يأمل الليبيون أن تتمكن الحكومة الجديدة من توحيد مؤسسات الدولة وتحسين الأوضاع في البلاد تمهيدًا لإجراء انتخابات أواخر العام الجاري، فيما ألقت محاولة اغتيال وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، بظلالها على المشهد السياسي، وأثارت مخاوف دولية من احتمال عودة البلاد إلى الفوضى والاقتتال ونسف جهود وقف إطلاق النار وعرقلة المسار السياسي.والأوضاع الأمنية في غرب ليبيا ما زالت تتصدر العناوين؛ إذ إن استمرار انتشار الميليشيات المسلحة والمرتزقة الموالين لتركيا قد يصعّب من عمل الحكومة الجديدة ويجهض الاستحقاقات السياسية القادمة في البلاد.دعوة أوروبيةدعت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا جميع الأطراف الفاعلة إلى التهدئة ووقف التصعيد في هذا الوقت الحساس بشكل خاص، على خلفية الحادث الأمني الذي تعرض له موكب وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا.وأكدت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء لدى ليبيا، أن مثل هذه الأعمال هي تذكير قوي بالعمل المهم الذي لا يزال يتعين القيام به في تفكيك الجماعات الإجرامية، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في أكتوبر الماضي، ووضع السيطرة الكاملة على قطاع الأمن في أيدي السلطات الشرعية.وأعربت البعثة، في بيان، عن تشجيعها لجميع الأطراف على تجنب الانقسامات والالتزام بالعملية السياسية التي تفضي إلى انتخابات في 24 ديسمبر، مشددة على أن خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي واتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 23 أكتوبر هما السبيل الوحيد للمضي قدمًا.فيما أجرى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، اتصالًا هاتفيًا بوزير داخلية الوفاق، فتحي باشاغا.وقالت البعثة الأممية في بيان: إن كوبيتش أعرب لباشاغا عن قلقه البالغ بشأن الحادث الأمني الخطير الذي استهدف موكبه، وأشار المبعوث الخاص إلى أن مثل هذه الأعمال المتهورة قد تشكل تهديدًا للاستقرار والأمن، ويمكن أن تعرقل العملية السياسية والجهود الأخرى الرامية إلى دعم ليبيا وشعبها.وأعربت الولايات المتحدة على لسان سفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عن إدانتها الهجوم الذي استهدف باشاغا.ودعا نورلاند، خلال اتصال أجراه مع باشاغا، إلى فتح تحقيق سريع؛ لتقديم المسؤولين إلى العدالة، مؤكدًا دعم الولايات المتحدة لجهود إنهاء الميليشيات المسلحة في ليبيا. فتحي باشاغا العدالة والإفلاتوكانت منظمة العفو الدولية قد أدانت «استمرار ثقافة الإفلات من العقاب» في ليبيا، ودعت أطراف النزاع، والحكومة الموحدة القادمة، إلى «تقديم المسؤولين عن الانتهاكات إلى العدالة، بدلًا من إضفاء الشرعية على قادة الميليشيات ومكافأتهم بمناصب السلطة»، محذرة من استمرار العنف وانتهاكات حقوق الإنسان ومعاناة المواطنين.ورصدت المنظمة، في تقرير، استمرار «إفلات» ميليشيات وجماعات مسلحة من العقاب رغم ارتكابها «عمليات قتل غير مشروع واختفاء قسري وتعذيب وتهجير قسري واختطاف»، وحثّت على ضرورة «تعليق عمل الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب في مناصب السلطة، في انتظار نتائج تحقيقات مستقلة وفعالة».وقالت: إن «السلطات الليبية قامت بترقية وإضفاء الشرعية على قادة الميليشيات المسؤولة عن الأعمال المروعة، بدلًا من ضمان إجراء المساءلة».ورصد التقرير تقاعس الحكومات المتعاقبة عن مقاضاة أعضاء ميليشيات تتخذ من مصراتة مقرًا لها مسؤولين عن «جرائم حرب»، بما في ذلك الهجمات ضد المدنيين مثل هجوم 2011 على مدينة تاورغاء.بدورها أعلنت اللجنة الوطنية لحقوق لإنسان في ليبيا تقديمها بلاغًا للنائب العام؛ بهدف التحقيق في مزاعم محاولة اغتيال وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا.وأوضحت اللجنة، في بيان لها، أنها وجهت بلاغًا إلى مكتب النائب العام، طالبت فيه بفتح تحقيق شامل وعاجل وشفاف بشأن واقعة باشاغا، وكذلك طلب التحقيق في واقعة استعمال الأسلحة الرشاشة والمتوسطة وبشكل عشوائي في الطريق العام أثناء وجود مستخدمي الطريق من المدنيين، مما عرض حياتهم وسلامتهم للخطر، وأدى لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، في استهتار فاضح بحياة المدنيين الأبرياء، واستهانة بسيادة القانون والعدالة.كشف التفاصيلوكانت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق قد كشفت تفاصيل محاولة اغتيال تعرض لها وزير الداخلية، في منطقة جنزور غربي العاصمة طرابلس.وقالت الوزارة في بيان صادر عنها: عند الساعة الثالثة بعد ظهر الأحد الماضي، تعرض الوزير فتحي علي باشاغا لمحاولة اغتيال بينما كان عائدًا إلى منزله في منطقة جنزور.وأشارت إلى أن حراس باشاغا تبادلوا إطلاق النار مع المهاجمين، قبل أن يلاحقوهم فيقتلوا منهم واحدًا ويصيبوا آخر ويلقوا القبض على اثنين، بينما أصيب أحد الحراس.وأكدت أن «فتحي باشاغا بخير، ولم يتعرض لأي إصابات»، موضحة أن الموقوفَين على خلفية الهجوم تمت إحالتهما إلى الجهات المختصة.وتأتي محاولة اغتيال باشاغا في ظل استمرار انعدام الأمن في غرب ليبيا وانتشار الميليشيات المسلحة والمتطرفة في تلك المنطقة.وتشهد العاصمة الليبية والمدن الغربية جرائم متكررة من قتل واختطاف مقابل فدية وإخفاء قسري وابتزاز للمواطنين من جانب عناصر الميليشيات في ظل غياب كامل للقانون.ويأتي هذا التردي الأمني غرب ليبيا في وقت تستعد فيه الحكومة الجديدة لتسلّم مهامها بعد الحصول على ثقة البرلمان، وتصاعد وتيرة التحركات لتسهيل عملها وسط محادثات مكثفة، كان آخرها اجتماعًا بين رئيس المجلس الرئاسي المكلف بحكومة الوفاق أحمد معيتيق، مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح.وكان رئيس الحكومة الجديدة عبدالحميد دبيبة، قد زار الشرق الليبي، والتقى المستشار عقيلة صالح وعددًا من المسؤولين وشيوخ وأعيان القبائل.
مشاركة :