تحقيق اخباري: كورونا والوضع الاقتصادي يغيران عادات الاحتفال بعيد الحب بجنوب لبنان

  • 2/14/2021
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

وقف الشاب العشريني جهاد ترحيني دقائق عدة يستعرض الأسعار في محل للعطور النسائية وسط الشارع الرئيسي في مدينة النبطية بجنوب لبنان قبل أن يشتري هدية لخطيبته بمناسبة "عيد الحب". واعتاد جهاد تقديم الهدايا لخطيبته مع عناق طويل في "عيد الحب" الذي يصادف 14 فبراير، لكن تبدلت الأحوال وتغيرت هذا العام، فالهدية ارتفع ثمنها بشكل جنوني والقبلة حظرها مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19). وبحسرة لاذعة وشعور حزين، أعرب جهاد لوكالة أنباء ((شينخوا))، عن أسفه لما آلت اليه الأوضاع في هذه الفترة التي وصفها بالقاسية. وقال جهاد "في ظل ضغط الوضع الاقتصادي وتدابير الوقاية من كورونا انقلبت تقاليد عيد العشاق فالهدايا منسية والقبلات باتت عن بعد مع حنين حارق للعناق الحميم". حالة جهاد يمكن أن تكون حالة آلاف اللبنانيين الذين أرغمتهم الأزمة الاقتصادية وكورونا على تغيير أنماط احتفائهم بعيد الحب. فالطالبة الجامعية حنان سبيتي، التي تتابع دروسها عن بعد، اكتفت هي الأخرى بوردة حمراء قطفتها من حديقة منزلها في بلدة حبوش جنوب لبنان كهدية لحبيبها في "عيد العشاق". وأشارت حنان لـ ((شينخوا)) إلى أن التقشف سمة المرحلة الراهنة، فجميع الذين انتظروا هذه المناسبة الغالية على قلوبهم تجاوزوا الهدايا مرغمين فيما من غامر بتقديم هدية تجاهل الباهظة الثمن منها التي تدخل ضمنها الملابس والعطور ومستحضرات التجميل. أما جمال عامر الشاب الثلاثيني العاطل عن العمل منذ حوالي عام ونصف، فقد جال في سوق بلدة الطيبة جنوب لبنان عله يحظى بهدية مقبولة لزوجته، واعرب عن أسفه لما وصلت إليه الأوضاع بشكل عام. واستذكر جمال أيام العز والبحبوحة وقال لـ ((شينخوا)) "في أسواق الماضي القريب لا لون يعلو على اللون الأحمر في عيد العشاق، فالأحمر القاني هو الغالب على واجهات المحال". وأضاف "لقد ساءت أوضاعنا المادية فعلا، وليست لي القدرة كما الكثيرين على شراء هدية قيمة لزوجتي، وبكل خجل أقول لم أجد أفضل من كمامة حمراء أهديها لشريكة حياتي في هذه المناسبة". من جهتهم، فقد خذل عيد الحب التجار هذا العام، كما أشار ادمون حمرا صاحب متجر عطور واكسسوارات في مرجعيون جنوب لبنان. وقال حمرا لـ ((شينخوا)) "كنا ننتظر عيد العشاق لتنشيط الدورة الأقتصادية لكن للأسف المحبين ومن مختلف الأعمار هجروا الأسواق، لتختصر معايداتهم على قبلات وهمية عن بعد". وقالت الطالبة الجامعية هيفا غادر في بلدة شبعا بجنوب لبنان انه "لاعيد ولا حب هذا العام". واضافت "من البديهي القول ان الحب ذهب ضحية كورونا والأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في لبنان، جيوب الناس خالية والأسواق التجارية مقفرة". وبحسب سامر اللقيس، وهو صاحب محل للمجوهرات في حاصبيا ، فإن حركة المبيعات في "أيام العز" كما يصفها كانت تبدأ في الأول من فبراير ولكن مع حلول العيد في هذه الفترة فان الكساد سيد الموقف. وأضاف "أصغر هدية من الذهب يبلغ سعرها 150 دولارا أي ما يوازي مليونا و300 ألف ليرة لبنانية، وفي ظل هذه الأوضاع يفضل اللبناني انفاق هذا المبلغ على الضروريات الملحة". وقالت ربة المنزل هدى عون لـ ((شينخوا))، وهي أم لخمسة أطفال، انه مع تزايد أعباء الحياة اخترت وجبة عشاء وقضاء سهرة منزلية مع افراد العائلة احتفاء بـ"عيد العشاق". من جهتها أوضحت جانيت حداد صاحبة محل هدايا في كوكبا بجنوب لبنان ان لديها منذ العام الماضي مخزونا كبيرا من الهدايا والساعات والعطور التي ارتفعت أسعارها بنسبة 50 في المائة عن العام الماضي نتبجة انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار. واعتبرت سليمة الحلبي (19 عاما) أن تفشي (كوفيد-19) أجبرنا في عيد العشاق على عدم التواصل وجها لوجه مع أحبائنا والشعور بالعزلة والضجر. اما رفيقتها في الدراسة الجامعية حنان المر فقالت "علينا في هذه المناسبة تحاشي العواطف والتركيز الأكبر على الوقاية لتجنب عدوى (كوفيد-19) لنحول هذه المناسبة الى حب الحياة وحماية مجتمعنا وتحصينه. وشرع لبنان في تطبيق حالة الطوارئ العامة الصحية بعد ارتفاع الإصابات بمرض (كوفيد-19)، وأغلقت السلطات البلاد بشكل تام مع حظر التجوال الكلي لنحو ثلاثة أسابيع في محاولة لكبح تفشي المرض، قبل أن تبدأ في الثامن من فبراير الجاري في فتح البلاد تدريجيا على أربع مراحل. ويواجه لبنان أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية وصحية متشابكة أدت إلى ارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وإلى تفاقم البطالة والتضخم المالي وانهيار العملة المحلية والقدرة الشرائية وسط تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019 مع تجميد المصارف للسحوبات النقدية بالدولار الامريكي وتقييدها بالعملة المحلية.

مشاركة :