الصين تكثف جهودها لتحقيق الاقتصاد الأخضر والمنخفض الكربون

  • 2/19/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 2009، تعهدت الصين في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في كوبنهاغن أمام المجتمع الدولي بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة من 40% إلى 45% لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة حصة الطاقة غير الأحفورية في استهلاك الطاقة الإجمالية إلى 15% بحلول عام 2020 بالمقارنة مع ما كان عليه في عام 2005. في الحقيقة، انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين بنسبة 48% لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي، وازدادت حصة الطاقة غير الأحفورية في استهلاك الطاقة الإجمالية إلى 3ر15% بحلول عام 2019. حققت الصين الهدف الذي تعهدت به، بل وتجاوزته قبل الموعد المحدد. في الثاني والعشرين من سبتمبر عام 2020، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته التي ألقاها خلال جلسة المناقشات العامة للدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة إن الصين تهدف إلى الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060. إذن، ما هي تأثيرات هذه الكلمات على الصين؟ تحديات معقدة من أجل التحول إلى التنمية المنخفضة الكربون، تواجه الصين ثلاثة تحديات، هي تحديدا: المهمة الشاقة لتعديل الهيكل الاقتصادي والارتقاء بمستوى الصناعات، والمهمة الشاقة لتحسين هيكل الطاقة، والمهمة الشاقة لإقامة النظام الاقتصادي الأخضر والمنخفض الكربون. ثمة مزيد من الصعوبات والتحديات أمام تحقيق الانتعاش الأخضر للاقتصاد وتحول الاقتصاد إلى النمط المنخفض الكربون، بسبب تداعيات وباء كوفيد- 19. يتم استئناف الصناعة الإنتاجية وصناعة البناء وغيرهما من الصناعات العالية الاستهلاك للطاقة بسرعة أولا، بينما يتباطأ استئناف صناعة المطاعم والسياحة وصناعة الترفيه وغيرها من صناعات الخدمات المنخفضة الاستهلاك للطاقة. فقد ينتعش استهلاك الكربون أثناء الانتعاش الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لا يعتبر الوصول إلى ذروة الطاقة، بل إن المحافظة على نمو الاقتصاد تعني ازدياد الطلب على الطاقة، فيجب تلبية الطلب الزائد على الطاقة بالطاقة غير الأحفورية، ومن أجل الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لا بد من تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي لإبطال ازدياد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجم عن ازدياد الناتج المحلي الإجمالي، أي ينبغي أن تكون نسبة انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي أعلى من نسبة زيادة الناتج المحلي الإجمالي. من أجل تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي، يعد تحويل نمط الطاقة أمرا هاما. وفقا لـ((تقرير تطور الطاقة في الصين لعام 2020))، احتل حجم استهلاك الفحم 7ر57% من إجمالي استهلاك الطاقة في الصين، وبلغت حصة الطاقة غير الأحفورية في استهلاك الطاقة الأولية 3ر15%. من أجل تحقيق هدف الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060، لا بد أن تقيم الصين هيكل طاقة منعدم الكربون تقريبا ويكون قوامه الطاقة الجديدة والطاقة المتجددة في أواسط القرن الحالي، وأن تحتل حصة الطاقة غير الأحفورية في كل نظام الطاقة من 70% إلى 80%، وأن ترتفع نسبة الكهرباء المولدة من الطاقة غير الأحفورية من 32% حاليا إلى أكثر من 90% في عام 2050. حسب التقديرات الأولية من الهيئات المعنية، فإن تحقيق تحويل نمط الطاقة يحتاج إلى استثمار أكثر من مائة تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات حاليا) في الثلاثين سنة المقبلة. يتطلب تحقيق الهدف الطويل المدى والمتمثل في الحياد الكربوني جهودا جبارة من كل الدول، وستواجه الدول النامية تحديات أكبر. أما تحقيق الحياد الكربوني للصين قبل عام 2060، فيتطلب أن تبذل الصين جهودا أكبر مقارنة مع هدف تحقيق الحياد الكربوني للدول المتقدمة بحلول عام 2050، حيث أن العملية الانتقالية من بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الحياد الكربوني تستغرق من خمسين إلى سبعين سنة في الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن تلك العملية تستغرق في الصين ثلاثين سنة فقط. ما زالت الصين في مرحلة التنمية السريعة اقتصاديا واجتماعيا، وتزداد حاجتها إلى الطاقة باستمرار، فتواجه تحديا مزدوجا؛ وهو تلبية الطلبات المتزايدة على الطاقة وتعديل الطلبات القائمة. ورغم أن الصين تبذل جهودا جبارة في تطوير الطاقة المتجددة في الوقت الحالي، لا تلبي تلك الطاقة المتجددة طلب الصين المتزايد على الطاقة، مما يجعل زيادة حجم استهلاك الفحم في فترة معينة أمرا لا مفر منه. من الواضح أن الصين تواجه مهمة أكثر صعوبة مقارنة مع الدول المتقدمة. ولكن ذلك يتيح فرصة طيبة للصين لتحقق قفزات تنموية من خلال بذل مزيد من الجهود. اتخاذ إجراءات ضرورية يعتبر تحقيق الحياد الكربوني للصين قبل عام 2060 تحديا كبيرا ومهمة شاقة. هذا يتطلب من الصين أن تبذل الجهود في الجوانب التالية: أولا، تركيز القوة على تحويل النمط الاقتصادي، والتنمية المدفوعة بالإبداع، والتنمية الخضراء. ينبغي تطوير الاقتصاد الرقمي وصناعات التقنيات العالية والحديثة ودفع تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال الرقمنة والسيطرة على تطوير الصناعات العالية الاستهلاك للطاقة والصناعة الكيماوية الثقيلة وتعديل هيكل المنتجات والصناعات، وتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مع المحافظة على التنمية الاقتصادية المستمرة، وذلك يعتبر "إجراء أساسيا". ثانيا، توفير الموارد بشكل مستفيض وتطوير الاقتصاد الدائري، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستمرة من خلال الموارد الأقل والاستهلاك الأقل للطاقة. واستخدام عدد كبير من التقنيات المتقدمة وتعزيز استبدال الطاقة التقليدية بالطاقة الجديدة والطاقة المتجددة. ولا بد أن تقيم الصين هيكل طاقة منعدم الكربون تقريبا قوامه الطاقة الجديدة والطاقة المتجددة بحلول عام 2050. ثالثا، يجب على الصين أن تركز القوة على تطوير توليد الكهرباء بطاقة الرياح والطاقة الشمسية في السنوات العشر المقبلة، ليزداد حجم توليد الكهرباء بمعدل مائة مليون كيلووات سنويا، ويبلغ حجم الزيادة الإجمالي أكثر من مليار كيلووات خلال عشر سنوات. علاوة على ذلك، ينبغي تحقيق الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لبعض الصناعات العالية الاستهلاك للطاقة مثل الحديد والصلب والأسمنت والبتروكيميات والصناعة الكيماوية ومواد البناء أولا خلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة". ويجب على الصين أن تطور وتكمل سوق تداول انبعاثات الكربون، وتعزيز الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والابتكار التكنولوجي للشركات باستخدام آليات السوق، وتوجه الاستثمارات الاجتماعية لتميل نحو الصناعات المنخفضة الكربون والخضراء. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الصين أن تنفذ "الحلول القائمة على الطبيعة" في الزراعة والتحريج واستخدام الأراضي والمروج والأراضي الرطبة والنواحي الأخرى لتعزيز حماية البيئة الإيكولوجية ومعالجتها وإعادتها إلى وضعها الأصلي. السياسات الصينية تجذب أنظار العالم في عملية مكافحة وباء كوفيد- 19 وإنعاش الاقتصاد، ينبغي التمسك بالانتعاش الأخضر والعالي الجودة والمستدام، لمواجهة الأزمة الإيكولوجية العالمية ودفع التنمية المستدامة على نطاق العالم. وقد أصبح ذلك توافقا واسعا للمجتمع الدولي، كما يولي المجتمع الدولي اهتماما متزايدا لكيفية تحقيق تحول الاقتصاد إلى النمط المنخفض الكربون في الإنعاش الاقتصادي. يجب على الصين أن تضع إستراتيجية تنمية طويلة المدى للتحول إلى النمط المنخفض الكربون. مع ضمان إنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة في أواسط القرن الجاري، يجب على الصين أن تشق طريقها إلى تحقيق الاقتصاد الأخضر والتنمية الدائرية وتسترشد أيضا بهدف التحكم في ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، وتقدم مساهمات في الأمن الإيكولوجي العالمي، بما يتفق مع قوة الصين الشاملة وتأثيراتها العالمية التي ترتفع بلا انقطاع. في ظل التنمية العالمية الخضراء والمنخفضة الكربون والدائرية، ستوفر التطبيقات الصينية تجارب ناجحة للعالم، وستلعب الصين دورا قياديا إيجابيا في تحول النمط الاقتصادي العالمي.

مشاركة :