وافق أعضاء منظمة التجارة العالمية يوم الاثنين بالإجماع على تعيين النيجيرية نغوزي أوكونغو إيويالا مديرا عاما جديدا للمنظمة. وبعد شغلها المنصب في الأول من مارس، ستصبح أوكونغو إيويالا أول امرأة وأول أفريقية تعمل رئيسة لجهاز التجارة العالمي البالغ عمره 26 عاما، والذي ظل بلا قيادة لما يقرب من ستة أشهر بعد تنحي روبرتو أزفيدو في 31 أغسطس الماضي. ويأتي التعيين في وقت يواجه فيه النظام التجاري متعدد الأطراف في العالم عددا لا يحصى من التحديات التي تتراوح ما بين ضغوط إصلاحية إلى حمائية متزايدة وركود ناجم عن الوباء. --إشارة إيجابية في خطاب حملتها، أكدت أوكونغو إيويالا أنه "في السنوات الأخيرة، مر النظام التجاري متعدد الأطراف بأوقات صعبة وزاخرة بالتحديات. ولكن في رأيي، يحتاج العالم الآن أكثر من أي وقت مضى إلى منظمة تجارة عالمية متجددة". وينظر إلى الإجماع على تعيين الرئيسة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية على أنه إشارة إيجابية على إمكانية استعادة النظام التجاري متعدد الأطراف بطريقة بناءة واكتساب المزيد من الزخم. وأشاد سفير الصين لدى منظمة التجارة العالمية لي تشنغ قانغ بالتعيين باعتباره جاء "في الوقت المناسب"، وقال إن "القرار الجماعي الذي اتخذ من قبل جميع الأعضاء يظهر تصويتا على الثقة" ليس فقط في الدكتورة أوكونغو إيويالا نفسها، ولكن أيضا" في رؤيتنا وتوقعاتنا والنظام التجاري متعدد الأطراف الذي نؤمن به ونحافظ عليه". وقال الرئيس النيجيري محمد بخاري إن "الدكتورة أوكونغو إيويالا، التي وضعت على مر السنين سجلات رئيسية للإصلاحات الاقتصادية في نيجيريا كوزيرة للمالية، ثم وزيرة للخارجية فيما بعد، سوف تتفوق في منصبها الجديد وتحقق التفويض العالمي بإعادة ترتيب وتعزيز المؤسسة متعددة الأطراف من أجل الصالح العام للجميع". وأعرب بخاري في بيان عن ثقته بأن سجل أوكونغو إيويالا الحافل "بالنزاهة والاجتهاد والشغف بالتنمية سيستمر في تحقيق نتائج إيجابية ومكافآت للبشرية" بينما تتولى "مهمة شاقة أخرى لخدمة العالم والإنسانية". وقال المتحدث باسم منظمة التجارة العالمية كيث روكويل إن العام أو العامين المقبلين سيكونان فرصة سانحة للتعددية يتعين على أعضاء منظمة التجارة العالمية اغتنامها من أجل تحقيق بعض النتائج الإيجابية الملموسة. وقال روكويل "أعتقد أننا بحاجة إلى الاستفادة من هذه الفرصة وتقديم شيء ما لشعوب العالم، لأنني أعتقد أنهم يعتمدون علينا". --إصلاحات مطلوبة وتشكل الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما تلك المتعلقة بالوظائف الرئيسية الثلاث للمنظمة، وهي فض المنازعات والمفاوضات التجارية متعددة الأطراف ومراقبة السياسات التجارية، تحديا لأوكونغو إيويالا. وقد تنطوي عملية الإصلاح على عملية إعادة هيكلة وتنظيم مؤلمة وشاملة وواسعة النطاق. وتعاني هيئة فض المنازعات في منظمة التجارة العالمية من الشلل حاليا بسبب عدم وجود عدد كاف من القضاة، ومن المفترض أن يكون لدى هيئة الاستئناف، التي تعتبر بمثابة المحكمة العليا للنزاعات التجارية العالمية، سبعة قضاة وتحتاج حاليا إلى ثلاثة قضاة على الأقل لكي تعمل. ومنعت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب ترشيح قضاة جدد، مما جعل تلك الهيئة غير قادرة على الاستماع والنظر في النزاعات الجديدة. وفي مقابلة أجرتها معا وكالة ((شينخوا)) في أغسطس عام 2020، رأت أوكونغو إيويالا