الاتحاد الأوروبي ينتهج سياسة فاشلة في تأمين لقاحات ضد «كورونا»

  • 2/20/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سيكون الربيع المقبل كئيباً في دول الاتحاد الأوروبي، حيث سيواجه نقصاً في إمدادات اللقاح المصنوع في بلدانه، الأمر الذي سيجعل الدول الأعضاء تؤجل إعادة الافتتاح (إلغاء الإغلاق)، وتؤثر في انتعاشها الاقتصادي في فترة الصيف. وبدلاً من تحمل المسؤولية، حاولت بروكسل صرف الانتباه عن أخطائها عن طريق إطلاق مشاحنة عامة مع شركة «أسترازينيكا» لإنتاج الدواء، وفرض ضوابط تصدير على شركات صنع اللقاحات، ما أثار أزمة دبلوماسية صغيرة مع المملكة المتحدة. وبالطبع فإن تبادل الاتهامات والحظر على التصدير ليست هي البدائل عن السياسة الصحية العامة والمنطقية. وإنما يتعين على الاتحاد الأوروبي التركيز على تلقيح أكبر عدد ممكن من الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، وباستخدام الكمية المحدودة من لقاحات «فايزر» بأفضل طريقة ممكنة. ويجب أن يتحرك الاتحاد الأوروبي بصورة جماعية لدعم أكثر الدول الأعضاء فيه هشاشة أمام فيروس كورونا، وأن يتحرك بقوة الآن لمواجهة تحديات فيروس كورونا، التي إذا تركت دون رادع يمكن أن تعوق جهود إعادة الافتتاح برمتها. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات الإصابة بفيروس كورونا في أكتوبر 2020، انتظرت معظم دول الاتحاد الأوروبي طويلاً قبل أن تظهر استراتيجية الرد عليها. وبحلول نوفمبر الماضي، ومع اقتراب غرف العناية المشددة إلى قمة طاقتها الاستيعابية، عمدت دول الاتحاد في الرد على انتشار الجائحة بفرض إغلاق يعتبر من بين الأكثر صرامة في العالم. ومنذ ذلك الوقت هبطت حالات الإصابة، والإسعاف في المشافي، والوفيات بصورة كبيرة، ولكن هذه السياسة ظلت حازمة. وهذا مطلب كبير لأن في الاتحاد الأوروبي الكثير من الأشخاص الأكثر عرضة للمرض، ليس لأن تعداد سكان الاتحاد أكبر من تعداد سكان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مجتمعين (يبلغ تعداد سكان دول الاتحاد الأوروبي 446 مليون شخص مقارنة بالمملكة المتحدة والولايات المتحدة 395 مليون شخص)، ولكن بسبب العدد الكبير من كبار السن. وتبلغ نسبة من هم فوق 65 عاماً في الاتحاد الأوروبي نحو 20% مقارنة بـ16% في الولايات المتحدة، ويوجد في دول الاتحاد الأوربي نحو 105 ملايين شخص معرّضين أكثر من غيرهم للمرض، لكونهم عاملين في الرعاية الصحية إضافة لمن هم فوق سن الـ65 عاماً. ويجب تلقيح هؤلاء بأسرع وقت ممكن قبل افتتاح الاقتصاد، ولهذا يحتاج الاتحاد الأوروبي الى 210 ملايين جرعة لقاح. (يتطلب لقاحا فايزر وموديرنا جرعتين)، وحتى الآن لم تتمكن دول الاتحاد الأوروبي من تأمين سوى 17 مليون جرعة لقاح. وتمكنت الولايات المتحدة من تأمين 42 مليون جرعة، في حين أن المملكة المتحدة تمكنت من تأمين 12 مليون جرعة. وبداية يمكن القول إن تخلف الاتحاد الأوروبي في تأمين اللقاحات هو خطأ المنظمين. لقد تأخرت وكالة الدواء الأوروبية حتى 21 ديسمبر الماضي حتى أعلنت عن قبولها للقاح فايزر ضد فيروس كورونا، أي بعد ثلاثة أسابيع من إعلان المملكة