يرى سياسي وخبير أمريكي بارز في الشؤون الدولية والاستراتيجية، أن إدارة الرئيس جو بايدن، تعرضت لاختبار حقيقي كشف عن مصداقيتها في منطقة الشرق الأوسط .وقال السفير الأمريكي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، روبرت فورد، لقد وصف أحد المحللين الأميركيين المخضرمين الهجوم الصاروخي الذي وقع في 15 فبراير (شباط) ضد أربيل، بأنه الاختبار الأول لمصداقية إدارة الرئيس جو بايدن.ويتفق مايكل نايتس (المقرب من دائرة صنع القرار في واشنطن والمتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج)،وعدد من المحللين الأمريكيين الآخرين حول أنَّ ميليشيا عراقية مواليةً لإيران تقف وراء الهجوم. وحثَّ البعض إدارة بايدن على رفض عقد محادثات مع الحكومة الإيرانية حول البرنامج النووي الإيراني، حتى توقف الميليشيات العراقية هجماتها ضد القوات الأميركية.إشارت أمريكية موجهة لإيرانوأضاف «روبرت فورد»: بدلاً عن ذلك، في 18 فبراير/ شباط، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أنَّ الولايات المتحدة ستقبل دعوة أوروبية لحضور اجتماع لممثلين عن جميع الدول التي وقعت الاتفاق النووي عام 2015، بما في ذلك إيران. في الوقت ذاته، ألغت إدارة بايدن قيود السفر التي كانت مفروضة على دبلوماسيين إيرانيين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، والتي كان الرئيس ترامب قد أقرَّها. بجانب ذلك، أعلنت واشنطن أنَّها ستوقف جهودها التي بدأت في عهد إدارة ترامب لإعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران.تجدر الإشارة هنا إلى أنَّ روسيا والصين والأوروبيين كانوا قد رفضوا بالفعل الحجة التي طرحها وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، الخريف الماضي، بخصوص إعادة فرض العقوبات.وتعتبر هاتان الخطوتان من جانب إدارة بايدن بمثابة إشارتين صغيرتين موجهتين لطهران، رغم استمرار إصرار بايدن على أن تأتي الخطوة الأولى الكبرى من جانب إيران، وأن توقف الانتهاكات النووية التي ترتكبها قبل أن ترفع واشنطن العقوبات حسبما ينص اتفاق عام 2015.«بايدن» يهادن ميليشيات إيران في العراقوالسؤال هنا: لماذا لا يبعث بايدن برسالة قوية بعد حادث أربيل، ويتخذ موقفاً أقوى تجاه الميليشيات الموالية لإيران الآن؟ ثمة سببان رئيسيان يقفان خلف هذا الأمر، أولهما أنَّه على خلاف الحال مع إدارة ترامب، فإنَّ الفريق المعاون لبايدن يعي أنَّ العراقيين لا يرغبون في أن يجدوا أنفسهم في خضم حرب بين إيران والولايات المتحدة.أما السبب الثاني وراء قبول بايدن الدخول في حوار مع إيران حول البرنامج النووي الآن، أنَّ الميليشيات الإيرانية في العراق تشكل جزءاً من تهديد إقليمي أكبر صادر عن إيران منفصل عن التهديد النووي الإيراني. من جهتهم، يتعيَّن على العراقيين تسوية مشكلة الميليشيات لديهم، لكن تبقى هناك ميليشيات عراقية في سوريا، وبطبيعة الحال هناك ميليشيات على صلة بإيران داخل لبنان وسوريا واليمن.سياسة ممارسة الحد الأقصى من الضغوط لن توقف البرنامج النووي الإيرانيوتابع السياسي والخبير الأمريكي، في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: لا يمكن للولايات المتحدة التفاوض وحدها مع إيران حول انتشار هذه الميليشيات في الشرق الأوسط ـ لكن من تجب مشاركته في المناقشات حول التهديد الإقليمي الإيراني؟ من جهته، قال جيك سوليفان، مستشار الأمن الوطني لدى البيت الأبيض حالياً، في تصريحات لشبكة «سي إن إن» في الثالث من يناير (كانون الثاني)، إنَّه من الضروري فتح حوار جديد واسع يتجاوز مجموعة 5+1 التي تفاوضت مع إيران حول البرنامج النووي.من جهتي، لا أعرف شكل إطار العمل النهائي لهذه المناقشات، لكن أعتقد أنَّه يجب أن يتضمَّن العراق والحكومة السورية وإسرائيل وربما تركيا ودولاً أخرى.وأعتقد أنَّ إطار العمل سيتضمن الكثير من الأجزاء وسيتطور ببطء في شكل مراحل. بيد أنَّ الفريق المعاون لبايدن أدرك من السنوات الأربع الماضية أنَّ سياسة ممارسة الحد الأقصى من الضغوط لن توقف البرنامج النووي الإيراني، وأنَّ الانتظار للمفاوضات له تكلفته هو الآخر. تجربة «ريغان» مع الاتحاد السوفيتيمن جانبه، شعر الرئيس رونالد ريغان، بكراهية شديدة تجاه النظام السوفياتي وبذل جهوداً كبرى لتقليص نفوذه الدولي. وليس هناك بين المؤرخين من يعتقد أنَّ الرئيس ريغان كان ضعيفاً في تعامله مع الاتحاد السوفياتي.ومع هذا، أدرك ريغان جيداً أنَّ المصلحة الأمريكية تكمن في إبرام اتفاق مع موسكو للحد من الترسانة النووية في الجانبين، وبالتالي خاض المفاوضات.في المقابل نجد نتائج جهود ترامب في التعامل مع إيران. وبمقدور فريق بايدن التعلم مع ريغان أنَّه يتعيَّن عليهم التفاوض مع إيران في الوقت ذاته الذي يعملون مع شركاء لاحتواء النفوذ الإيراني والسعي بحرص لبناء حوار إقليمي.
مشاركة :