- انتهاك حقوق المرأة لا يمثل الإسلام وإنما يمثل أصحابه- جائحة كورونا علمتنا الأهمية البالغة للوَحدة عند مواجهة التهديداتأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، أن المرأة المسلمة تمتعت بمكانة بارزة منذ بداية الإسلام، وأن أي انتهاك لحقوقها لا يمثل الإسلام وإنما يمثل أصحابه، موضحًا أن التطرف الديني يقوم على أفكار مغلوطة من المهم العمل على بيان زيفها، وأن المواجهة العسكرية مع الإرهاب مع أهميتها البالغة إلا أنها لا تكفي وحدها، وإنما يتعين مواجهته فكرياً لكشف زيف أطروحاته التي يتغذى عليها.جاء ذلك في كلمة لمعاليه خلال مشاركته في ندوة حوارية عبر الاتصال المرئي نظمها مجلس الشؤون العالمية ومجلس المدينة في مدينة لوس انجلوس الأمريكية، بحضور أكثر من ألف شخصية مهتمة بالقضايا الفكرية والسياسية ذات الصلة والعلاقة بين أتباع الأديان والثقافات.وشدد العيسى على أهمية الحوار بين الشرق والغرب من جهة، ومن جهة أخرى أهمية الحوار في الداخل المجتمعي الواحد بين التنوع الوطني منطلقاً من مشتركاته الواحدة سواء كانت مشتركات وطنية أو إنسانية أو مشتركات تتعلق بالقيم الأخلاقية بشكل عام.وبين أن الغموض وانعدام الثقة بين أتباع الحضارات والثقافات يقوّض أي محاولات لخلق الانسجام بينهم، كما أنه يؤدي إلى الانقسام المجتمعي وربما أدى إلى العنف داخل المجتمعات الوطنية ولاسيما ذات التنوع.وشرح مفهوم الاعتدال وكيف يمكنه أن ينشر السلام والوئام بين الجميع، محذرًا من محاولة المتطرفين من أي دين أو فكر أو أيدولوجية نشر الكراهية وما ينتج عن ذلك من تداعيات.وتحدث عن العلاقات التي أقامتها الرابطة مع مختلف المؤسسات والشخصيات الدينية العالمية، وعن منهجها الذي يقوم على ردم الخلافات السلبية، مشيراً إلى أن الرابطة قد وقّعت اتفاقيات تعاون بيني مع عددٍ من المنظمات الدينية والفكرية، بهدف تحقيق الأهداف المشتركة ونشر السلام والتعايش في المجتمعات الإنسانية، والتصدي لدعاة الكراهية والعنصرية.وعبّر عن مواصلة الرابطة التعاون مع كافة القادة الدينيين ومراكز الفكر والتواصل الحضاري حول العالم، لافتاً إلى أن الرابطة تعمل على التواصل مع الشباب بشكل خاص حيث التقت بمئات الشباب المؤثرين في العالم الإسلامي وغير الإسلامي.وقال:" إن جائحة كورونا (كوفيد-19) علمتنا الأهمية البالغة للوَحدة عند مواجهة التهديدات التي تعرضنا جميعًا للخطر، فالأوبئة مثل الإرهاب، لا تعرف حدودًا دولية ولا تقدم أي حصانه لأي دين أو عرق أو عقيدة، لذلك يعتمد انتصارنا على التعاون بيننا، معًا يداً بيد، يجب أن نبني عالمًا أكثر أمانًا وازدهارًا للأجيال القادمة، عالم لا يُقتل فيه الأفراد في مسجدهم أو كنيستهم أو كَنِيْسهم أو عموم المعابد، عالم يحتضن تنوعنا، عالم تُقَدَّر به إسهاماتُنا ".وأكد أن العالم لا يمكن له أن يتجاوز الشر أو الجهل الذي يريد أن يُقسم، ويريد أن يجعل من التنوع الديني والحضاري أداة للصراع والصدام، إلا من خلال الحوار الفعال والاستيعاب الحقيقي للسنة الإلهية العظيمة التي تقضي بحتمية الاختلاف والتنوع بين البشر؛ كما أن منطق العدالة بكافة معانيها ودلالاتها ركيزة في سعادة البشر.