مقاربة نقدية تحليلية لبعض معالم نص (أحلام خضراء) للشاعرة وفاء سالم الغامدي

  • 2/23/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قراءة –  محمد الأمير إن مَن يتدبَّر حسنات الشعراء وبراعاتهم يجد أنها لا تستولي على النفس من أجل ما تُحدِثه في الذهن من الصور، بل لأنها تُوقِظ في النفس عاطفةً تشبه العاطفةَ التي ينبِّهها الشيء الذي هو موضوع الكلام. -بيرك •عنوان النص ؛ودلالته: نحن هنا أمام نص فني ؛اتخذت له الشاعرة عنوان (أحلام خضراء)؛ويجدر بنا أن نحاول الولوج إليه باختصار على اعتباره البوابة الأساسية لاستكشاف عالم النص ؛وأبعاده ؛ومايمور في داخله من قيم تعبيرية ؛ وتصويرية وما إليهما.. لاجدال في أن الخضرة والاخضرار من طبيعة النباتات والأشجار على اختلاف أنواعها ؛وأجناسها ؛فما علاقة ذلك بالأحلام؟! •جو النص: مَالَتْ كغصنٍ ذابلٍ وغَفَتْ عيونُ النرجسة ألقتْ برأسِ همومها وهمومُهَا مستأنِسة نامتْ تراودُ جفنَهَا أحلامُ وهمٍ بائسة تجسّد الشاعرة هنا التطلعات المستقبلية التي ارتسمت في مخيِّلة هذه الطفلة الغضّة والآمال التي تعتلج في أعماقها ؛ومن الطبيعي أن تكون أحلامها الصغيرة مساوية لعمرها الصغير؛ ؛ومن هنا خلعت الشاعرة صفة الخضرة على أحلامها البريئة ؛وتصوراتها المحدودة في وقتها الراهن ؛لكنّ الخضرة ماتلبث أن تتغير في طريقها المنتظم إلى عناق الكواكب السماوية ؛في ضوء طموحات هذه الطفلة وتوجهاتها المشعة بالبهجة والانشراح ؛إنها ستشهد ذات يوم أحلامها الوردية وقد بلغت مبلغا عظيما من التقدّم والسمو.. وحين نقلّب الطرف في عموم أبيات النص تتجلى لنا عناصر الرؤى الفنية التي اعتمدتها الشاعرة بتفنن واقتدار؛وسأشير إلى ذلك إشارات خاطفة؛على هذا النحو: 1-الركيزة التي قام عليها النص هي “الوصف”؛حيث استرعى انتباه الشاعرة منظر طفلة في عمر الزهور؛لمحتها على قارعة الطريق وحيدة من أهلها ونظرائها ؛وقد حشدت كمية من الأقلام المختلفة الأشكال والألوان في يدها.. 2-استهلت الشاعرة لوحتها ؛بالفعل الماضي “مالت”؛مقترنا بتاء التأنيث ؛إيماء إلى الطفلة ذاتها ؛مشبهة إياها بغصن شجرة ذابل ؛إذ لاماء ولا حياة ملموسة ؛ثم تتابع السياق بأفعال مماثلة:(غفت ؛ألقت ؛نامت ) تعزيزا لوصف الطفلة ؛وتوضيحا للحالات المتباينة التي حلّت بها ؛خلال الوقت الذي أمضته تناظر الرائحين والغادين ؛متخذة الأقلام ؛عسى أن تستدرّ من وراء طريقتها الذكية المهذبة ؛عطفهم ؛وتضامنهم مع شكلها البائس الحزين ؛ومن المتوقع أن يفطن إليها الإنسانيون ؛ويتعاطفوا معها. 3-عنصر التشخيص واضح بجلاء؛وفيه إشارة لتمكن الشاعرة من (الرسم بالكلمات) ولله ما أشجى مشهد هذه الطفلة المؤثر؟! وماأدق الوصف الشعري الآسر وأسلسه الذي سنراه في المقطع التالي ؛فضلا عن رشاقة لغة شاعرتنا؛ومهارة عدستها الفنية على الالتقاط الإنساني الشفاف؛!!.. أقلامها الخضراءُ تبـ ـتاعُ الحياةَ المؤنسة قبضتْ بكفِ رجائها وأكفهُم متغطرسة ياسالبينَ. هناءَها من أنفسٍ متوجسة هلا بذلتُم حبكم للطفلةِ المتحمسة إنها طفلة في واقع الأمر تنبض بالحياة في هذا الفضاء الخالي ؛بيد أنها تتشبث بأغصان الأمل الخضراء؛ كأقلامها المرصوصة بعناية فائقة في واقع الأمر ؛يطوقها البؤس ويعتري ملامحها نوع من الانكسار ؛فلا تستسلم .. إذ تستحيل نرجسة (ريحانة )متجددة ؛طيبة الرائحة؛ تهدي عبيرها للمارين بلا استثناء ؛طبقة المارين الذين يدركون إيقاع الحروف ؛وومضاتها ؛ومضامينها الإنسانية .. وكأن هذه الطفلة بمظهرها هذا ؛ أرادت في قرارة نفسها أن تهدي أرباب الأقلام من شعراء؛ وشاعرات مادة حية للكتابة المتعانقة المتحدة مع بني جنسها من فقراء العالم الكوني.. لكن الخذلان أصابها حين حدث مايلي : قبضت بكف رجائها وأكفهم متغطرسة.. وفي الختام أتوجّه إلى أستاذتنا ..شاعرتنا الراقية المبدعة .. لأقول لها : إن رشفات قهوتك الصباحية ومذاقاتها الريانة بالأمل اللامحدود ؛والفرح الموعود ؛منحت القرّاء كثيرا من الإشراقات الحيوية ؛وهي لاشك مرحلة من التجليات شهدناها ؛حين كانت دفقات قلمك السيال ؛تملأ الساحات ؛وترسم الشعر بالكلمات .. فاللهم زد وبارك ؛وإلى المزيد من التجليات في مضمار الشعر .

مشاركة :