«أوبك» لـ"الاقتصادية" : تعثر الاستثمارات سيرفع أسعار النفط خارج سيطرة المنتجين

  • 9/8/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

حذرت مصادر في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" من تعثر الاستثمارات النفطية حاليا كونه سيقود إلى ارتفاعات قياسية في الأسعار خلال السنوات المقبلة بشكل غير متناسق يخرج عن سيطرة المنتجين والمستهلكين. وقالت المصادر لـ"الاقتصادية" إن المنظمة تتابع بقلق استمرار انخفاض أسعار النفط، مشيرة إلى أن السببين الرئيسيين لهذا الانخفاض هما ارتفاع إنتاج النفط الخام وتزايد نشاط المضاربة في السوق، موضحة أن الخسائر التي تحققت في شهر تموز (يوليو) الماضي هي الأكبر منذ وقوع الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وأشارت إلى أن هناك حاجة لتعاون أوسع بين الدول الأعضاء وبين أوبك وشركائها من أجل تأمين التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء، نظرا لوجود مخاوف من تأثير استمرار انخفاض الأسعار على تحجيم الاستثمارات وإضعاف الطاقة الإنتاجية للنفط. وأوضحت أن صناعة النفط لن تستمر في هذا النفق المظلم طويلا في ظل توقعات إيجابية طويلة الأجل بالنسبة لنمو مستوى الطلب العالمي على النفط، وهو ما يعني توقع ارتفاع كبير في استهلاك العالم من النفط الخام خلال العقدين المقبلين. وسجلت أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية بداية تعاملات الأسبوع انخفاضات جديدة تأتي في إطار امتداد تأثير العوامل السلبية، التي أرهقت السوق على مدار الشهرين الماضيين، وأدت إلى تسجيل مستويات قياسية في الانخفاض باستثناء فترات تعاف محدودة لم تستمر طويلا. وجاءت إشكالية السوق المزمنة وهي تفوق المعروض على الطلب لتقود إلى مزيد من التراجعات السعرية، وعززت الأجواء السلبية تراجع الأسهم الصينية وقناعة قطاع كبير من المتعاملين بأن الاقتصاد الصيني مقبل على حالة انكماش وتراجع للنمو بشكل واسع . ورافقت مشكلات وأزمات الاقتصاد الصيني أزمات موازية وتباطؤ في اقتصاديات اليابان وأوروبا، ما عمق حالة الخوف على مستقبل الطلب العالمي على النفط على المدى القصير. وامتدت حالة الضعف إلى الاقتصاد الأمريكى بسبب تراجع ملموس في قطاع الصناعات التحويلية وواكب ذلك استمرار تسارع إنتاج النفط الصخري وصبت هذه العوامل مجتمعة لصالح وفرة المعروض وضعف الطلب. ويقول مايكل تورنتون المحلل بمبادرة الطاقة الأوروبية لـ"الاقتصاديــــة" إن حالة وفــرة المعروض هي نتاج طبيعي للثورة، التي حدثت في موارد النفط وأنواعه وطرق إنتاجه وبالتالي لم يعد في الإمكان السيطرة على وفرة المعروض، وهو ما جعل "أوبك" تعدل في سياساتها إلى الحفاظ على الحصص السوقية إدراكا منها بأن خفض الإنتاج لن يدعم الأسعار في ضوء وفرة الإنتاج وتعدد الموارد وسهولة تعويض أي نقص من جانب "أوبك". وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول انخفاض بعد ارتفاع قياسي سابق وإن السلة في الأسبوع الماضي سيطرت عليهـــا التقلبات السعرية لتقترب من نفس مستوى سعر آخر تعاملات شهر آب (أغسطس) الماضي، الذي سجل 01.47 دولار للبرميل. وتراجعت سلة خام أوبك مسجلة 80.46 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 37.47 دولار للبرميل في اليوم السابق. وأشارتورنتون إلى انه من طبيعة النشاط الاقتصادي الديناميكية والتغير وبالتالي يجب أن تواجه الأزمات بأساليب متطورة موضحا أن دور أوبك السابق بشأن ضبط الأسواق أصبح صعبا خلال المرحلة الراهنة كونها لا تتحكم سوى باقل 30 بالمائة من المعروض العالمي ولكن من الطبيعي والأبقى أن تدافع عن استمرار إنتاجها وحصتها في السوق ومصالح الدول الأعضاء بها. وأرجع بيش ارجيال المختص بمؤسسة "ست" السويسرية للطاقة تأخر تعافي أسواق النفط إلى تأخر تعافي الاقتصاد الصيني الذي ألقى بظلاله إلى تأخر تعافي سوق النفط الخام وعمق الأزمة حالة الإقبال الواسع على بيع الأسهم الصينية وسط مخاوف لدى قطاع كبير باستمرار تداعيات الأزمة لفترة غير قصيرة. وقال "بيش" لـ"الاقتصادية" إن الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية التي اتخذتها الصين لم تنجح حتى الآن في انتشال الاقتصاد الصيني من أزمته، خاصة خفض العملة الوطنية أكثر من مرة، نظرا لمخاوف واسعة في الأسواق بأن الأزمة الصينية قد تقود إلى حالة ركود اقتصادي عالمي واسع كون الصين تسهم بنسبة كبيرة في الناتج الاقتصادي العالمي تراوح بين 15 و20 في المائة. ويقول المختص النفطي البولندي بيوتر فدفنسكى لـ"الاقتصادية" إن استمرار التراجع في الأسعار سيزيد الضغوط على الاستثمارات النفطية، مشيرا إلى أن إنتاج النفط في بحر الشمال يواجه صعوبات أكثر من غيره، نظرا للارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج وهو ما اضطر الشركات النفطية الكبرى العاملة هناك إلى اتخاذ قرارات اقتصادية موجعة تمثلت في خفض حاد للوظائف وتسريح العمالة وترشيد الإنفاق بشكل صارم في كل جوانب العملية الإنتاجية. وأشار إلى أن الضغوط التي تقوم بها فنزويلا على "أوبك" من أجل التدخل في السوق لدعم الأسعار لن تنجح إلا بتوافق وتفاهم واسع مع الدول الخليجية، التي تلعب الدور الرئيسى في قيادة أوبك، موضحا أن أي خفض محدود في إنتاج "أوبك" لن يدعم الأسعار في ظل حالة تخمة ووفرة المعروض الحالية. من جهة أخرى، تراجعت أسعار النفط العالمية أمس في مستهل تعاملات الأسبوع، مواصلة خسائرها لليوم الثاني على التوالي، في ظل استمرار المخاوف بشأن ضعف الطلب العالمي على النفط في الوقت الذي يستمر فيه ارتفاع فائض المعروض من الخام في أسواق النفط. وتداول النفط الخام الأمريكي حول مستوى 45.50 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 45.65 دولار وسجل أعلى مستوى 45.90 دولار وأدنى مستوى 45.14 دولار. ونزل خام برنت إلى 49.00 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 49.26 دولار وسجل أعلى مستوى 49.42 دولار وأدنى مستوى 48.77 دولار.

مشاركة :