وأضاف:" إذا أرادنا تعزيز وجودنا في مجموعة الأخيار والحكماء والمصلحين وصانعي السلام فعلينا أولاً أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين، مستوعبين حقاً لحكمة تنوعنا، وكيف يجب أن يكون ذلك داعماً لوحدتنا كأسرة إنسانية واحدة، ومن ثَمَّ مُعَزِّزاً لمَحبتنا وتَسَامُحنِا مع بعض، وهذه القيم الإنسانية المشتركة هي سبيل خلاص عالمنا من شرور الكراهية والعنصرية والتطرف والعنف والإرهاب أياً كانت هويته، كما يجب أن نُعَلِّمَ أطفالنا تلك القيم لتكون سلوكاً تلقائياً في شخصيتهم نابعاً من ضميرهم النقي وعقلهم السوي ".وأوضح معاليه أن غياب الوعي يُمثل معضلة كبيرة حول العالم، مشيراً إلى أن التعليم المجرد عن المعارف والبرامج التربوية الفعالة لا يعزز الوعي الفكري والسلوكي؛ ومن هنا جاءت أهمية الأسرة والتعليم في تعزيز الوعي والذي تستفيد منه الدُّوَل الوطنية والعلاقات بين الأمم والشعوب بشكل عام.كما أكد على أهمية استيعاب حتمية التنوع الديني والفكري والحضاري بوصفه ركيزة مهمة في تقبل الآخر ونجاح الحوار والتبادل معه، مشيراً إلى أن نتائج الصدام الحضاري فادحة الخطورة وأن على العقلاء والحكماء تلافيها في وقت مبكر بكافة وسائل التفادي ومن ذلك تعزيز دور الأسرة والتعليم وكافة مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة وفي مقدمتها مؤسسات الاندماج الوطني في دول التنوع والتي لن تعمل بكفاءة إلا من خلال التهيئة والإقناع والاستقطاب لا الفرض أو الازدراء والتهديد.ونبه على أن المعضلة الحقيقية لتلك المؤسسات ليست غالباً في كفاءة تشريعاتها ولكن في كفاءة أدواتها التنفيذية القادرة على بث الروح الوطنية والإنسانية فيها، فيما أشار إلى أن الانقسام مفهوم واسع يطال الصداقة والوئام بين الأمم والشعوب بشكل عام، كما يطال داخل الدول الوطنية بشكل خاص، مؤكداً بأن الإخلاص والتكامل بين المؤسسات الدولية والوطنية يُعتبر الركيزة الأساس في تلافي الانقسام الدولي أو الوطني وعلاجه.وتابع قائلاً: العنصرية والكراهية وهيمنة المصالح المادية على حساب العدالة والقيم تُعتبر أكبر مهدد لسلام عالمنا ووئام مجتمعاتنا، وهذه الشرور تُمثل المواد الأولية لصناعة كل شر بما في ذلك الانقسام الدولي أو الوطني، ولا بد لذلك كله من تشريعات دولية وتشريعات وطنية تراعي ظرفية كل دولة على أن تكون تلك التشريعات قوية وفعَّالة تعالج أزماتها العامة والتفصيلية مع متابعة تطوراتها باستمرار ".وكانت الندوة قد استهلت أعمالها بكلمة لرئيسة المجلس كيم ماكليري بلو، أشادت فيها بالدور العالمي الذي باتت رابطة العالم الإسلامي تقوم به تجاه الحوار والتفاهم والتعاون بين أتباع الأديان والثقافات ومواجهة الكراهية والتعصب وتعزيز الاندماج والتعايش داخل المجتمعات المتنوعة، كما ألقى مدير الندوة مدير الأعمال الاجتماعية العالمية لمركز سيمون ويزنتال إبراهام كوبر، كلمة أعرب فيها عن التقدير لجهود معالي الشيخ العيسى التي قام بها عالمياً باسم أهم المنظمات الإسلامية الدولية رابطة العالم الإسلامي.
مشاركة :