«الواقعية الافتراضية» مدرسة فنية مفتوحة عبر الإنترنت

  • 9/10/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

النص السردي المرفق هنا أدناه، من الرسائل العديدة التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وغالباً لا يحمل العمل في هذه الأحوال عنواناً ولا اسم مؤلف، تماماً كقصص الأساطير الشعبية والحكايات الفولكلورية يملكها الجميع. الظاهرة الأثيرية، يجب أن نعترف بأنها تصنع الآن أجناساً أدبية مميزة، تتوافق ومعطيات تكنولوجيا المعلومات، شكلاً ومضموناً، أو أنها تظل مجرد منبر للنشر، يتناسب وانصراف المجتمع عن الصحف والمجلات الورقية؟. بقراءة عابرة لما تقدم نجد أن عنصر السرد والتشويق والمفارقة والأزمة والحل الصادم، كل ذلك موفور، بما يحقق متطلبات النص الأدبي القصصي، كما أنه عمل يقع ما بين القصة القصيرة، والقصيرة جداً. إلا أنها ذات خصوصية تفارقهما. فن القصة القصيرة جداً نوع حديث من الأدب، انتشر في فترة الثمانينات بشكل واسع، وأصبح شكلاً سردياً قائماً بذاته، وهو لناحية الحجم أصغر من القصة القصيرة، وقد لا يتجاوز بضعة أسطر، وأحياناً ربما كان سطراً واحداً. تتجلى أركان القصة القصيرة جداً في: الحدوتة، جرأة الموضوع، الوحدة العضوية للنص، التكثيف، المفارقة، فعلية الجملة، استــخدام الــرمز والإيهام، الاعتماد على الخاتمة الواخزة، واختيار العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها، وبالتالي فإن هنالك تواشجاً بينها وبين النص الذي اقتطفناه من النت، غير أن النص السايبري الجديد قد يتميز بطول السرد، وبالمضمون التكنولوجي (مشكلة تغطية الشبكة، الموبايل الذكي، الاستغراق في الوحدة.. الخ) وقد لا يحتاج إلى عنوان، ومؤلفه لا يحرص على الشهرة أصلاً أو حقوق الملكية، نحن بصدد ملكية مشاعة. إنتاج جديد على النت الكثير من الأعمال المبثوثة، تتراوح بين الطرفة والنكتة السردية والخاطرة والرسائل الاجتماعية والخطب التربوية، ولكن في قوالب جديدة، في ظاهرة تحتاج إلى رصد نقدي يوازيها ويستوفي شروطها التكنيكية المغايرة، والتي أفرزتها ثورة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي على مستوى الواقع الافتراضي، بما يدفعنا إلى التنبؤ ببزوغ شمس مدرسة فنية جديدة هي مدرسة (الواقعية الافتراضية). رموز من ميزات النصوص الابداعية المنتمية لمدرسة الواقعية الافتراضية المنتشرة عبر (الواتس آب) أنها ترفق مع ما يعرف بـ (الإيموجي)؛ وهي رسوم تعبيرية تدعم المعنى المقصود من خلال لصق وجوه أو علامات بالأيدي هي بمثابة صور تشكيلية تغني عن الاستطراد تحقيقاً للمراد بأسرع وأيسر الطرق. قصة من الفضاء الأسفيري في أول الأمر، لم تُعِر اهتماماً لوجوده أمام دارها، لكنه شاب غريب، يكرر هذا السلوك يومياً، خاصة حينما تعود من المدرسة، تجده قابعاً في عربته الحمراء يطيل الانتظار. ازدهرت أنوثتها، وسؤال رفيقاتها المتكرر عن مغامراتها الغرامية، دون أن تجد ما تقوله كغيرها، خلق داخلها رغبة ما، لا تدري أين سترسو بها؟، وعلى ضفة حياتها يقف الشاب الغريب، كلما عادت إلى البيت، يرمقها مرة واحدة، ثم ينصرف ببصره إلى أسفل، أإلى هذا الحد هو خجول ومحترم؟ قالت في نفسها. الفضول يتزايد، ومعه شعور لذيذ، وجديد، ومليء بالخوف والمتعة والأمل وكل شيء. هل يحبني؟ لماذا إذاً لا يتقدم لأبي ما دام يملك سيارة، لا بأس بها؟، قالت في قلبها، وكلما صعدت إلى غرفتها في الطابق العلوي تظــل تسترق النظر إليه، فتجده قابعاً في مــكانه مطأطئاً كما هو، ينتظر لحظة خروجــها الغالية، ليهنأ ولو بنظرة واحدة، يا لوجهها الجميل. انتظم الشعور داخلها، كما انتظم هو، لا يغيب يوماً قط، مخلص، في الحصص تفكر فيه، تتلهف لموعد العودة، حتى تتأمله عاشقاً مدنفاً. متى ستبدأ القصة؟. وفي يوم غائم، قررت أن تحسم أمرها، وليكن ما يكون، لابد أن تضع حداً لهذا الحياء المستمر، يجب أن تسأله عن مشاعره تجاهها، ولماذا كلما رآها ينكب على وجهه ويبقى داخل سيارته؟، ها هو الآن، محني الرأس، تباً له. دنت نحوه بخطوات مرتعشة، اقتربت أكثر وهي مترددة، رأته من قريب للمرة الأولى يدغدغ هاتفاً ذكياً، لم يكن وسيماً كما تخيلت، ولكن فات الأوان لكي تتراجع، إنه خيارها وفارسها بكل حسناته وعيوبه، باتت خلف الزجاج، رفع رأسه، تلعثمت، قال : أهلاً، هل من شيء؟ قالت اسمح أن أسألك: لماذا أنت دائماً هنا في هذا الوقت يومياً؟ قال: لا شيء، فقط تغطية شبكة الإنترنت هنا قوية.

مشاركة :