الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.واليوم ننشر قصيدة بعنوان "سأقول لك أحبك" للشاعر السوري نزار قباني، وذلك احتفاءا بعيد الحب.سأقول لك "أحبك"حين تنتهي كل لغات العشق القديمةفلا يبقى للعشاق شيءٌ يقولونه أو يفعلونهعندئذ ستبدأ مهمتيفي تغيير حجارة هذا العالموفي تغيير هندستهشجرةً بعد شجرةوكوكبًا بعد كوكبوقصيدةً بعد قصيدةسأقول لك "أحبك"وتضيق المسافة بين عينيك وبين دفاتريويصبح الهواء الذي تتنفسينه يمر برئتي أناوتصبح اليد التي تضعينها على مقعد السيارةهي يدي أناسأقولها عندما أصبح قادرًاعلى استحضار طفولتي، وخيولي، وعساكري،ومراكبي الورقيةواستعادة الزمن الأزرق معك على شواطيء بيروتحين كنت ترتعشين كسمكةٍ بين أصابعيفأغطيك، عندما تنعسينبشرشفٍ من نجوم الصيفسأقول لك "أحبك"وسنابل القمح حتى تنضج بحاجةٍ إليكوالينابيع حتى تتفجروالحضارة حتى تتحضروالعصافير حتى تتعلم الطيرانوالفراشات حتى تتعلم الرسموأنا أمارس النبوهبحاجةٍ إليكسأقول لك "أحبك"عندما تسقط الحدود نهائيًا بينك وبين القصيدةويصبح النوم على ورقة الكتابةليس الأمر سهلًا كما تتصورينخارج إيقاعات الشعرولا أن أدخل في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرف أن أتهجاهكلمةً كلمةومقطعًا مقطعًاإنني لا أعاني من عقدة المثقفينلكن طبيعتي ترفض الأجساد التي لا تتكلم بذكاءوالعيون التي لا تطرح الأسئلةإن شرط الشهوة عندي، مرتبطٌ بشرط الشعرفالمرأة قصيدةٌ أموت عندما أكتبهاوأموت عندما أنساهاسأقول لك "أحبك"عندما أبرأ من حالة الفصام التي تمزقنيوأعود شخصًا واحدًاسأقولها عندما تتصالح المدينة والصحراء في داخليوترحل كل القبائل عن شواطيء دميالذي حفره حكماء العالم الثالث فوق جسديالتي جربتها على مدى ثلاثين عامًافشوهت ذكورتيوأصدرت حكمًا بجلدك ثمانين جلدةبتهمة الأنوثةلذلك لن أقول لك "أحبك" اليوموربما لن أقولها غدًافالأرض تأخذ تسعة شهورٍ لتطلع زهرةوالليل يتعذب كثيرًا ليلد نجمهوالبشرية تنتظر ألوف السنوات لتطلع نبيًافلماذا لا تنتظرين بعض الوقتلتصبحي حبيبتي.
مشاركة :