أن إصلاح نظام فض المنازعات الذي لا يزال مشلولا يمثل أحد أولوياتها العليا. وقالت "إذا كانت لديك منظمة قائمة على قواعد، فيجب أن يكون لديك مكان تحكم فيه تلك القواعد وهذا ما يحدث مع نظام فض المنازعات، لذا فإن استعادة ذلك يمثل أولوية عليا بالنسبة لي". وقال سيمون إيفنيت، أستاذ التجارة الدولية والتنمية الاقتصادية بجامعة سانت غالين بسويسرا، "إن نظام فض المنازعات يتعلق بإعادة الدول إلى الامتثال. يجب أن تكون هناك بعض الأفكار القوية حول ما يمكن إنجازه هناك، وليس بعض الحلول قصيرة الأجل". وفي العام الماضي، أنشأ الاتحاد الأوروبي وأعضاء آخرون في منظمة التجارة العالمية نظاما مؤقتا للتحكيم يسمح لهم بالتغلب على الشلل الحالي وحل النزاعات التجارية فيما بينهم. وقال إيفنيت "لقد تحرك العالم. والسؤال هنا يتعلق بمدى قدرة الدبلوماسيين التجاريين على مغادرة مناطق راحتهم واحتضان واقع التنافس التكنولوجي والجيوسياسي في القرن الحادي والعشرين". وقالت أوكونغو إيويالا في هذا الصدد إن "قواعد منظمة التجارة العالمية تحتاج إلى تحديث لتناسب قضايا القرن الحادي والعشرين"، معددة مجالات مثل الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر والمرأة والتجارة فضلا عن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم باعتبارها تمثل بعض أولوياتها كمدير عام جديد. ومع ذلك، أكد باسكال لامي، رئيس منتدى باريس للسلام والمدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية، على طبيعة المنظمة التي يحركها الأعضاء. وقال "إنها تعتمد في الغالب على موافقة الأعضاء لتحديث مدونة قواعد منظمة التجارة العالمية، إنهم يعتمدون هامشيا فقط على المديرة العامة، هم من يقررون وليست هي". --تعاف مستدام وجادل أزفيدو سابقا بأن منظمة التجارة العالمية هي "مرساة لإمكانية التنبؤ واليقين في اقتصاد عالمي سريع التغير". وبالنسبة لخلفه، هناك تحد رئيسي آخر يتمثل في ضمان التدفق الحر للتجارة العالمية، والحفاظ على استقرار نظام التجارة العالمي، وتعزيز الانتعاش المستدام للاقتصاد العالمي. وفي أكتوبر 2020، توقعت منظمة التجارة العالمية انخفاضا بنسبة 9.2 بالمائة في حجم التجارة السلعية العالمية في عام 2020، يليه ارتفاع بنسبة 7.2 بالمائة هذا العام. وحذر صندوق النقد الدولي من موجات ومتغيرات جديدة لفيروس كورونا الجديد سوف تستمر في التأثير على الاقتصاد العالمي. وفي الوقت نفسه، قامت بعض الدول بتصعيد الإجراءات الحمائية خلال الوباء بدافع القلق على الإمداد المحلي بالمواد الطبية وغيرها من الضروريات. وقال إيفنيت "هناك قواعد ضعيفة للغاية فيما يتعلق بضوابط التصدير. ومن ناحية أخرى، هناك قدر كبير من المرونة في مجال الملكية الفكرية، والتي ستكون مهمة عند تطوير اللقاح". وتعهدت أوكونغو إيويالا بضمان أن يكون النظام التجاري متعدد الأطراف وقواعد منظمة التجارة العالمية "مواتيا لجعل الأدوية والإمدادات الطبية في متناول البلدان التي تحتاجها". كما شددت على أهمية "سد الفجوة" مثل الفجوة الرقمية بين البلدان النامية والبلدان المتقدمة لتحقيق انتعاش عالمي أكثر استدامة وشمولية. وقالت "أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث بالتنسيق مع منظمات أخرى مثل البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية ... ومع صندوق النقد الدولي، لمعرفة ما يمكننا تقديمه من دعم لسد هذه الفجوة".
مشاركة :