ترتبط القصّة والرواية بعلاقة القربى الشديدة، كونهما ينتميان إلى فنّ السرد في الكتابة الأدبيّة، ولطبيعة الامتداد الحاصل بينهما، ومن هذا المنطلق تقول الأديبة والكاتبة الإماراتيّة الشّابة فاطمة المعمري، إنّه ما من خوف على القصّة القصيرة بسبب سيطرة وذيوع الرواية بين الكتّاب العرب، وخاصةً الشباب منهم. ترى المعمري، صاحبة كتاب «التنوّع الثقافي وتجلياته في السرد الإماراتي» الذي قدّمته كأطروحة دكتوراه، أنّ التكامل والخصوصيّات لهذين الجنسين الأدبيين، مدعاة لغنى وثراء طبيعي على الساحة الثقافية، طالما أنّ المؤسسة الثقافية تؤمن بجدوى التنويع ومستقبل الكتابة، وهو ما تؤكّده جهود الدولة وعنايتها من خلال حواضنها ومنافذها الأدبيّة الحكومية والمنتديات ذات العلاقة. نوافذ إلكترونية وتقول المعمري، إنّ هناك عوامل أسهمت بانتشار الأنواع الأدبيّة وفرص وصولها للقراء، وذلك منذ أن وجد الشباب والمهتمون في نوافذ وسائل التواصل الاجتماعي وسيلةً لإشهار الأعمال والقطع الأدبيّة التي ينتجونها، ومع ذلك ترى أنّ ثمّة اختلاطاً للجيّد من الكتابة بالغثّ والزائل، وهو ما يتطلّب أن نفعّل العملية النقديّة والقراءات في مستقبل السرد الأدبيّ تحديداً وتطوّره، فضلاً عن تطوّر الشعر نظراً لسهولة الاستخدام وتقديم الكتّاب لأنفسهم في هذا المجال أو ذاك. وحول اهتمام المؤسسات الثقافيّة، تؤكّد المعمري أنّ الشباب يعيشون فترتهم الذهبيّة في توفير الدولة لكلّ سبل الحضور الثقافي والإبداعي بالتعاون مع القطاع الخاص، مثمّنةً المشاركات الخارجيّة والحضور الإعلامي لكتابنا عبر هذه المؤسسات الحكومية والخاصّة، وفي التمثيل الخارجي للإمارات، وهو ما يضعنا بمقارنة بين جيل الروّاد الذي ربّما لم تكن لتتاح له المساحة التي تتوفّر الآن في وجود أرضيّة مؤسسية تعطي نوعاً من الثقة بالنتاج الأدبي، خاصةً بواكير الكتابة لأولئك الكتّاب. أدب نسوي وتنتقد المعمري بشدّة القائلين بأنّ هناك معيقات وتحديات أمام المرأة الإماراتيّة في إثبات ذاتها والتعريف بمنجزها الأدبي، موضّحةً أنّ ذلك كان مرتبطاً بفترات قديمة وظروف اجتماعيّة تجاوزتها الدولة وحفزت الجميع على الإبداع والتمسّك بالثقافة كأسلوب حياة وتطوير اجتماعي، لذا ازدهر الأدب النسوي كثيراً، وأصبحنا نفتخر بوجود العنصر النسائي المتقدّم في الأدب والفن وكلّ أوجه الثقافة والإبداع على الساحات المحليّة والعربيّة والعالميّة. وترى أنّ الأدب الرقْمي أو الافتراضي أعطى مساحة كبيرة للتعبير، خصوصاً في وقت جائحة «كورونا»، التي أثّرت سلباً في بدايتها على المنتديات والهيئات والروابط والجمعيات الثقافيّة وعزلت المبدع عن جمهوره، من هنا قامت البرامج الإلكترونيّة بتقريب المبدعين واستضافاتهم ومنحهم الفرصة لأن يعبّروا عن أنفسهم وذواتهم، وكان التحدّي أيضاً هو خلق جمهور يتابع هذه الوسائط الإلكترونيّة، وقد احتاج ذلك بعضاً من الوقت، لكنّه في النهاية أثمر عن جدوى هذه الوسائط وأهميّتها في الجوائح والأزمات، نظراً لأنّ العالم اليوم يتّجه نحو الرقمنة أو التقدّم السريع في التواصل التكنولوجي، منوّهةً أنّ علينا في المقابل أن نظلّ محافظين إضافة لهذا، على الجمهور والعلاقة الحميمة بينه وبين الكتاب في المنصّات التقليدية والنقاشات التي تعود لسابق عهدها بعد انقضاء أزمة «كورونا»، وعودة المؤسسات الثقافية والإبداعية مجدداً إلى الحضور. ولادة المنجز الأدبي توازن الكاتبة فاطمة المعمري بين التوثيق الأدبي والنتاج الإبداعي فيما يخصّ أعمالها، فإضافةً إلى أطروحتها في التنوع الثقافي وتجلياته في السرد الإماراتي، تجد أنّ من الصعب أن تختار أيّاً من نصوصها الإبداعيّة للانطلاق به وإشهاره، معترفةً بأنّ على الكاتب أن يهتمّ كثيراً بولادة المنجز الأدبي كاملاً في نموّه وغير مستعجل في فكرته ومعالجاته الأدبيّة.
مشاركة :