قد يحل الخشب الشفاف يومًا محل الزجاج في النوافذ، حيث أظهرت دراسة جديدة طريقة لجعل الخشب شفافًا دون استخدام كميات هائلة من الطاقة في هذه العملية. وكانت التجارب السابقة للقيام بذلك كثيفة الاستهلاك للطاقة وتستخدم مواد كيميائية ضارة. ويستخدم الإنسان الخشب منذ ملايين السنين لبناء المساكن والسفن وكمصدر للوقود للحرق، ويمثل مصدرًا متجددًا، وطريقة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون الزائد من الغلاف الجوي للأرض. ولا يُستخدم الخشب لصنع النوافذ، وبدلاً من ذلك، نعتمد على الزجاج والبلاستيك، اللذين يتسمان بالشفافية، ويمكنهما توفير الدعم الهيكلي عند تقويتهما. وتفقد المباني الكثير من الحرارة من خلال الزجاج، وبينما يمكن للضوء أن يجلب بعض الحرارة من خلال المواد، فإنه ليس عازلًا جيدًا، وهذا هو السبب في أننا بحاجة إلى زجاج مزدوج، ومن ناحية أخرى، فإن الخشب عازل للغاية لكنه غير شفاف. وقام علماء المواد في السنوات الأخيرة بإجراء تجارب لجعل الخشب شفافًا، حيث إن جعل الخشب شفافًا، والاحتفاظ بخصائصه الميكانيكية العالية، يوفر بديلاً جيدًا للزجاج من مصدر مستدام ومتجدد. ويأتي افتقار الخشب للشفافية من الجمع بين مكونين رئيسيين، هما السليلوز واللجنين، حيث يمتص اللجنين الضوء، بينما تتكون ألياف الخشب من السليلوز، وهي هياكل مجوفة تشبه الأنبوب. ويعمل الهواء الموجود في هذه الأنابيب المجوفة على تشتيت الضوء، مما يقلل بدرجة أكبر من شفافية المادة. وتضمنت التجارب السابقة لجعل الخشب شفافًا إزالة اللجنين تمامًا من الهيكل واستبداله بمادة راتنجية. وتتطلب إزالة اللجنين الكثير من المواد الكيميائية الضارة بالبيئة، كما أنه يقلل بشكل كبير من الخواص الميكانيكية للمادة مما يجعلها أضعف. وتوضح الدراسة الجديدة، التي أجراها باحثون في جامعة ميريلاند، كيفية جعل الخشب شفافًا باستخدام مادة كيميائية بسيطة – بيروكسيد الهيدروجين – تستخدم عادة لتبييض الشعر. وتعمل هذه المادة الكيميائية على تعديل الكروموفور، وهي مركبات تنشط بالضوء وتجعل الخشب يبدو بنيًا، وتغيير هيكلها بحيث لا تعمل على امتصاص الضوء وتلوين الخشب. ويمكن رش المادة الكيميائية على الخشب، ثم تنشيطها باستخدام الضوء لإنتاج مادة بيضاء لامعة. ويمثل التفاعل الكيميائي للخشب مع بيروكسيد الهيدروجين أساس تبييض لب الخشب المستخدم في صناعة الورق. ويعد هذا التفاعل الكيميائي أحد الأسباب التي تجعل الورق ناصع البياض، في حين يتعلق السبب الآخر بالمسام أو الثقوب في البنية التي تبعثر الضوء، تمامًا مثل ألياف السليلوز المجوفة في الخشب. ويقلل ملء هذه الألياف بالراتنج من هذا التشتت، مما يسمح للضوء بالمرور عبر الخشب ويجعله شفافًا، مع الاحتفاظ بخصائصه الميكانيكية الأصلية. ويمكن تطبيق هذا النهج على قطع كبيرة من المواد، مما يؤدي إلى إنتاج مواد بناء شفافة ويوفر إمكانية حقيقية لاستبدال الزجاج. وهناك حاجة إلى المزيد من العمل لتحسين التفاعل مع الخشب ودمجه في عملية صناعية مؤتمتة، لكن في يوم من الأيام، في المستقبل، قد تكون جالسًا في منزل أو تعمل في مبنى به نوافذ خشبية.
مشاركة :