المتحدة قبولها للقاح ذاته. ولم توافق وكالة الدواء الأوروبية على لقاح موديرنا حتى بداية يناير من هذا العام، وأسترازينيكا حتى أواخر الشهر ذاته، وعندما حصلت هذه اللقاحات على الضوء الأخضر من أجل انتاجها بكميات كبيرة، لم تكن بداية الاتحاد الأوروبي جيدة. وخلال الأسابيع الأولى من طرح اللقاحات كانت المانيا وإيطاليا واسبانيا مواكبة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ولكن فرنسا تأخرت عن البقية. ولكن كان من الواضح أن أوروبا لا يمكن أن تظل مستمرة على وتيرة المواكبة، ففي نهاية شهر يناير، أعلنت الشركات المنتجة للقاحات التي حازت قبول الاتحاد الأوروبي عن تأخير في تسليم الطلبات. وقالت شركة فايزر إنها يمكن أن تعوض التأخير في نهاية فبراير. ولكن استرازينيكا لن تسلم سوى 40 مليون جرعة لقاح بحلول 31 مارس، أي نصف الكمية المتفق عليها أصلاً. والان، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون در لين، إنها تتوقع ان الاتحاد الأوروبي سيتلقى نحو 100 مليون جرعة في الأشهر الثلاثة الأولى من 2021، وأن «التأخير يمكن ان يحدث مراراً وتكراراً»، وبعبارة أخرى فان الموضوع ليس وجود مشكلات في جلب اللقاحات فقط، وانما هناك خطأ هيكلي عميق في استراتيجية إحضار اللقاحات الى الاتحاد الأوروبي. وترغب بروكسل بإلقاء اللوم في هذا التأخير على الشركات المصنعة للقاحات. ولكن في حقيقة الأمر فان المشكلة هي خطأ المفوضية الأوروبية إلى حد كبير. وأفضل شركتين صانعتين للقاحات واللتين كان أداؤهما هو الأفضل في التجارب السريرية والأفضل في التحضير لتحديث لقاحاتهما كي تستهدف السلالات الجديدة هما «فايزر وموديرنا»، ولذلك فإن هاتين الشركتين سترسلان على الأكثر نحو 430 مليون جرعة لقاح إلى الاتحاد الأوروبي قبل سبتمبر 2021، وتكفي هذه الكمية لنحو نصف السكان البالغين في الاتحاد الأوروبي. وتمتلك المفوضية الأوروبية عقود شراء لقاحات مع شركات أخرى صانعة للقاح، بما فيها «نوفافاكس» و«كيورفاك» و«جونسون أند جونسون» و«سانوفي». ولكن بروكسل لا يمكنها الحصول على قبول هذه اللقاحات وتوزيعها بسرعة. وقامت شركة جونسون أند جونسون بإعلان بياناتها في 29 يناير الماضي، ولكن بالنظر إلى أن نسبة فاعلية اللقاح هي 66%، وهي الأخفض التي تم الإعلان عنها من قبل شركة غربية صانعة للقاحات، فإن ذلك يعني أن المنظمين في الاتحاد الأوروبي لن يقبلوا استخدام هذا اللقاح في الاتحاد الأوروبي نتيجة خطورته العالية. ووافقت وكالة الدواء الأوروبية على استرازينيكا لاستخدامه لدى البالغين، ولكن الحكومة الألمانية رفضت استخدامه لمن هم فوق الـ65 عاماً، كما أن الحكومة الأوروبية تحذر من استخدامه لدى الأشخاص من هم فوق 55 عاماً. وثمة دول أخرى أعضاء في الاتحاد مثل بولندا، تتبع هذا التحذير ضد استخدام استرازينيكا. ولهذا فإن لقاح جونسون اند جونسون من غير المرجح أن يتم قبوله للاستخدام على نطاق واسع. وأما الشركات الأخرى التي ستزود الاتحاد الأوروبي باللقاحات فمن غير المرجح أن يتم قبول لقاحها من قبل وكالة الدواء الأوروبية. ولايزال «كيورفاك» في التجارب السريرية. و«سانوفي» لايزال