فحص العذرية ـ أضرار جسدية ونفسية وانتهاك لحقوق وكرامة المرأة

  • 2/26/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أطلقت منظمة حقوقية مغربية حملة ضد فحص العذرية للمقبلات على الزواج. وهذه العادة السائدة في مجتمعات عدة، لا تعد فقط انتهاكا لحقوق الإنسان وكرامة المرأة، بل وتسبب أضرارا نفسية وجسدية، علاوة على عدم وجود أي أساس علمي لها. "ليلة الدخلة" تصبح كابوسا بالنسبة لبعض النساء (صورة رمزية) في فيديو دعائي ساخر لمنتَج جديد، تظهر ملاءة ناصعة البيضاء على سرير مرتب حديثا تسقط عليه أشعة الشمس. ثم تفتح يد واثقة صندوق مُلون مُزين بالزهور، لتجد بداخله ملاءة أخرى بيضاء. وتظهر على الشاشة جملة "تقديم فحوص العذرية التقليدية"، ليلحقها عرض لمواصفات المنتج القطني ذو 250 عقدة والتطريز بالورود و"ضمان الحفاظ على بقع الدم"، في إشارة إلى نزيف المرأة لدى ممارستها للجنس لأول مرة. قامت الحركة البديلة للحريات الفردية في المغرب، والمشار لها اختصارا بـ "مالي"، بإنتاج الفيديو ضمن حملة أطلقتها الحركة بشهر فبراير/شباط الحالي ضد فكرة إجراء فحص لتحديد إن كانت امرأة ما عذراء أم لا. وترى الناشطة بمجال حقوق المرأة ومؤسسة حركة "مالي" إبتسام بيتي لاشقر أن "الدم بليلة الزفاف ليس مجرد دما"، على حد قولها، "فملاءة السرير والدم هما رمزان لعذرية المرأة، كمفهوم خيالي وخرافة أبوية".  تهديد لصحة النساء في المغرب وأماكن أخرى حيث تتم باستمرار حراسة ومكافأة "عفة" النساء، وعلى الكثير من النساء إثبات عذريتهن وإلا تعرضن للإذلال. ففي السعودية، على سبيل المثال، نشرت وسائل الإعلام قصة رجل أجبر زوجته على التوجه للمستشفى ليلة زفافهما برفقة أسرته للتأكد ما إن كانت عروسته عذراء. ولا تتوفر أرقام بشأن عدد فحوص العذرية التي يتم إجرائها أو طلبها حول العالم. ولكن المشكلة كبيرة إلى حد اعتبارها تهديدا عالميا لصحة النساء، وفقا لتصريح صادر عام 2018 عن منظمة الصحة العالمية. وأكدت المنظمة أن "الفحص ليس له أي مسوغات علمية، أو دلالة صحية… لا يوجد كشف معروف يمكنه إثبات تاريخ الجماع". حملة في المغرب ضد فحوصات كشف العذرية للنساء قبل الزواج الدم على ملاءة السرير" هو شكل من أشكال فحوص العذرية التي تتصدى لها الحركة البديلة للحريات الفردية في المغرب (مالي). وطريقة أخرى للتأكد من "العفة" هو بزيارة النساء للطبيب قبل ليلة الزفاف للحصول على "شهادة بالعذرية". وللحصول على تلك الشهادة، يمكن أن تخضع النساء لنوع آخر من فحص العذرية يتضمن عادة إدخال أصابع اليد بمنطقة المهبل. وأثبت البحث العلمي أن الكثير من النساء لا تتعرضن للنزيف أو حتى الألم لدى ممارستهن للجنس لأول مرة، وأن نسيج غشاء البكارة المحيط بفتحة المهبل قد لا يمكن تمزيقه خلال أول ممارسة. وفي حوار أجرته DW، توضح أستاذة طب الأسرة بجامعة جورجتاون الأمريكية في واشنطن ومستشارة منظمة أطباء لحقوق الإنسان PHR  رانتي ميشوري أن ما يسمى بـ "فحوص العذرية" يمكن أن تكون "مؤلمة للغاية وغير مريحة". وتضيف: "عادة ما يتضمن قيام طبيب بإدخال أصبعين لمهبل المرأة. وإن تم الأمر بدون موافقتها، يمكن اعتبار الأمر اعتداء جنسيا". وفرضت بعد الدول، مثل فرنسا ومصر والهند وأفغانستان، قواعد وحتى قوانين ضد فحوص العذرية، إلا أنه مثلا في مصر وجهت اتهامات للمجلس العسكري الذي تسلم الحكم بعد سقوط مبارك عام 2011، باجبار نساء تم القبض عليهن في المظاهرات، على الخضوع لكشف العذرية، وهو ما اعتبرته ميشوري ”انتهاكا لحقوق الإنسان". يذكر أن المجلس العسكري نفي في بداية الأمر تلك الاتهامات، قبل أن يتراجع ويقول بأن الأمر كان لحماية الجيش من اتهامات محتملة بالاغتصاب ، ثم عاد وقال بأن الفحص كان تصرفا فرديا من قبل الطبيب، الذي خضع لمحاكمة أنتهت بتبرأته.  