قالت الفنانة المصرية الشابة منة شلبي أمامي في أحد لقاءاتها إن النجاح الذي أحرزه مسلسل: حارة اليهود، لم تكن تتوقعه، وأدهشها لحد الذهول. وكلامها حقيقي. فالعمل يوشك أن يكون عمل العام. وعندما نصل إلى جوائز الدراما التي قدمت في رمضان الماضي سيحصل هذا العمل على أكبر جوائز بين كل الأعمال الأخري. والدور الذي تلعبه منة في المسلسل هي: ليلى الفتاة اليهودية. كانت تعمل في محلات شيكوريل. وقصة الحب التي جمعتها بعلي الضابط في الجيش المصري سببها وجودهما في حارة واحدة. لكن ليلى كان لها شقيق متطرف في يهوديته. ويري أن إسرائيل هي الخلاص- ربما الوحيد- لكل يهود العالم. وأنه لا حل أمام أسرته سوي الهجرة إلى إسرائيل. خصوصا بعد حرب إسرائيل الأولى سنة 1948 وخروج إسرائيل منها منتصرة. واحتياجها للمساعدات المالية والسكان من اليهود. تُحبط ليلى في حبها من علي بعد عودته مهزوما من فلسطين. فتقرر في لحظة يأس أن تُهاجر إلى إسرائيل. وهناك تصدم بعنصرية الذين هاجروا قبلها من مصر. وبأنهم كائنات عدوانية لا يفكرون سوى في الاعتداء على العرب والفلسطينيين في فلسطين أصحاب الأرض والحق فيها. تهرب لكي تعود مرة أخرى إلى مصر بعد أن تعرضت للتعذيب والضرب المبرح وإزالة شعر رأسها بطريقة غير إنسانية. وتعود وقد كفرت بكل ما قامت إسرائيل على أساسه. فقد رأت مجتمعا عنصريا معبئا ضد كل ما هو فلسطيني أو عربي. مجتمع يمجد اليهود فقط لا غير. ويرفض من ليس يهوديا. في حارة اليهود دار من دور البغاء. وربما كان هذا خطأ تاريخيا. لأن هذه الدور أغلقت نهائيا سنة 1948. وأصبحت هذه المهنة خارجة عن القانون. وكل من يقترب منها يعرض نفسه للمساءلة أمام الشرطة والقضاء. وقبل هذا وبعده أمام المجتمع المصري الذي يرفض هذه الممارسات. لكننا في المسلسل نرى دار البغاء التي أدارتها زينات. لعبت دورها بمهارة الفنانة: هالة صدقي. تحت سمع وبصر رجال السياسة ورجال القضاء ورجال الشرطة. وكأن وجودها أمر واقع. ولا تغلق الدار إلا بعد أن يثبت أن بعض النساء اللاتي يعملن في الدار قدمن تسهيلات للوطنيين من أجل التمكن من قتل المحتل الإنكليزي. لا أريد أن ألخص المسلسل. فلا يوجد عمل فني واحد يمكن تلخيصه. لكني أقفز للنهاية وأقول إن علي لم يتمكن من الزواج من ليلى. لأنه تعب قبل أن يستصدر تصريحا من القوات المسلحة بالسماح له بالزواج منها. وعندما أصبح هذا التصريح بيده. كانت ليلى قد قررت الهجرة من مصر. ولكن هذه المرة إلى فرنسا. بعد أن هرب شقيقها ومعه أمهما إلى إسرائيل. ثم أصبحت في أحد الأيام لتكتشف أن والدها قد مات. إخراج العمل الذي قام به محمد العدل جيد. وقد سمعته يقول إنه بمجرد أن اختار الفنانة: منه شلبي لتلعب بطولة المسلسل... حتى استحضر جميع الأعمال التي قامت ببطولتها. سواء كانت أفلاما سينمائية أو مسلسلات تليفزيونية. وشاهدها جميعا. عملا عملا. حتى يستطيع أن يضع يده على عناصر القوة في أدائها التمثيلي. ويحدد عناصر الضعف فيواجهها ويستخرج منها أفضل ما فيها. منه شلبي اعترفت أمامي بعيبٍ في آدائها. أنها تعتمد في التمثيل على ملامح وجهها فقط. من دون أن تعتمد على الآداء الصوتي أو على لغة الجسد. ومن كثرة الاعتماد على ملامح الوجه. أصبحت الناس تتهمها بأنها توسع عينيها لدرجة أنها «تُبرِّق» فيمن تنظر إليه. كأنها تحاول إخافته بدلا من أداء الدور الذي يمكن أن تؤديه. ومع هذا أقول إن أداء منه شلبي في دور ليلى كان عملا يضاف لرصيدها الفني. وأذكر عندما رأيتها في أحد فنادق القاهرة في رمضان قبل سنوات. وكانت معي ابنتي رباب. وما إن صافحناها. فأنا أعرف والدة منة الراقصة الفنانة: زيزي مصطفى. حتى قالت لها رباب أنتِ «وحش» تمثيل. وقد عاتبت رباب بعد ذلك على هذه المجاملة الضخمة. ولكنها أصرت على أن منة وحش تمثيل. وكان لدى رباب حق في ما قالته. في هذا العمل توقفت طويلا أمام أداء أحمد كمال. وهو من العلامات المهمة في التمثيل المصري. عرفته منذ سنوات بعيدة عندما كان متزوجا من الفنانة عبلة كامل. قبل أن ينفصلا بعد أن غطت شهرة عبلة كامل على كل أبناء وبنات جيلها. وهو الآن يبدع في ما يقوم به. وقد قام بدور والد ليلى اليهودي. حيث نجح في أن يقدم اليهودي المصري الذي تسبق مصريته يهوديته. والذي ينتمي للوطن قبل أن يرتبط بمن اغتصبوا فلسطين. أو من يجري وراء ما يقوله دعاة الصهيونية العالمية. أعجبني أداء سامي العدل. لعب دور والد الضابط علي. الذي أحب ليلى. وكان أحد وجوه الحارة. وقد مات سامي العدل بعد أن صوَّر آخر مشهد له في المسلسل. وليس صحيحا أنه توفي قبل الانتهاء من تصوير المسلسل. ولذلك تم اختصار الحلقات التي كانت له أدوار فيها ومات قبل أن يتمها. وسامي العدل واحد من الجيل الأوسط في الممثلين المصريين. لم يصبح نجما. كما أنه أصبح وجها معروفا للناس. فعندما كان يمشي في شوارع القاهرة. كانوا يوقفونه من أجل أن يلتقطوا له صورا تذكارية. وأداؤه هو السهل الممتنع. صفاء الطوخي هي ابنة فتحية العسال وعبد الله الطوخي. لعبت دور أم ليلى اليهودية والشاب اليهودي المتطرف. وعندما قرر الشاب قُبيل نهاية المسلسل بثلاث حلقات أن يترك مصر ويهاجر إلى إسرائيل. اختارت أن تترك زوجها وحيدا بعد سنوات العشرة الطويلة ورحلت مع ابنها المتطرف. وهو تصرف يسأل عنه مدحت العدل كاتب الحلقات وليس صفاء الطوخي ممثلة الدور.
مشاركة :