رسائل حذرة بين واشنطن وطهرن حول العودة للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1)؛ تعيين روبرت مالي مبعوثاً رئاسيا للملف الإيراني الذي لعب دورا مركزيا في الاتفاق ومن المؤمنين به مؤشر ايجابي، التعيين ذاته واجهته حملة رافضة من أنصار الخروج من الاتفاق لدرجة وصف فيها روبرت مالي بالمترشح المثالي لإيران.المعروف أن إدارة بايدن تعطي لحسم الملف مع طهران اولوية بعد التعامل مع جائحة كورونا؛ هذا لم يكن مفاجئاً لأنه كان حاضراً اثناء حملته الدعائية بل في صلب برنامجه الانتخابي بالإضافة أن فريقه السياسي؛ وزير الخارجية انتوني بلينكن ومدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز من اشد المؤمنين بالاتفاق.تطورات متسارعة حصلت خلال الأيام الأخيرة ربما يكون أهمها انسحاب إيران من البرتوكول الإضافي للمنظمة الدولية للطاقة الذرية والذي سيؤدي لتقييد عمليات تفتيش المنشآت النووية الإيرانية من قبل مفتشي الوكالة في سياق الاستجابة للقانون الذي اقره البرلمان الإيراني أواخر تشرين الثاني/2020، يلزم فيه حكومة الرئيس روحاني بتنفيذ تسع خطوات في حال عدم قيام الولايات المتحدة الأميركية برفع العقوبات بحلول يوم 21/2/2021.مدير عام وكالة الطاقة الدولية “رافايل غروسي” تمكن من فتح ثغرة في الجدار بعد زيارته طهران بحيث تستمر الأخيرة في التعامل خارج إطار البرتوكول الإضافي وبطريقة غير مباشرة ضمن آليات متفق عليها.التعاطي الإيراني مع مدير عام وكالة الطاقة الدولية أجج الصراع بين البرلمان الإيراني والحكومة وصل حد المطالبة بمحاكمة وزير الخارجية ومدير وكالة الطاقة الذرية؛ بيد أن المرشد خامنئي أفشل توجه المتشددين في البرلمان وأظهر رغبته في إعادة إحياء الاتفاق النووي دون المساس بالقدرات الصاروخية لكن دون الظهور بموقف الضعيف وهو ما يبرر رفع سقف المطالب الإيرانية.صراع الأولويات بين الطرفين يتصدر المشهد؛ إدارة بايدن تسعى للعودة للاتفاق الذي يضمن الحد من قدرات إيران النووية ولكنها تعتمد ما وصف باستراتيجية “الأقل مقابل الأقل” بمعنى أن تبدأ عملية رفع تدريجي للعقوبات من خلال تقديم امتيازات اقتصادية لطهران أقل من رفع العقوبات الكلي تتطور كلما أظهرت طهران التزاما كاملاً بالاتفاق والتعاون مع وكالة الطاقة النووية الدولية.طهران تصر على رفع العقوبات الاقتصادية اولاً قبل الانتخابات الإيرانية في حزيران/2021 تلافياً لوصول الفريق المتشدد الذي لن يكون متساهلاً مع واشنطن فالعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب بعد الانسحاب من الاتفاق العام 2018 حفرت عميقاً في الاقتصاد الإيراني وعززت مناخات عدم الثقة مع واشنطن.العودة للاتفاق بصيغته الاساسية يصطدم بعقبات، إدارة بايدن تواجه رفض الجمهوريين بعد الرسالة التي تبناها 119 نائبا وأرسلت لبايدن تطالبه بعدم العودة للاتفاق مع طهران دون معالجة الاختلالات الأساسية في الاتفاق بالإضافة للموقف الحليف الإسرائيلي الرافض والقلق والحلفاء الإقليميين في الخليج الذين يشعرون بخيبة امل في حال العودة للاتفاق دون أن يكونوا طرفا فيه يضمن خروج إيران من مناطق النفوذ التي تشكل خطراً استراتيجياً عليها.ايرانياً؛ العودة للاتفاق سواء من خلال مفاوضات مباشرة او غير مباشرة معضلة داخلية دون البدء في الخطوة الأولى وهي رفع العقوبات مع قبول فكرة أن تتجاوز المفاوضات ملف التخصيب لتمتد وتشمل ملف المحتجزين لدى البلدين والأموال الإيرانية المحتجزة في الخارج وانخراط إيران الإقليمي من صنعاء وحتى بيروت.وسط سيل من التصريحات الإيجابية الصادرة من الطرفين؛ بايدن يعلن بأن الاتفاق النووي الموقع العام 2015 هو الأساس الصحيح للتفاوض وروحاني يؤكد التزام طهران بالاتفاق في حال رفع العقوبات الاقتصادية؛ هل بتنا على مقربة من اسدال الفصل الأخير في هذه الأزمة التي ستنعكس نهايتها على الجميع بما فيها منطقتنا؛ هذا بحاجة للانتظار خلال الأشهر الثلاثة القادمة.الغد
مشاركة :