من المبكر جداً أن تقدم موافقتها على تحويل جزء من مصانع الشركة إلى صنع مزيد من لقاحات «فايزر». ولكن ومع ذلك، فان توزيع مزيد من اللقاحات غير مرجح حتى الصيف المقبل على الأقل. وتحدثت شركة نوفافاكس عن نتائج المرحلة الثالثة من التجارب في نهاية يناير. واضافة إلى ذلك فعلى الرغم من ان شركة نوفافاكس أعلنت أن التجارب السريرية أظهرت أن نسبة فاعلية لقاحها على الفيروس الأصلي هي 90%، إلا أن هذه النسبة تصبح 60% على سلالة الفيروس التي ظهرت في جنوب إفريقيا. وحتى لو تحرك الاتحاد الأوروبي بسرعة لتأمين جرعات نوفافاكس خلال الأسابيع المقبلة، إلا أنه سيظل يعتمد إلى حد كبير على امدادات «فايزر» و«موديرنا». وتبقى التوقعات الاقتصادية الناتجة تتلخص في كلمة واحدة، وهي: رديئة. وأضخم اقتصادين في الاتحاد الأوروبي يمتلكان أكثر سياسة حذرة إزاء التلقيح، وهما إيطاليا وألمانيا، وكما أشرنا فهما يقتصران على استخدام لقاحي «فايزر»، و«موديرنا» لتلقيح السكان الأكثر عرضة للإصابة بـ«كورونا». وتحتاج فرنسا لاستخدام اللقاحات ذات الفاعلية العالية لأن مستويات الاستخدام للقاح ستكون منخفضة، إذ إن 60% من الفرنسيين يقولون إنهم لن يأخذوا لقاح «كورونا»، وفق أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة ابسوس لاستطلاعات الرأي. وإذا استمر هذا العدد من الفرنسيين على موقفهم فمن الصعب على فرنسا أن تحقق مناعة القطيع. وكلما طال أمد استخدام اللقاح في الاتحاد الأوروبي، تضاعفت المخاطر السيئة الناجمة عن تفشي المرض. وإذا رفعت الحكومات الإغلاق المفروض على شعوبها أو توقف السكان عن احترام هذا الإغلاق، قبل انتشار اللقاح بصورة كبيرة، فإن موجة جديدة من الحالات يمكن أن تنتشر من جديد، ما يسهّل ظهور سلالات مقاومة للقاحات. الحل الوحيد المتوافر الحل الوحيد المتوافر للاتحاد الأوروبي هو العمل بجد، والمضي قدماً باتجاه جميع الجبهات الأوروبية. وستساعد الحزمة المقبلة من المحفزات المالية وبرنامج شراء الأصول في البنك المركزي الأوروبي، بدعم الدول الأعضاء الأكثر تضرراً في قدرتها المالية، ولكن إذا استمر الاغلاق لفترة أطول في الربيع، سيكون الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى موارد مالية إضافية من أجل مزيد من الدعم الطارئ. ويتعين على الاتحاد الأوروبي أيضاً زيادة العمل في اختبار المنظومات الجينية للفيروس لتتبع السلالات الجديدة وإبطاء عملية انتشارها، إضافة إلى القيام بجهود مكثفة للقضاء على مشاعر الرفض للقاحات. ولابد من الاعتراف بأن الويلات الناجمة عن فيروس كورونا هي نتيجة السياسات الفاشلة وليس خطأ الشركات المصنّعة للقاحات. - أيك فريمان، أليتريا أرديسينو: كاتبان في «الفورين بوليسي» - كلما طال أمد استخدام اللقاح في الاتحاد الأوروبي، تضاعفت المخاطر السيئة الناجمة عن تفشي المرض. وإذا رفعت الحكومات الإغلاق المفروض على شعوبها أو توقف السكان عن احترام هذا الإغلاق، قبل انتشار اللقاح بصورة كبيرة، فإن موجة جديدة من الحالات يمكن أن تنتشر من جديد، ما يسهّل ظهور سلالات مقاومة للقاحات. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :