المسجد النبوي الشريف.. تاريخ من التوسعات المُباركة

  • 9/9/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يظل المسجد النبوي أيقونة المكان والزمان لعهد زاهر عرفته المدينة النبوية قبل حوالي 1436عامًا كمصدر إشعاع تاريخي للحضارة الإسلامية، فكان التوسع هو هم المسلمين الذين تعاقبوا في ولاية هذه المدينة المنورة، فكانت البداية عندما بدأت التوسعات في المسجد النبوي الشريف منذ بدء إنشائه في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا تزال مستمرة حتى العهد السعودي الزاهر. وكان المسلمون الأوائل من الأنصار قبل الهجرة النبوية يجتمعون ويصلّون في موضع في وسط المدينة المنورة في عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وكانت الأرض التي يصلّون عليها عبارة عن مرباد (موقف الإبل ومحبسها) لغلامين يتيمين هما سهل وسهيل ابنا عمرو، وكانا في حِجرِ أسعد بن زرارة. تأسيس المسجد وبعد الهجرة النبوية المباركة عندما قدم أشرف الخلق المدينة المنورة بركت ناقته في ذلك الموضع الذي كان الأنصار يصلّون فيه، وقال عليه الصلاة والسلام: «هذا المنزل إن شاء الله»، وأسّس النبي المسجد في شهر ربيع الأول في السنة الأولى من الهجرة، وكان طوله يومئذٍ ما يقارب 35 مترًا وعرضه 30 مترًا، فتكون مساحته 1050 مترًا مربعًا، وكان سقفه بارتفاع 2.5 متر تقريبًا، وكانت أعمدة المسجد من جذوع النخل، وسقفه من الجريد «أغصان النخيل»، وأساسه من الحجارة، وجداره من اللبن، وجعل وسطه رحبة (ساحة)، وجعل للمسجد 3 أبواب وهي: باب الرحمة، وباب عثمان، وباب في المؤخرة، وفي السنة السابعة من الهجرة قرر النبي -صلوات الله وسلامه عليه- زيادة مساحة المسجد فزاد 20 مترًا في العرض، و15 مترًا في الطول، وأصبحت مساحته -آنذاك- 2500 متر مربع. توسعة عمر وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عام 17هـ، وبسبب كثرة عدد المسلمين نتيجة للفتوحات الإسلامية، واتساع رقعة الدولة الإسلامية قام الخليفة عمر بن الخطاب -رضوان الله عليه- بتوسعة المسجد النبوي، وكانت أول توسعة للمسجد النبوي منذ بنائه وتوسعته في عهد النبي -محمد صلى الله عليه وسلم- وبدأت التوسعة ببناء أساس المسجد بالحجارة إلى أن بلغ حوالي مترين، وزادت مساحته من جهة القبلة إلى الرواق المتوسط بين المصلى النبوي والمصلى العثماني، وذلك نحو 5 أمتار، وزاد من جهة الشمال 15 مترًا، ومن الجهة الغربية 10 أمتار، ولم يزد من الجهة الشرقية شيئًا، وأصبح طول المسجد من الشمال إلى الجنوب 70 مترًا، وعرضه 60 مترًا، وارتفاع سقفه 5.5 متر تقريبًا. وجعل له ستة أبواب: الثلاثة القديمة، وفتح «باب السلام» في أول الحائط الغربي، و»باب النساء» في الحائط الشرقي، وباب في الحائط الشمالي. توسعة عثمان لم تعد الزيادة التي بناها الخليفة عمر بن الخطاب تسع المصلين والزوار، فقام الخليفة الراشد عثمان بن عفان بتوسعة المسجد النبوي في شهر ربيع الأول سنة 29هـ، الموافق 649م، وانتهى منه في أول شهر محرم سنة 30هـ فكان عمله 10 أشهر، ومقدار الزيادة من الجهة الجنوبية 5 أمتار، وهو منتهى الزيادات من هذه الجهة حتى الآن، وفي الجهة الغربية زاد 5 أمتار أخرى، وهو الأسطوانة الثامنة من المنبر، وزاد من الجهة الشمالية 5 أمتار أيضًا. وبناه من الحجارة المنقوشة والجص، وجعل أعمدته من الحجارة المنقوشة، وغُطّي سقفه بخشب الساج، وبني مقصورة من لبن يصلي فيها، وجعل للمسجد 6 أبواب على ما كان على عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضوان الله عليهما. عهد الأمويين وتوالت التوسعات في العهد الأموي بالبناء في شهر ربيع الأول سنة 88هـ، الموافق 707م، وانتهى منه سنة 91هـ، الموافق 710م، وكان عمر بن عبدالعزيز يشرف على جميع مراحل البناء، وكان