عاد الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد اختفاء طويل معتاد يتبعه ظهور فقاعي لا يتجاوز تأثيره سوى بعض البلبلة وعلامات الاستفهام.في هذه المرة خرج البرادعي من صومعته للحديث عن حقبة تركية جديدة ونهضة إيرانية وربيع عربي جديد في مقال لـ"الجزيرة" القطرية، دعا خلاله الدول العربية إلى "تشكيل نظام أمني إقليمي قادر على معالجة العلاقات المعقدة مع تركيا وإيران بشكل عاجل".جاء مقال البرادعي بعنوان "هل حانت لحظة التغيير في العالم العربي؟". واعتبر خلاله أن الحوار مع تركيا وإيران قضيتين لا يمكن تأجيلهما.وقالت صحيفة "عرب ويكلي" إن مقال البرادعي تمت مشاركته على نطاق واسع من قبل المواقع القطرية بشكل عام والإخوانية بشكل خاص، وربط مراقبون ظهور البرادعي المفاجئ بوصول إدارة أمريكية جديدة برئاسة الديمقراطي جو بايدن، وسط تكهنات واسعة بأن تنتهج واشنطن نهجًا متشددا تجاه حلفاء الرئيس السابق دونالد ترامب ومن بينهم مصر، فضلا عن رغبة في إعادة واشنطن إلى الاتفاق النوويوأضافت أن ظهور البرادعي على المنصات الإعلامية القطرية بدا وكأنه محاولة لبث الروح مجددا فيما يسمى بـ"الربيع العربي"، مع بعض التعديلات لمواكبة الظروف والمتغيرات التي طرأت على المشهد في المنطقة العربية.وأشارت الصحيفة إلى أنه من الممكن أن يؤدي التوقيت والمنصة التي نشر عبرها المقال توسيع الخلاف القائم الذي لم يحل بعد بين القاهرة والدوحة، ففي الوقت الذي يحاول كل طرف إثبات حسن النية من أجل المضي قدما في اتفاق مصالحة بن قطر والرباعي العربي.وأوضحت أنه من خلال مقالته الجديدة، أراد البرادعي على ما يبدو الاستفادة من التوترات بين كل من تركيا وإيران مع العديد من البلدان في المنطقة العربية، في الوقت الذي تعد قطر من الدول العربية القليلة التي تقيم علاقات جيدة مع أنقرة وطهران.قال مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن البرادعي "لم يكن غائبًا تمامًا عن أعين الجمهور خلال السنوات الماضية، حيث كان يعلق أحيانًا على تويتر".وأضاف السيد في تصريح للصحيفة أن "وصول إدارة أمريكية جديدة شجع البرادعي على الظهور مرة أخرى والدعوة للحوار مع تركيا وإيران. الإدارة الأمريكية الجديدة تتبنى نهجا يقوم على التفاوض مع القوى الكبرى في العالم والشرق الأوسط ، وهذا النهج يشجع البعض على تقديم مقترحات تتماشى مع التيارات التي تهيمن على المشهد السياسي الدولي".لكن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسن هريدي قال إن دعوة البرادعي "لن تؤخذ على محمل الجد، لأن الدولتين اللتين ذكرهما [تركيا وإيران] تحتلان حاليا أراض عربية، وتستخدمان القوة العسكرية ضد الشعوب، وتجنيد الجماعات المتطرفة من البعض. البلدان لمتابعة طموحاتها".وأضاف هريدي أن تركيا وإيران واصلت سياساتهما العدائية ضد الدول العربية بجرائم خطيرة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا، وأكد أنه لا أمل في الحوار مع البلدين خاصة أن البرادعي فشل في تحديد أسس بدء الحوار.بقول الخبراء إن اقتراح البرادعي غير واقعي وغامض، لكنه في النهاية يتفق مع منطق جماعة الإخوان الإرهابية. ويشير الخبراء إلى أن جماعة الإخوان كانت من بين الوحيدين الذين رحبوا بمناشدة البرادعي للحوار مع أنقرة وطهران، لأن هذا النداء يبرر الاتصالات التي قام بها زعيم الجماعة الإرهابية مع البلدين.وأوضح الخبراء أن البرادعي فشل في الإجابة على الأسئلة الرئيسية: أين كان يختبئ منذ مغادرته مصر قبل حوالي سبع سنوات؟ لماذا اختفى؟ ماذا فعل عندما كان نائبًا لرئيس مصر في الفترة الانتقالية التي أعقبت سقوط الإخوان؟ كما لم يشرح البرادعي أفعاله قبل تلك الفترة، عندما انتظر البرادعي انتهاء العاصفة وانتظاره أن تعطيه أحداث 25 يناير أرضية مناسبة قبل الظهور ومحاولة لعب دور في "التغيير"، لكن البرادعي فشل في تقديم رؤية أو أفعال من أجل البناء لإحداث "تغيير" حقيقي، قبل أن تظهر حقيقة الرجل، الذي اعتاد الاختفاء الطويل ثم الظهور وهي دورة تشير إلى الرغبة في جذب الانتباه.وطالب مراقبون في القاهرة البرادعي بمراجعة مواقفه بدقة وإعادة تقييم الدور الذي لعبه خلال فترة ما يسمى بالربيع العربي. كما أشار المراقبون إلى الأضرار التي ألحقتها الأحداث آنذاك بالدول العربية، مما جعل بعضها على شفا الانهيار.
مشاركة :