توقع مختصون ومحللون نفطيون استمرار المكاسب السعرية للنفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعدما اختتمت الأسبوع الماضي على صعود بنحو 2 في المائة، وعلى أساس أسبوعي كسب خام برنت 5.3 في المائة والخام الأمريكي 4.7 في المائة، كما بقيت الأسعار حول أعلى مستوى في 13 شهرا. وأوضح لـ"الاقتصادية"، مختصون، أن المكاسب السعرية المتوالية مدعومة من عدة عوامل، أبرزها قيود العرض التي تنفذها بنجاح مجموعة "أوبك +" وحققت تعويضات ومطابقة بشكل جيد، علاوة على خطة التحفيز المالي الأمريكية الضخمة التى تبلغ 1.9 تريليون دولار، إلى جانب مؤشرات قوية على تعافي الطلب في ضوء الانتشار الجيد للقاحات كورونا الجديدة، ما عزز الآمال في القدرة على احتواء الوباء. وأشار المختصون إلى أن تقلص المخزونات النفطية الأمريكية بوتيرة سريعة أسهم أيضا في دعم الأسعار، إضافة إلى توقعات انكماش الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري جراء القيود الواسعة المفروضة على الاستثمارات في الوقود الأحفوري في ظل سياسات الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس جو بايدن المنحازة للطاقة المتجددة. وذكر المختصون، أن الإصابات الجديدة والإغلاق العام في اقتصادات كبرى مثل ألمانيا وعمليات جني الأرباح جميعها عوامل رئيسة تكبح استمرار صعود أسعار النفط، ورغم ذلك يراهن كثيرون على تجاوز الخام الأمريكي عتبة 60 دولارا للبرميل وأن يواصل خام برنت مكاسب نسبية. وأشاد المختصون بتأسيس صندوق عالمي للطاقة المتجددة بقيمة ملياري دولار، بهدف دعم مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية في أوروبا الغربية، الولايات المتحدة، كندا، المكسيك، اليابان، تايوان، أستراليا، ونيوزيلندا. كما ثمنوا قرار وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية، بتوفير تمويل بقيمة 100 مليون دولار لنشر تقنيات منخفضة الكربون، معتبرين أن هذا القرار سيساعد صناعة النفط الخام على الاستجابة سريعا لسياسات المناخ. وفي هذا الإطار، يقول روس كنيدي، العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، إن فرص حصد مزيد من المكاسب السعرية في الأسبوع الجاري قائمة بقوة في ظل غلبة العوامل الداعمة على العوامل التي تكبح الأسعار، خاصة تسارع وتيرة السحب من المخزونات النفطية الأمريكية وظهور مؤشرات قوية على تعافي الطلب وهي التوقعات التي تراهن عليها بقوة مجموعة "أوبك +" في الشهور القليلة المقبلة. وأضاف، أن الجميع يأمل أن يكون عام 2021 هو عام التعافي وأن يصبح أحد أهم الأعوام لقطاع الطاقة في التاريخ الحديث، من خلال تجاوز المحنة الواسعة بسبب الوباء في العام الماضي، مشيرا إلى أن دلائل التعافي بدأت في الظهور بشكل جيد. ويرى، دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، أن الأسبوع الماضي كان من الأسابيع الجيدة للسوق وربحت الأسعار 2 في المائة في ختام التعاملات. ومن المتوقع البناء على هذا الأمر في الأسبوع الجاري والأسابيع اللاحقة، فقد استقر خام برنت تقريبا فوق 61 دولارا للبرميل، على الرغم من بعض الرياح المعاكسة وأبرزها تسجيل ارتفاع طفيف في قيمة الدولار. وذكر أن المنتجين في "أوبك" أحرزوا بالفعل نجاحات جيدة ولا يمكن الخلاف عليها والبديل كان يمكن أن يكون سيئا للغاية لولا التوافق والحفاظ على الشراكة والعمل المشترك، لكن "أوبك" ما زالت لديها بعض القلق على السوق بسبب استمرار الإغلاق العام في عديد من دول العالم، خاصة في الاقتصادات