مقدار الزيادة من الجهة الغربية 10 أمتار، وعليه استقر أمر الزيادة في الجهة الغربية، وزاد في الجهة الشرقية 15 مترًا، وفي الجهة الشمالية 20 مترًا، وكان بناؤه من الحجارة المنقوشة، وسواريه من الحجارة المنقورة، وقد حُشيت بأعمدة الحديد والرصاص، وامتازت هذه التوسعة باستحداث المآذن لأول مرّة، إذ بُنيت 4 مآذن بارتفاع 30 مترًا تقريبًا وبعرض 4 × 4 أمتار على زوايا المسجد، كذلك تم استحداث المحراب المجوّف لأول مرة، وجرى تذهيب السقف ورؤوس الأساطين وأعتاب الأبواب والتوسعة في الجانب الشرقي وبناء السقفين للمسجد الشريف. عقبها توالت التعديلات البسيطة والتوسعات في المسجد النبوي الشريف وصولا إلى العهد السعودي الذي كان فارقًا في الحجم والأسلوب والخدمات المضافة. التوسعة الأولى في 13 ربيع الأول من عام 1372 هـ بدأ العمل بتوسعة المسجد بأمر من الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- حيث بلغت مساحة المسجد الكلية 16326 مترًا مربعًا تتّسع إلى 28,000 مصلٍّ، وقد تم الانتهاء من التوسعة في أوائل سنة 1375هـ، الموافق 1955، وبلغت تكلفة هذا المشروع 50 مليون ريال سعوديّ، وقام الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود بافتتاحه في 5 ربيع الأول سنة 1375هـ. وكانت التوسعة عبارة عن مبني مستطيل طوله 128 مترًا، بعرض 91 مترًا. وقد فُتح في الجهة الشرقية باب الملك عبدالعزيز، وفي الجهة الغربية باب الملك سعود -رحمه الله- وكل منها يتكون من 3 أبواب متجاورة، أمّا في الجهة الشمالية، فقد فُتح 3 أبواب، باب عمر، وباب عثمان، وباب عبدالمجيد، وبلغ عدد الأعمدة 232 عامودًا على رأسها عقود مدببة، أمّا السقف فقد قُسّم إلى مربعات بارتفاع 12.55 متر، وكانت للمسجد آنذاك 5 مآذن هُدمت منها 3 مآذن هي التي كانت عند باب الرحمة، والمئذنة السليمانية، والمجيدية في الجهة الشمالية، وبُنيت مئذنتان في الركن الشرقي والغربي من الجهة الشمالية، وارتفاع كل منها 72 مترًا، فأصبح للمسجد 4 مآذن في أركانه الأربعة. وأصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- أمرًا بتهيئة مواقع للصلاة غربي المسجد فهُدمت المباني الموجودة في تلك الجهة، وتم إقامة مصلّى مظلل، بلغت مساحته حوالي 35,000 متر مربع، بواقع 80 مظلة. وكان العمل به سنة 1873، وبقيت إلى أن أزيلت في التوسعة السعودية الثانية. التوسعة الثانية في شهر محرم من عام 1406هـ بدأ العمل بأكبر توسعة للمسجد النبوي بأمر من الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وقد تم الانتهاء منها عام 1414هـ، حيث شملت التوسعة الجهات الشرقية والغربية والشمالية للمسجد، وذلك بإضافة مساحة 82,000 متر مربع تستوعب حوالي 150,000 مصلٍّ، وبذلك أصبح المساحة الكلية للمسجد 98,326 مترًا مربعًا تستوعب 178,000 مصلٍّ، ويُضاف مساحة السّطح 67,000 متر مربع، منها 58,250 مترًا مربعًا مهيأة للصلاة فيها، وتستوعب 90,000 مصلٍّ، وأصبح مجموع المساحة لمهيأة للصلاة 156,576 مترًا مربعًا تستوعب 268,000 مصلٍّ. ويُضاف مساحة الساحات المحيطة بالمسجد بمساحة 135,000 متر مربع، منها 135,000 متر مربع مهيأة للصلاة تستوعب 430,000 مصلٍّ، وهكذا يرتفع مجموع المصلين إلى أكثر من 698,000 مصلٍّ. وصُممت الأعمدة والأروقة على نسق التوسعة السعودية الأولى، وغُطّيت الجدران الخارجية بالجرانيت، وتمّ إضافة 6 مآذن جديدة تتناسق مع المئذنتين في التوسعة السعودية الأولى، وقد زُوّد مبني التوسعة بعدة أنظمة متطورة، منها أنظمة كاميرات، وأنظمة طاقة كهربائية دائمة واحتياطية، وأنظمة إطفاء حريق، وأنظمة للصرف الصحي. كما تم تخصيص مواقع مخصصة للنساء في الجهة الشرقية الشمالية بمساحة 16,000 متر مربع، وأخرى في الجهة الغربية الشمالية بمساحة 8,000 