شكَّلت أحداث النكبة الفلسطينية، وما تلاها من أحداث فاجعة باحتلال فلسطين التاريخية، مركزاً للاستقطاب الشعري لدى كمال ناصر، للتعبير عن تلك المأساة الإنسانية التي أدت إلى تشريد شعب بأكمله من أرضه ووطنه، ودخلت في تلافيف الذاكرة الجمعية، فرفع الشعراء - ومنهم كمال ناصر- لواء الثورة على الاحتلال، فأبدعوا قصائد ممتزجة بعرقهم ودمهم، تؤسس لرؤيا فكرية/شعرية ضد الإبادة والتنكيل الوحشي بالإنسان، وتستحضر في الوقت نفسه الوطن بوصفه نواة حية لصياغة الذاكرة الفلسطينية. إن وعي الشاعر بمعطيات الواقع، والتزامه بالتعبير عن قضايا وطنه وأمته، يكشف عن دفقات شعرية مكثفة ذات بعد إيحائي أحياناً، ونبرة خطابية أحياناً أخرى، لكنها في الحالتين تتجاوز التعبير عن البعد الفردي إلى التعبير عن البعد الإنساني. يأتي كتاب تجليات الوطن واستبطان الذات في شعر كمال ناصر للدكتور إبراهيم نمر موسى ليكشف عن أبعاد التجربة الشعرية في ديوان الشاعر من جانبين: يتمثل الأول في رصد الظواهر الموضوعية، وتجلياتها الوطنية، وآثارها النفسية، ليقف القارئ على مراحل تطور الوعي الفكري في حياة الشاعر، وآثاره العملية في مزاوجته بين الكلمة والمقاومة. انقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول وملحق شعري: تناولت في الفصل الأول سيرة الشاعر الذاتية وما صاحبها من أحداث اجتماعية وسياسية...إلخ، شكَّلت في مجموعها رؤية الشاعر للحياة والكون، فتحدث عن طفولته وأسرته، ودراسته وثقافته، والإنسان السياسي، والصحفي، والحزبي، وعضو منظمة التحرير الفلسطينية. ودرس في الفصل الثاني تجلّيات الوطن والثورة، أما الفصل الثالث فتناول موضوع الاستبطان الذاتي في شعر كمال ناصر، بوصفه مجالاً من مجالات علم النفس، أمّا الملحق الشعري، فيشتمل على مختارات لبعض القصائد الشعرية الكاملة للشاعر، ورد تحليل مقاطع منها في متن الكتاب؛ ليطلع القارئ على سياقاتها اللغوية والدلالية.
مشاركة :