الكبرى، ما جعلها تقوم بخفض توقعات الطلب على النفط في أحدث تقاريرها الشهرية، حيث توقعت أن يرتفع 5.8 مليون برميل يوميا، هذا العام منخفضا بنحو 100 ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر الماضي. ويقول بيتر باخر، المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، إن السوق في حالة ترقب لوضع الإمدادات النفطية في ضوء التعافي الجيد في مستوى الأسعار، حيث من المنتظر أن تراجع مجموعة "أوبك +" الشهر المقبل موقفها من زيادة الإنتاج مرة أخرى ولو بشكل تدريجي اعتبارا من نيسان (أبريل) المقبل مع انتهاء فترة التخفيضات الإنتاجية الطوعية التي قامت بها السعودية وتبلغ مليون برميل يوميا على مدار شهرين. ولفت إلى توقعات مقابلة تخص نمو النفط الصخري الأمريكي، حيث ذكرت إدارة معلومات الطاقة في أحدث بياناتها، أنه مع زيادة سعر خام غرب تكساس الوسيط عن 50 دولارا سيعود النفط الصخري الأمريكي إلى النمو في وقت لاحق من هذا العام، كما رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للإمدادات النفطية في 2022 إلى 11.53 مليون برميل يوميا ارتفاعا من 11.49 مليون برميل يوميا الشهر الماضي. وتضيف أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، أنه من المرجح أن يسجل النفط الخام مزيدا من المكاسب السعرية في الأسابيع المقبلة، وهو ما أكد عليه بنك "جولدمان ساكس" الذي رشح خام برنت لتجاوز مستوى 65 دولارا للبرميل في الأمد القصير. ونوهت إلى أن كثيرا من شركات النفط الصخري الأمريكي أدركت جيدا توجهات الإدارة الجديدة وضغوط سياسات المناخ، لذا نجد أن عددا من كبرى الشركات مثل: "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"بي بي" خفضت معا ما يصل إلى 2.4 مليون برميل يوميا في خطط إنتاج النفط المستقبلية من موارد النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة، كما سيتم الاستفادة من الأسعار المرتفعة الحالية في سداد الديون وتوزيع الأرباح على المساهمين. من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط الخام أكثر من 2 في المائة، الجمعة، مسجلة أعلى مستوياتها فيما يربو على عام بفضل الآمال في أن يعزز تحفيز أمريكي الاقتصاد والطلب على الوقود، وفي ظل شح الإمدادات الذي يرجع بدرجة كبيرة إلى تخفيضات كبار المنتجين. وصعد خام برنت 1.29 دولار بما يعادل 2.1 في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 62.43 دولار للبرميل بعد أن ارتفع خلال الجلسة إلى 62.83 دولار، أعلى مستوياته منذ 22 كانون الثاني (يناير) 2020. وأغلق الخام الأمريكي مرتفعا 1.23 دولار أو 2.1 في المائة عند 59.47 دولار، بعد صعوده إلى 59.82 دولار، ذروته منذ التاسع من كانون الثاني (يناير) 2020. وانتزع الخام الأمريكي مكاسب أسبوعية بنحو 4.7 في المائة، في حين ارتفع "برنت" 5.3 في المائة على مدار الأسبوع. ويعقد الرئيس الأمريكي جو بايدن اجتماعا مع مجموعة من رؤساء البلديات وحكام الولايات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في إطار مساعيه لإقرار خطة إغاثة من تداعيات فيروس كورونا حجمها 1.9 تريليون دولار لتدعيم النمو الاقتصادي ومساعدة الملايين من العاطلين عن العمل. وتتجه مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسة الثلاثة لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي. وتدعمت الآمال حيال عودة الحياة إلى طبيعتها في نهاية المطاف بفضل تراجع حاد في إصابات كوفيد - 19 وأعداد نزلاء المستشفيات.
مشاركة :