في إطار المساعي الإيرانية المستمرة لتسويق مبادرة طهران لحل الأزمة في سوريا، سأل الرئيس الإيراني في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس النمساوي هاينز فيشر الذي يزور العاصمة الإيرانية: «هل مناقشة الديمقراطية في سوريا أولوية اليوم؟ وهل الأولوية للحديث عن المعارضة والحكومة أو إصلاح الدستور السوري؟». وقال روحاني إن سوريا تعاني من «حالة عدم استقرار كاملة مع تشرد الملايين ومقتل مئات الآلاف»، مؤكدا أن ما يهم طهران هو إنقاذ «أرواح الشعب السوري وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وبعد ذلك يمكن الحديث عن مستقبل سوريا وجماعات المعارضة والديمقراطية والانتخابات». وأكد روحاني أن إيران مستعدة «للجلوس على أي طاولة مفاوضات في أي مكان من العالم للمساعدة على وقف العنف وإحلال السلام في سوريا». وتنشط الدبلوماسية الأوروبية وعبر أكثر من قناة للدفع باتجاه تفعيل وتسريع العملية السياسية لحل الأزمة السورية بعد «انفجار» ملف اللاجئين السوريين بوجهها، مع قرار برلين وقف إجراءات ترحيلهم. ولفت ما أعلنه الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم أمس الثلاثاء عن أن «الديمقراطية ليست أولوية حاليا في سوريا»، وهو ما قرأه مراقبون على أنّه سعي إيراني لتسويق مبادرة طهران لحل الأزمة السورية. ورجّح رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد طعمة أن «تسرّع أزمة اللاجئين السوريين المستجدة في أوروبا باتخاذ خطوات عملية لحل الأزمة في سوريا»، معتبرا أن «الأزمة الإنسانية الحالية وضعت المجتمع الدولي المتلكئ عن القيام بواجباته منذ 5 سنوات في وضع حرج، بعدما باتت الشعوب الأوروبية هي التي تضغط على السلطات هناك لبذل جهودها والتحرك لوضع حد للمآسي المستمرة في سوريا». وشدّد طعمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على وجوب أن تسعى قوى المعارضة السورية لـ«الاستفادة من الوضع الحالي لممارسة ضغوط إضافية على الدول المعنية بحل الأزمة السورية»، لافتا إلى أن «الائتلاف السوري لا يزال بانتظار توضيحات يقدمها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا حول الاستفسارات التي طلبتها الهيئة العامة للائتلاف، نظرا إلى أن ما تقدم به المبعوث الدولي أخيرا لا يوحي بكثير من الارتياح». وأكّد طعمة «تمسك قوى المعارضة السورية وعلى رأسها الائتلاف بثوابت الحل السياسي، وأبرزها بيان جنيف، وبوجوب قيام هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات تشمل كل أجهزة الدولة دون استثناء، على ألا يكون هناك أي دور (الرئيس السوري بشار) للأسد في مستقبل سوريا». وحذّر دي ميستورا مطلع الأسبوع الحالي من أن آلاف اللاجئين الجدد سيفرون إلى أوروبا إذا لم يتمكن المجتمع الدولي من التوصل إلى اتفاق سلام وعدم ترك السوريين في مواجهة تنظيم داعش، لافتا إلى أن «إخفاق القوى العالمية في التغلب على خلافاتها، خاصة بشأن مستقبل الحكم في سوريا ودور الرئيس السوري بشار الأسد، يعني بالضرورة دعم هذه القوى لحل عسكري للنزاع الذي أودى حتى الآن بحياة نحو 250 ألف شخص». واعتبر الباحث في مؤسسة كارنيغي ماريو أبو زيد، أنّه «ورغم حجم وخطورة أزمة اللاجئين السوريين بالنسبة لدول أوروبا فإن الدبلوماسية الأوروبية تجد نفسها اليوم عاجزة عن الدفع باتجاه حل سلمي وسريع للأزمة السورية باعتبارها غير قادرة على الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي، وخاصة بعد تنامي الدور الروسي في دعمه»، معربا عن أسفه لاستمرار الدول الغربية في التعاطي مع تداعيات الأزمة السورية وليس مع مصدرها. وأشار أبو زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المجتمع الدولي لم ينجح من الاستفادة من التوازن العسكري الحاصل على الميدان السوري لوضع قطار الحل السياسي على السكة، لافتا إلى أن العناصر والمؤشرات التي توحي بتأزيم أمني إضافي أكثر بكثير من تلك التي تمهّد لحل سلمي قريب. وقال: «لم يعد التدخل الخليجي في سوريا على غرار ما هو حاصل في اليمن، مستبعدا، في حال لم ينجح المعنيون بإحداث خرق حقيقي في جدار الأزمة السورية، علما بأننا بتنا نسمع كلاما جديا في هذا الإطار». وأوضح أبو زيد أن ما يعرقل تقدم الأمور في الجهة الروسية، هو «عدم قدرة الروس على إيجاد شخصية قيادية من النظام السوري أو قريبة منه، قادرة أقله على تولي المرحلة الانتقالية»، وأضاف: «الحديث اليوم هو عن وجود وحدات خاصة روسية داخل سوريا تقوم بمهام محددة، لكننا قد نشهد في القريب العاجل تدخلا روسيا أكبر في سوريا تحت عنوان مواجهة داعش». وبعكس توقعات أبو زيد، بدا لافتا ما أشارت إليه صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية عن نية الغرب الإطاحة بنظام بشار الأسد تحت شعار مكافحة «داعش» على خلفية المواقف الفرنسية والبريطانية الأخيرة وإعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين، بأن الطائرات الفرنسية ستبدأ طلعات استكشافية فوق سوريا كمرحلة أولى للانضمام إلى الائتلاف الدولي ضد «داعش» في سوريا.
مشاركة :