صفاقس (تونس) - عندما بدأ الدكتور محمد صلاح سيالة العمل في يناير بمستشفى للعزل الصحي بتونس، لم يتخيل مطلقًا أنه من الممكن أن يسخّر مهاراته الموسيقية من أجل مكافحة فايروس كورونا. وقرر الطبيب البالغ من العمر 25 عامًا إخراج كمانه يومًا في مستشفى الهادي شاكر في مدينة صفاقس والعزف عليه، فنال الثناء لرفعه معنويات المصابين بالفايروس. وظهر رد فعل المرضى بشكل فوري من خلال الابتسام والتصفيق ابتهاجا بـ”الحفلة الموسيقية” المرتجلة، حتى أن البعض فوجئ عندما اكتشف أن الذي يعزف على الكمان هو الطبيب نفسه. وقال المريض رشيد عروس الذي بدأ يتماثل إلى الشفاء من الفايروس “العزف على الموسيقى يساهم في شعور المريض بالفرح ونسيان الألم، إنه رائع!”. وفي وقت فراغه بعيدًا عن واجباته الطبية، يعزف سيالة على الكمان بحماس، وهو أيضًا عضو في فرقة تسمى “بيبر باند”. وقال سيالة في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس “هدفي هو استخدام الموسيقى للمساعدة في علاج مرضى كورونا الذين يعانون من حالة نفسية سيئة وأيضاً من الوحدة التي هي عدوّهم الأول”. ويعزف سيالة الآن بشكل منتظم في المستشفى عندما يكون لديه الوقت الكافي. ومن خلال مشيه في ممرات المستشفى وهو يعزف على الكمان، لا تساعد موسيقاه المرضى فقط ولكن أيضاً جميع العاملين بالمستشفى الذين تعرضوا لضغوط خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب زيادة عدد حالات الإصابة بالفايروس والتي ارتفعت في بداية العام. ومع ذلك تخطى الأمر مجرد العزف على الكمان لاستحضار الأمل إلى بلاده. وظهرت في تونس مؤشرات على تراجع حالات الإصابة بالفايروس. وفي الأيام الأخيرة سجلت معدلات إصابة جديدة هي الأقل في عدة أسابيع مقارنة بعدة دول. وبحسب وزارة الصحة فقد تم رصد 725 حالة إصابة جديدة يوم الخميس الماضي من مجموع سكان البلاد البالغ قرابة 12 مليون نسمة مقارنة بفترة الذروة التي سجلت فيها أكثر من 4100 حالة جديدة في منتصف شهر يناير. وبالمثل انخفض عدد الوفيات إلى 35 حالة من المتوسط اليومي البالغ 70 حالة، وبلغت ذروة الوفيات 103 حالات قبل شهر واحد. وباستثناء أسرّة العناية المركزة التي لا تزال ممتلئة، لم تعد أسرّة الأكسجين مزدحمة كما كانت من قبل لأن العديد من المرضى يتلقون الرعاية في المنزل. ويوجد حاليا حوالي 1200 مصاب في المستشفيات منهم 287 في العناية المركزة و111 تحت أجهزة التنفس الاصطناعي. ومن المتوقع أيضًا أن تحصل البلاد على أولى الشحنات من لقاحات فايزر خلال هذا الشهر. ويعد هذا جزءاً من ترتيب أوسع يتضمن برنامج لقاح “كوفاكس” العالمي للدول النامية ومركز السيطرة على الأمراض الأفريقي الذي تأمل تونس أن يجلب ما يصل إلى 7 ملايين جرعة لقاح في الأشهر المقبلة. وفي هذه الأثناء يمكن للمرضى الاعتماد على الطبيب سيالة لاستحضار الأمل من خلال عزفه على الكمان. وتقول بريكا السديري وهي تبتسم وتستمع للموسيقى “يعزف الطبيب سيالة للترفيه عنا قليلا. أدعو الله أن يحفظه، وأتمنى أن يحفظكم الله جميعاً من هذا المرض. آمل أن أخرج من هذا المكان بصحة جيدة، هذا ما أتمناه!”.
مشاركة :