تبرئة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تبقيه لاعباً سياسياً رغم الملاحقات القضائية

  • 2/15/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وسط اتفاق جمهوري ديمقراطي نادر على استمرار ملاحقته عن جميع أفعاله، احتفظ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ببقائه على الساحة السياسية بإسدال الستار على محاكمته الثانية أمام مجلس الشيوخ خلال عام واحد، بتبرئته من تهمة التحريض على التمرد في أحداث 6 يناير الدامية. رغم تصريحات زعماء حزبه الجمهوري المعبرة عن خيبة الأمل تجاهه واستمرار ملاحقته في تهم أخرى خصوصاً في نيويورك، تمكن الرئيس الأميركي، أمس الأول، من الإفلات للمرة الثانية من محاولات خصومه الديمقراطيين المستميتة لإبعاده نهائياً عن الحياة السياسية. وفي المحاولة الثانية لعزله والرابعة في تاريخ الولايات المتحدة، خسر الديمقراطيون فرصة ذهبية لتحميل ترامب مسؤولية حصار غير مسبوق للكونغرس أوقع خمسة قتلى بينهم شرطي. ومع فشلهم في تهيئة المسرح لمنعه من تقلد منصب عام مرة أخرى، وعدم تمكنهم من الحصول على أغلبية الثلثين 67 صوتا المطلوبة لإدانته، برّأ مجلس الشيوخ ترامب من تهمة "الحضّ على التمرّد"، وتشجيع أنصاره على اقتحام مقرّ الكابيتول في 6 يناير الفائت. وفي حين أظهر التصويت أن ترامب لا يزال يُحكم قبضته على الحزب الجمهوري معتمداً على التأييد لنهجه الشعبوي اليميني ومبدأ "أميركا أولاً"، برز الاتفاق الضمني في تصريحات الرئيس جو بايدن وزعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل على أنه لا يزال مسؤولاً عن كل ما فعله، ولم يُفلِت من أيّ شيء بعد، وقد يواجه اتهامات الآن بعد أن ترك منصبه. ورغم انضمام 7 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ إلى جميع الديمقراطيين الخمسين في التصويت لإدانته، تمكن ترامب من الإفلات من العقوبة بفضل تصويت 43 جمهورياً لمصلحة تبرئته من التهم الموجهة إليه. وفي نهاية يوم من المفاجأة والارتباك تم التوافق على إدخال بيان من النائبة الجمهورية جيمي هريرا بتلر وصفت فيه ما حدث في مكالمة هاتفية بين ترامب وزعيم الحزب الجمهوري في مجلس النواب كيفين مكارثي، في سجل المحاكمة بدلاً من استدعائها كشاهدة. وفي الخامس من فبراير 2020، أنقذ الجمهوريون ترامب أيضاً من العزل خلال محاكمته السابقة عندما صوت لإدانته وعزله من منصبه عضو جمهوري واحد بمجلس الشيوخ هو ميت رومني. بداية جديدة وعلى الفور، أصدر ترامب، الذي يخطط لخوض انتخابات الرئاسة في 2024، بياناً، رحب فيه بتبرئته. وقال: "حركتنا التاريخيّة والوطنيّة والجميلة لجعل الولايات المتحدة عظيمة مجدّدا بدأت لتوّها في الأشهر المقبلة، لديّ الكثير لأتشاركه معكم، وأنا أتطلّع إلى مواصلة رحلتنا الرائعة معا لتحقيق العظمة الأميركيّة لشعبنا بأجمعه". وإذ اعتبر ترامب أن "هذه كانت مرحلة أخرى من أكبر مطاردة للخصوم السياسيين في تاريخ أميركا"، هاجم الديمقراطيين قائلاً: "إنه تعليق مُحزن على عصرنا أن حزبا سياسيا واحدا يُمنح تصريحا مجانيا لتشويه سمعة سيادة القانون، والتشهير بإنفاذ القانون، وتشجيع الغوغاء، وإعفاء المشاغبين، وتحويل العدالة إلى أداة للانتقام السياسي، والاضطهاد، تشويه، وإلغاء وقمع جميع الأشخاص ووجهات النظر الذين يختلفون معهم أو الذين يختلفون معهم". وتابع ترامب، الذي شكر فريقه القانوني والأعضاء الذين وقفوا بجانبه: "لم يمر أي رئيس من قبل بشيء كهذا، ويستمر ذلك لأن خصومنا لا يستطيعون نسيان تصويت 75 مليون شخص لنا". الديمقراطية هشة وفي بيان مماثل، وصف بايدن عدم إدانة مجلس الشيوخ لترامب بأنه "فصل محزن من تاريخ الولايات يذكّر بأن الديمقراطية هشة، وأنه يجب دائما الدفاع عنها"، مشدداً على أن "العنف والتطرف ليس لهما مكان". وأكد أن جوهر التهمة الموجهة لسلفه ليست محل نزاع، حتى الذين عارضوا الإدانة