متر مربع، وكان للمسجد قبل هذه التوسعة 11 بابًا، أصبح 5 منها داخل مبني التوسعة الجديدة، وأصبح عدد المداخل الإجمالي 41 مدخلاً، وأصبح العدد الإجمالي 85 بابًا، يعلو كل باب لوحة من الحجر مكتوب عليها آية ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾. كما جرى تهيئة سطح التوسعة البالغ مساحته حوالي 67,000 متر مربع، منها 58,250 مترًا مربعًا مهيأة للصلاة فيها، وتستوعب 90,000 مصلٍّ، وأُقيمت في مبني التوسعة 6 مآذن، 4 منها موجودة بالأركان الأربعة للتوسعة، ومئذنتان في منتصف الجانب الشمالي، بارتفاع 103.89 متر مع الهلال. وتتكون كل مئذنة من 5 أجزاء: مربعة الشكل، وضلعه 5.5 متر، بارتفاع 27 مترًا. كما جرى إحاطة المسجد من الناحية الجنوبية والغربية والشمالية بمساحات بلغت 235,000 متر مربع، وقد غُطيت جزء منها بالرخام الأبيض العاكس للحرارة، والباقي غُطي بالجرانيت، والحجر الصناعي، وتم إضاءتها بوحدات إضاءة مثبتة على 151 عمودًا مكسوًا بالجرانيت، وأحيطت هذه السّاحات بسور طوله 2270 مترًا، وبه بوابات. وتستوعب هذه الساحات حوالي 430,000 مصلٍّ، وتضم هذه الساحات مداخل لدورات المياه، والمواضئ، وأماكن الاستراحة للزوّار، وتتصل بمواقف السيارات التي توجد في طابقين تحت الأرض. التوسعة الثالثة وبأمر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في شهر أغسطس 2010 تم الانتهاء من مشروع مظلات ساحات المسجد النبوي، وهو عبارة عن مظلات كهربائية على أعمدة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من الجهات الأربع، وتبلغ مساحتها 143 ألف متر مربع، بهدف وقاية المصلّين من المطر وحرارة الشمس أثناء الصلاة. وشمل المشروع تصنيع وتركيب 182 مظلة على أعمدة ساحات المسجد النبوي، بالإضافة إلى 68 مظلة في الساحات الشرقية، ليصبح مجموع المظلات 250 مظلة، وبلغت تكلفته 4.7 مليار ريال سعودي، وصممت المظلات الجديدة خصيصًا للمسجد النبوي، بحيث تظل كل مظلة نحو 800 مصلٍّ. ثم أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بالبدء بتنفيذ أكبر توسعة للمسجد النبوي في المدينة المنورة تحت اسم «مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف»، على ثلاث مراحل، تتسع المرحلة الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصلٍّ، كما سيتم في المرحلتين الثانية والثالثة توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم، بحيث تستوعب 800 ألف مصلٍّ إضافية، وتم البدء بهذا المشروع بعد موسم الحج عام 2012، ويبلغ عدد العقارات المتوقع إزالتها لصالح المشروع 100 عقار تتوزع على الجهتين الشرقية والغربية، ويبلغ إجمالي التعويض عن مساحة تقدر بنحو 12.5 هكتار بنحو 25 مليار ريال، ووفق خطط المشروع ستجرى تحسينات للساحات العامة والساحة الاجتماعية حول المسجد النبوي الشريف. واطلع خادم الحرمين الشريفين -حينذاك- على العرض الخاص لمشروعات توسعة الحرم النبوي والمنطقة المركزية، كما استمع الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال العرض إلى شرح من معالي مساعد وزير المالية الأستاذ محمد بن حمود المزيد، ومسؤولي ومهندسي مشروع توسعة المسجد النبوي والمنطقة المركزية عن مشروعات التوسعة والعناصر المرتبطة بها وفي تلك الاحتفالية المشهودة شاهد -أيده الله- مجسمات ومخططات لمشروعات توسعة المسجد النبوي. وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أهمية الحرص على متابعة العمل في مشروع التوسعة الكبرى للمسجد النبوي والمشروعات المرتبطة بها، التي تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين من شتّى أرجاء العالم، وكذلك خدمة أهالي مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وزوارها. المزيد من الصور :

مشاركة :