«أون لاين» والله أعلم

  • 2/24/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مما لا شك فيه أن جائحة كورونا كان يمكن أن تنجب لنا فضائل وإنجازات، إعجاز وإيجاز لكل ما كان يتراكم في يومنا الحافل من أعمال، من مناكفات، من تحديات وسوء أداء، كان يمكن أن يكون لكورونا فعل السحر في ساعات العمل الفعلية، في الإنتاج الرقمي، والزميل الالكتروني، في الإبداع الفكري، والإتقان البحثي. كان يمكن أن تتحول جامعاتنا إلى مؤسسات علمية لعلاج مشكلات المجتمع، حيث إن جزءًا من رسالتها المقدسة يصب جام جهده نحو خدمة المجتمع، وكان يمكن أن يتم إنجاز معاملاتنا الحكومية والإدارية عن بعد من خلال الشبكة العنكبوتية للإنترنت «أون لاين». لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ويصبح المأمول مطعونًا في حقيقته، فبدلاً من أن نختصر الوقت، أضعنا كامل الوقت، وبدلاً من إنجاز المعاملات بسرعة الزمن المتسلق رقمًا، والمتفادي عراقيل البشر، اختفى بعض الموظفين من مواقع أعمالهم، ومن شاشات «الأون لاين»، تأخرت المعاملة التي لا تستغرق سوى دقائق إلى شهور وربما أكثر، الشماعة أن كورونا جعلت كل شيء في حياتنا إلكترونيًا، وأن كورونا أبعدت طالب المعاملة عن مُنجزها، وفرضت بين أصحاب المصالح والعديد من الجهات الرسمية التي أصبح الدخول إلى أي موظف فيها بمثابة الحلم المستحيل. حدث ذلك في العديد من الإدارات الحكومية الحساسة، وتكررت الحالات في أكثر من موقع عمل وأكثر من مرصد لإنجاز المعاملات. لقد حققت مملكة البحرين الكثير وأنفقت الجهد والعرق والمال في سبيل أن يكون لديها بنية تحتية تكنولوجية تفوقت فيها على العديد من دول العالم، وأصبح لدى مملكتنا الفتية قاعدة رقمية تضاهي مثيلتها في الدول المتقدمة، ومما لا شك فيه أن اللجنة التنسيقية برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه تبذل منذ هجمة الجائحة كل غالٍ وكل نفيس، وتسعى بما لديها من إمكانات وخبرات لكي تذود عن بلادنا وتحفظها من الاجتياح الفيروسي للحدود، والبيوت والبشر، وأصبح لدينا من الإجراءات والاستحكامات ما ينأى بنا عن كوارث محدقة أصابت كل متساهل وكل متجاهل، وكل متعالٍ على قدر محفوف بكل المخاطر والمنعطفات. رغم ذلك إلا أن مسألة المتابعة الأسرع، والرقابة الأنجع لما يسمى بإنجاز المعاملات «أون لاين» أصبحت من الأهمية بمكان بحيث يتم الإنجاز إلكترونيًا على الأقل في نفس الزمن الذي كان يتم خلاله إنجاز المعاملة الرسمية عن قرب، أصبحت الأوراق المطلوبة والرسوم المفروضة، والشخصيات الاعتبارية محل تدقيق اعتباري، وأصبح الوقت المستغرق لإتمام المطلوب من مستندات، واستكمال الضروري من أوراق وأختام وتوثيقات أطول بكثير من قبل. «الأون لاين» نعمة لا يجب أن نغفلها، لكن التجاهل باسم الأون لاين نقمة، والتغافل باسم الإنجاز يعد مشكلة لابد من إيجاد حلول ناجعة لها. نحن ندرك تمامًا حجم المسؤوليات الملقاة على حكومتنا الرشيدة، لكننا مدركين بأن قادتنا ومسؤولينا أكثر إدراكًا من كائن من كان بأهمية تسهيل المعاملات على الناس، وتخفيف الأعباء «التكنولوجية» الضرورية عليهم، لا يمكن طبعًا أن يتم تعريض الموظف لمخاطر الاتصال عن قرب بسبب الجائحة، ولا يمكن أن نضع الحصان خلف العربة ونقول له اذهب فأنت طليق من ضمن الطلقاء، لكن الأكيد أن هناك حلولًا لتذويب الفوارق الالكترونية بين طالب المعاملة والجهة التي تنجزها، بين السائل والمحروم، والمسؤول الذي يتم تدريبه بإتقان وحرفية ومهارة وخبرة السنين. والأكيد أن هناك بالتأكيد حلاً يرضي جميع الأطراف، سرعة في الإنجاز، وتباعد من أجل سلامة الناس، كل الناس، والأكيد أيضًا أن هناك آلية تدرك الجهات المسؤولة أكثر مني كمتابع أو راصد بأن تنفيذها لن يكون عسيرًا، وأن إيجاد الحلول لن يصبح حجر عثرة أمام خبراء تدربوا، ومهاريين أجادوا، ومواقع عمل مزودة بأحدث ما جاءت به تكنولوجيا الإمكان في هذا العصر وكل عصر.

مشاركة :