مثل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ يعتقدون أن ترامب مذنب بتقصيره بشكل شائن في أداء الواجب، ومسؤول عمليا وأخلاقيا عن إثارة العنف الذي اندلع في مبنى الكابيتول ولا يزال مسؤولاً عن كلّ ما فعله ولم يُفلِت من أيّ شيء بعد. ودعا بايدن جميع الأميركيين، خصوصا القادة، إلى الدفاع عن الحقيقة ودحر الأكاذيب، لأنها هي الطريق لإنهاء "الحرب الهمجية"، وشفاء الأمة الأميركية. تقصير شائن ورغم تصويته لمصلحته بدافع عدم دستورية عزل رئيس بعد تركه لمنصبه، وجّه ماكونيل انتقادات لاذعة لترامب، معتبراً أنه "قصّر بشكل شائن في أداء الواجب" و"مسؤول عمليا وأخلاقيا عن إثارة مجرمين كانوا يحملون راياته يُعلّقون أعلامه ويصرخون بالولاء له". وذهب ماكونيل أبعد من ذلك، مشيرا إلى أن ترامب قد يواجه اتهامات الآن بعد أن ترك منصبه لأنه "لا يزال مسؤولا عن كل ما فعله ولم يُفلِت من أيّ شيء بعد". بيلوسي والجمهوريّون ووصفت رئيسة مجلس النوّاب نانسي بيلوسي التي استهدفها علانيةً أنصار ترامب في 6 يناير، الجمهوريّين الذين صوّتوا لمصلحة تبرئته بأنّهم "جبناء"، مؤكدة أن "رفض الجمهوريّين تحميله مسؤوليّة إثارة تمرّد عنيف للتشبّث بالسلطة سيُصبح واحداً من أحلك الأيّام وأكثر الأعمال المخزية في تاريخ الأمة". وشدد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر على أن التصويت لتبرئة ترامب، "غير أميركي" وإهانة لوطنيين ضحوا بحياتهم من أجل الجمهورية على مر القرون. وقال شومر: "ترامب ألهم، ووجه، ودفع الغوغاء لمنع الانتقال السلمي للسلطة، وتقويض إرادة الشعب، وإبقاء ذلك الرئيس في السلطة بشكل غير قانوني". وقبل التصويت طلب زعيم فريق المدّعين الديمقراطيّين في المحاكمة جيمي راسكين استدعاء شهود، وردّ فريق الدفاع عن ترامب باستدعاء بيلوسي ونائبة الرئيس كامالا هاريس وغيرهما من الشهود. وفي نهاية المطاف اتفقا على الاكتفاء بتسجيل بيان النائبة الجمهوريّة عن ولاية واشنطن جايمي هيريرا بيوتلر عن الأحداث ضمن الأدلّة. قروض هائلة وفي ظل توافق تصريحات بايدن وماكونيل على أن ترامب لم يفلت من أيّ شيء بعد وقد يواجه اتهامات بعد أن ترك منصبه، أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مدعين في نيويورك يحققون مع بعض العقارات التابعة لمنظمته في مانهاتن. ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على الموضوع تأكيدهم أن المدعين يوسعون نطاق التحقيق الجنائي بحق منظمة ترامب، ويحققون في تسلمها قروضا بقيمة مئات ملايين الدولارات في العقد الأخير، وهي متعلقة بأربعة عقارات تابعة لها في مانهاتن، منها "برج ترامب". وأشارت الصحيفة إلى أن شركة Ladder Capital منحت ترامب منذ 2012، قروضا متعلقة بهذه العقارات الأربعة تتجاوز قيمتها الإجمالية 280 مليون دولار، حسب السجلات العقارية. كما يحقق المدعون، حسب الصحيفة، بشأن منزل "سيفن سبرينغز" التابع لمنظمة ترامب في مقاطعة ويستتشستر، ويأتي ذلك ضمن إطار تحقيق شامل يقوده مدعي مانهاتن سايروس فانس الابن في مزاعم تورط المنظمة في احتيال مصرفي ومتعلق بالتأمين. ترشح ترامب وأظهر استطلاع أجرته شركة "إبسوس" لمصلحة وكالة رويترز أن أغلبية البالغين يعتقدون أنه يجب منع ترامب من الترشح للمناصب العامة مرة أخرى. وشدد 53 في المئة ممن شملهم الاستطلاع على أنه لا ينبغي السماح لترامب بالترشح للمناصب العامة مرة أخرى، في حين قال 50 في المئة إنهم كانوا سيصوتون لإدانته في محاكمة عزل مجلس الشيوخ إذا كان لهم الحق في التصويت. وأظهر استطلاع لشركة "يوغوف" للأبحاث وصحيفة "ذا إيكونوميست" أن 53 في الئمة يعتقدون أنه لا ينبغي السماح لترامب بالترشح لمنصب الرئاسة مرة أخرى. ووجد استطلاع "إيبسوس ورويترز" أن 71 في المئة من البالغين يعتقدون أن ترامب مسؤول جزئيا عن أعمال الشغب، في حين أعلن نصف الجمهوريين الذين شملهم الاستطلاع أن ترامب مسؤول بشكل ما عن تلك الأحداث.

مشاركة :