ردت إيران على مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن الرامية لإحياء المسار الدبلوماسي بتفاؤل حذر وتمسك بالمضي في خطوات تصعيدية شكلية بملفها النووي قبيل انتهاء مهلة البرلمان لوقف البروتوكول الإضافي بالاتفاق النووي، في حين تسعى الأطراف الأوروبية إلى تهيئة أرضية لاستئناف التفاوض مع إيران بمشاركة واشنطن. غداة مبادرة دبلوماسية تضمنت خطوات تهدف لإعادة ما تعتبره إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن «المنطق السليم» للتعاطي مع إشكاليات الملف الإيراني، أكدت طهران أنها ستمضي بتنفيذ إيقاف العمل بالبروتوكول الإضافي في الاتفاق النووي بعد غد الثلاثاء، لكنها اعتبرت أن الخطوة شكلية في ظل تفاؤل حذر من جانبها بإمكانية عودة جميع الأطراف إلى الالتزام بالاتفاق المبرم عام 2015 ورفع العقوبات المفروضة عليها. وحاولت حكومة روحاني «مط» المهلة التي قال البرلمان إنها تنتهي اليوم في 21 فبراير لكسب بضع ساعات، وذكرت أنها أبلغت الوكالة الذرية بأنها ستوقف العمل بالبروتوكول الإضافي الثلاثاء أي في 23 فبراير. وصرح المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان أبوالفضل عموئي بما وصفه بمتطلبات إيران للعودة إلى التزاماتها في الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018. وقال عموئي إنه «سيتم تعليق العمل بالبروتوكول الإضافي، ورقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنشطة إيران النووية ستتواصل وفق اتفاقية الضمانات»، مشيراً إلى أن «تعليق العمل بالبروتوكول الإضافي يتوقف فقط في حال استئناف تصدير النفط الإيراني بشكل طبيعي، وعودة العلاقات المصرفية بين إيران والعالم». وأوضح أن «المواد النووية في مفاعلي نطنز وفوردو ستبقى تحت رقابة الوكالة الدولية، لكن التفتيش المفاجئ وإجراءات الشفافية في إنتاج الكعكة الصفراء والتخصيب سيتوقف». تفاؤل حذر في غضون ذلك، أعرب علي ربيعي المتحدث باسم حكومة الرئيس حسن روحاني عن تفاؤل حذر بالمبادرة الأميركية التي تضمنت التخلي عن مطالبة إدارة ترامب لمجلس الأمن الدولي بإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران بموجب بند «الزناد» وتخفيف قيود تنقل الدبلوماسيين الإيرانيين بالأمم المتحدة والولايات المتحدة، إضافة إلى قبول دعوة أوروبية للمشاركة في اجتماع غير رسمي للموقعين الأصليين على الاتفاق النووي، المبرم بين طهران والقوى الكبرى، بهدف إحياء العمل به. وقال ربيعي في تصريحات أمس: «يمكننا أن نتوقع بثقة أنه على الرغم من الشد والجذب الدبلوماسي، هذه مقدمة طبيعية للمبادرات الدبلوماسية الحالية والتي ستتواصل حتى تحقيق النتيجة المرجوة لعودة جميع الأطراف إلى التزاماتها، بما في ذلك رفع جميع العقوبات، وستكون في المستقبل القريب». وفي الوقت نفسه رأى ربيعي أن «الخطوات الأميركية صغيرة وغير مرضية، وقد تكون مؤشرات غير كافية على حسن نوايا إدارة بايدن، لإيران التي التزمت بالاتفاق النووي، وتحملت أقسى العقوبات». وناقض تصريح ربيعي تصعيد إعلامي ومزايدات شنتها منصات قريبة من المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أكد سابقاً أن لا عودة عن الخطوات الأخيرة، في إشارة إلى تراجع إيران عن الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق الموقع عام 2015، إلا برفع العقوبات الأميركية أولا. كما قال مندوب إيران في الأمم المتحدة، مجيد تخت راوانتشي: «لا قيمة لأي توقيع لعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي من دون ضمانات»، مشيراً إلى أن «إيران تواجه ثلاثة أنواع من العقوبات، ولا معنى لعودة واشنطن إلى الاتفاق من دون إلغاء أي منها». لا تنازل وفي وقت سابق، أبلغ بايدن مؤتمر ميونيخ الأمني أنّ الولايات المتحدة ستعمل عن كثب مع الحلفاء في التعامل مع إيران بعد أن اتّخذ سلفه نهجاً عدائياً أحادياً. وقال بايدن للزعماء خلال المؤتمر الذي عقد افتراضياً، إنّ «تهديد الانتشار النووي لا يزال يتطلّب دبلوماسيّةً وتعاونًا دقيقَين في ما بيننا». وتابع أنه «يجب علينا أيضاً معالجة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسنعمل في تعاون وثيق مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم بينما نمضي قدماً». من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن برلين ستعمل على إحياء المفاوضات بشأن الاتفاق النووي. وقالت ميركل، بـ «مؤتمر ميونيخ للأمن»، إنها تحدثت مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قبل أيام، مضيفاً أنها تأمل أن تكون هناك فرصة لإبقاء الاتفاق النووي وأنها ستعمل مع الجمهورية الإسلامية عن كثب. ولاحقاً، شدد البيت الأبيض على أن الولايات المتحدة لا تعتزم القيام بإجراءات إضافية، خلفاً للبادرة الثلاثية، رداً على ضغوط إيران، قبل بدء محادثات مع طهران والدول الكبرى بشأن العودة لاتفاق إيران النووي المبرم عام 2015. وثمة خلاف بين طهران وواشنطن بشأن الطرف الذي يجب أن يأخذ الخطوة الأولى لإحياء الاتفاق. إذ تقول إيران إن على الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات التي فرضها ترامب أولاً، بينما تقول واشنطن إن طهران هي التي يجب أن تعاود الامتثال أولاً إضافة إلى الموافقة على السماح بتوسيع الاتفاق ليشمل تسلحها الصاروخي البالستي وأنشطتها في المنطقة. زيارة وكشف وجاءت التطورات بالتزامن مع بدء المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، زيارة لإيران أمس عشية تقرير عن عثور مفتشي الوكالة على جزيئات يورانيوم في موقعين داخل إيران سعت السلطات للحيلولة دون خضوعهما للتفتيش في وقت سابق وهو ما قد يثير مخاوف بشأن أنشطة إيران النووية العسكرية غير المعلنة ويعقد مهمة إعادة إحياء اتفاق 2015. ويسعى غروسي خلال زيارته إلى إقناع المسؤولين في طهران بالعودة إلى تطبيق الالتزامات االنووية، فضلاً عن محاولة منع البلاد من تقليص التزاماتها بشكل أكبر وفقا للقانون الذي أقره البرلمان بهدف الضغط على الغرب لرفع العقوبات التي فرضها ترامب. وفي الوقت الذي تستعد الوكالة الدولية لإصدار تقريرها الفصلي عن برنامج إيران النووي الأسبوع المقبل، قال 7 دبلوماسيين إن الوكالة انتهزت الفرصة لتوبيخ إيران بسبب فشلها في شرح مصدر جزيئات اليورانيوم بشكل مقنع في موقعين غير معلنين. وتم العثور على الجسيمات خلال عمليات التفتيش المفاجئة التي أجرتها الوكالة في الموقعين، أغسطس وسبتمبر من العام الماضي. وكانت إيران حظرت الزيارة لمدة 7 أشهر. وقبيل لقاء غروسي انتقد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي «تسريب التقرير عن آثار اليورانيوم في الموقعين». وقال إنه يرمي لتحقيق أغراض سياسية، داعيا الوكالة الدولية إلى «التصرف بحيادية ومهنية». ولفت إلى أن تفتيش المنشآت النووية سيتم وفق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية بعد سريان تعليق العمل بالبروتوكول الإضافي.
مشاركة :