مظاهرة في مصر عام 2012 ضد فحوص العذرية لبعض المتظاهرات اجتياز "اختبار" ليلة الدخلة في فيديو مصور لحملة الحركة البديلة للحريات الفردية في المغرب (مالي)، تتحدث سيدات مغربيات عن المعاناة لإثبات أنهن عذارى. وتقول أميرة البالغة من العمر 27 عاما، والتي تم إخفاء ملامح وجهها في الفيديو إن "واحدة من التحضيرات العديدة التي كان عليَّ الاهتمام بها قبل يوم زفافي كانت زيارة عيادة للخضوع لفحص من قبل طبيب". وتضيف أميرة: "الأمر لم ينته الأمر هنا، لأن الاختبار الحقيقي كان في انتظاري على ملاءة السرير بليلة زفافي". وحتى إن لم يمارسن الجنس أبدا، يمكن للفتيات المقبلات على الزواج السعي لحلول أخرى لضمان اجتيازهن لـ"الاختبار" في ليلة زفافهن، ويضمن ذلك استخدام كرات الدم الزائف، أو إجراء عملية جراحية لإعادة ترميم أو بناء غشاء البكارة، أو ممارسة تمارين خاصة بمنطقة الحوض. وتأمل الحركة البديلة للحريات الفردية في المغرب (مالي) في وقف تلك الممارسات والأفكار التي تقف خلفها. أضرار وانتهاك لحقوق الإنسان ولكن يرى البعض أن تلك الوسائل بمثابة أدوات لخفض حجم الإيذاء طالما استمر مفهوم العفة. فعلى سبيل المثال، غالبا ما صرح مدير شركة ألمانية لمنتجات العناية بالمهبل، تقدم كبسولات دم غشاء البكارة أو شهادات البكارة الزائفة، بأن مؤسسته تقوم بـ ”"أداء خدمة". وفي تصريح صادر عن الشركة، وافقت على أن الثقافة الجنسية هي المفتاح على المدى الطويل، بيد أن "تغيير الأفكار الراسخة بشأن العذرية يمكن أن يستغرق وقتا طويلا لدى بعض العملاء". وبالنسبة لهؤلاء، كبسولات الدم هي ”منتج طوارئ" لمساعدة النساء على تجاوز الخطر. وبورقة بحثية منشورة على موقع مجلة  BMJ العلمية العام الماضي، أثار الباحثون نقطة مماثلة حيث كتبوا: ”بالتزامن مع اعتبار أن ممارسة كشفوف العذرية هو انتهاك لحقوق الإنسان، وضرورة إنهائها، من المهم الأخذ في الاعتبار الضرر الاجتماعي والنفسي وحتى الجسدي المحتمل الذي يمكن أن يحدث إن لم نوفر الشهادة (تأكيد العذرية)". ونصح الباحثون الأطباء لدى طلب أمر مماثل منهم، بأن يفكروا بحرص في "أقل الحلول إيذاءا"، حتى وإن كان الطبيب على دراية بأنه لا يوجد علميا ما يعرف بكشوف العذرية. إنهاء كشوف العذرية وترى الناشطة بمجال حقوق المرأة ومؤسسة حركة مالي إبتسام لاشقر مبدأ تقليل الأذى بأنه ”غير ملائم" وتعتبر من يقومون به ”مشاركين" في الأمر لأنهم ”يقفون في صف المعتدين، ولا يقومون بحماية المرأة، هم يمارسون عملهم وفق ثقافة تعلم الأولاد والرجال أن الفتيات والنساء هن أشياء، وأنهن إما أمهات أو عاهرات".      وتقدم أستاذة طب الأسرة بجامعة جورجتاون الأمريكية في واشنطن رانتي ميشوري طرحا مماثلا، حيث تقول: ”تلك الممارسة تعمق عدم المساواة الجنسية وتساهم في الترويج المستمرة للآراء الأبوية الراسخة حول النشاط الجنسي للمرأة، وتركيبها الجسماني واستقلالها الذاتي". كما ترى ميشوري أن توعية المجتمعات بأنه لا يوجد علميا ما يعرف باسم كشوف العذرية يمكن أن يكون أهم معيار، فعلى الحكومات في كل مكان "مهمة نحو المرأة والعاملين بالرعاية الصحية، للدعاية للإرشادات القائمة على أساس علمي، وكشف زيف فكرة غشاء البكارة ودوره غير الموجود في كشوف العذرية"، على حد قولها.  كاثرين شافير / د. ب.

مشاركة :