التي أسسها د. عبدالرحمن السميط في مسيرة الخير التي قدمتها لقارة إفريقيا السمراء والتي تعاني التصحر والجوع والفقر والمرض، وهو الموقف الذي تمثلت فيه السيرة العمرية التي تناولتها في هذا المقال، لم يكن انفعالا وانبهارا بها فحسب، بل كان غايتي الربط بين دور الدولة في رعاية الصحة العامة والوقاية من الأمراض. وهو التزام دستوري بين الدولة والفرد في التعاون والتراحم بين المواطنين، والذي لم يقتصر على عائلة الدبوس وحدها، فقد ساهمت عائلات كويتية كثيرة في هذا الرعاية الصحية للمواطنين، منها على سبيل المثال لا الحصر، الصقر والبحر وحسين مكي جمعة والشيخ سالم العلي والراشد والحمد والنفيسي والعيسى والبابطين، والتزام دستوري كذلك بين دور منظمات المجتمع المدني، التي كفل الدستور حرية تكوينها على أسس وطنية لأداء دورها الاجتماعي الإنساني للمجتمع الكويتي. إنها منظومة إنسانية واجتماعية متكاملة بين الدولة وبين الجماعة والفرد، استقت ملامحها ومقوماتها من فلسفة دستورية شاملة، توجتها ديباجة الدستور التي سطرها الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم في تصديقه عليه، في الإيمان بدور هذا الوطن في خدمة السلام العالمي والحضارة الإنسانية، وسطرها الدستور في نصوص متفرقة، منها اعتبار التعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية لكيان الدولة الاجتماعي، وهي جميعا حقوق فردية ذات وظيفة اجتماعية. إنها الفلسفة الدستورية لمنظومة متكاملة للعمل الإنساني تجمع بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والفرد برباط وثيق وفي وتناغم تعضد فيه الدولة دور الفرد وتدعم دور منظمات المجتمع المدني. المجتمع المدني ويكفل الدستور حرية تكوين الجمعيات، التي تسابقت على عمل الخير داخل البلاد وخارجها، وكانت جمعية العون المباشر التي أسسها الراحل د. عبدالرحمن السميط سباقة في مسيرة الخير في القارة السمراء في إفريقيا، منذ أربعة عقود، حيث نذر نفسه وحياته كلها في هذا العمل منذ أول رحلة بدأها في إفريقيا في عام 1981. وخلال مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً) الذي انعقد في الكويت في يناير 1987م، طلب الرئيس عمر بنقو (رئيس جمهورية الغابون) من صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح- رحمة الله عليه- أن يتكرم بالمساعدة في بناء مسجد للمسلمين في عاصمة الغابون (ليبرفيل) وتكرم سموه بأن كلف وزارة المالية بتخصيص مبلغ مليون دينار كويتي لبناء مسجد في الغابون كمنحة من الكويت. وظل الطلب يراوح مكانه بوزارة المالية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بسبب العقبات التي واجهت تنفيذ المشروع في الغابون، وفي مطلع عام 1988 كلف الأمير الراحل الشيخ جابر د. عبدالرحمن السميط ببناء المسجد في الغابون، فعرض د. عبدالرحمن السميط على صاحب السمو اقتراحا بأن يضم المشروع ثلاثة مساجد ومدرسة وقاعة طعام ودورا للأيتام، بتكليف إجماليه 850 ألف دينار كويتي، فوافق صاحب السمو، إلا أن العقبات في الغابون كانت كثيرة، كما توقف البناء خلال فترة الغزو ليكتمل المشروع في عام 1995 بالتعاون مع صندوق التضامن الإسلامي. رد الجميل وعندما حضر الأمير الراحل جلسة الأمم المتحدة، التي كان العالم كله فيها يقف إلى جانب الكويت، لإصدار قرار التحالف الدولي لتحرير الكويت، كان رؤساء إفريقيا يتسابقون لتحية الأمير، ليقرروا لسموه أنهم يسددون بعض الدين الذي طوقت به الكويت أعناقهم في مسيرة خير الكويت للقارة السمراء. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
مشاركة :