هل تقضي الحكومة الإلكترونية على الفساد؟

  • 2/26/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

جاء في دليل البنك الدولي لعام 2011 أن الفساد هو "أحد أكبر العقبات التي تعترض التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية". وأضاف أنه "من خلال الرشوة والاحتيال واختلاس الامتيازات الاقتصادية، يؤدي الفساد إلى تحويل الموارد بعيدًا عن من هم في أمس الحاجة إليها" معروف أن الحكومة الرقمية لها فوائد عديدة منها تقديم خدمة أفضل إلى المواطنين، وتمكين الناس من خلال الوصول إلى المعلومات دون متطلبات وقيود البيروقراطية، وتحسين الإنتاجية وتوفير التكاليف في التعامل مع الموردين والعملاء في المعاملات الحكومية. كما أن تشديد العقوبات والتحول الى المعاملات الالكترونية يساعد كثيرا في مكافحة الفساد، إضافة الى أن استخدام البوابات الحكومية من قبل أعضاء الجمهور للحصول على الخدمات العامة لا تتطلب أي تفاعل جسدي مع المسؤولين العموميين، مما يقلل من فرص الفساد الأفعال (على سبيل المثال، أخذ الرشاوى والعمولات). وكلما زادت المعاملات الرقمية واتسع نطاقها، يكون احتمال حدوث الفساد أقل وذلك لأن السلطة التقديرية زالت من يد الموظف الحكومي وباتت في يد النظام الرقمي وكانت هذه السلطة التقديرية من قبل توفر للموظفين العموميين فرصة للرشاوى والعمولات في مقابل الخدمات الحكومية المطلوبة. بعبارات أخرى، فإن الحكومة الإلكترونية تقلل الفساد من خلال القضاء على الالتقاء الشخصي بين أفراد الجمهور والجمهور البيروقراطيين. وعلى سبيل المثال، كانت العطاءات الادارية والحكومية مجالا خصبا للعمولات والرشاوى، وقد تمكنت الحكومة الرقمية من القضاء على هذا الأمر وذلك من خلال دراسة الطلبات المقدمة الكترونيا والتي لا يمكن لموظف بعينه اتخاذ قرار بشأنها أو إفشاء اسرار المقاولين تحت طائلة العقوبة. وهذا يصب في مصلحة الدولة ويمنع هدر المال العام وترسية العطاءات على مقاولين معينين دون غيرهم حتى لو كان سعرهم أعلى وجودتهم أقل لأن الموظف المسؤول أخذ عمولة مقابل الترسية. وقد تمكنت الولايات المتحدة الأميركية من تخفيض تكلفة العقود بنسبة 10-20% وهذا يعني زيادة في الدخل القومي وحد من الهدر للمال العام. ومع ذلك، فعلى الرغم من أن التعاملات الالكترونية تقلل من الفساد، فإن هذا لا يعني أن جميع الدول التي تستخدم المعاملات الرقمية في التعاملات الحكومية نجحت في ضبط الفساد، بل أن هناك شروطا لكي تأتي الحكومة الذكية بثمارها. ومن هذه الشروط: إن هذه العناصر شرط مسبق لنجاح التحول الرقمي في اجتثاث الفساد واذا نقص شرط منها فإن مستوى النجاح يكون ضعيفا، فإذا كان الفساد جزءا من الثقافة العامة، فإنه سيحدث على الرغم من التحول الرقمي، وإذا كان الأفراد والموظفون غير قادرين على الاستخدام الأمثل لتكنولوجيا المعلومات، فإن مستوى جودة الأداء سيكون منخفضا وبالتالي قد يخلق ثغرات للفاسدين لاقتناص الفرصة ونهب المال العام، كما أن عدم توفر الأجهزة الالكترونية لدى بعض الناس يحرمهم من إنجاز المعاملات رقميا بالإضافة الى أن الجهل بالقوانين والأنظمة قد يتيح الفرصة للبعض استغلال جهل الآخرين ومد يدهم الى المال العام. هذا بالإضافة الى أن من يمتلكون القدرة على الدخول الى البيانات قد يتلاعبون بها بهدف الاختلاس واذا كانت العملية تتم بالاتفاق بينهم، فمن الصعب التحقيق وكشف الجريمة. وهناك دليل بارز على عدم وجود علاقة مطلقة بين الحكومة الذكية واجتثاث الفساد وهو سرقة مساعدات البنك الدولي التي تذهب الى الدول الفقيرة، وقد أوضحت دراسة نشرت حديثا أن هناك تزامنا بين تسلم المساعدات وزيادة أرصدة المسؤولين الشخصية في بنوك في ملاذات آمنة تحافظ على سرية المعلومات. وقد استقالت بنيلوبي جولدنبيرغ مديرة البنك الدولي على أثر ذلك. وهذا الأمر ليس له علاقة بالحكومة الالكترونية حيث يستولي الحاكم وحاشيته على المساعدات ويودعونها في الخارج، وتظل الدول الفقيرة تعاني من فقرها بسبب الفساد. ختاما، يعتبر التحول الرقمي ثورة في مجال الحوكمة فهو يكافح الفساد بشكل فعال جدا مما يعزز الحوكمة الراشدة ومبادئ الإدارة الحديثة للبلاد والمؤسسات بحيث لا يمكن لأحد تجاوز القانون سواء كان إنسانا عاديا أو مسؤولا. ولكن هذا لا ينطبق على جميع دول العالم، ففي الدول التي تعاني من فساد المسؤولين لم تؤثر الحكومة الالكترونية على مستوى الفساد في الدولة. ويبقى التحدي الأكبر هو تعليم وتدريب الناس على استخدام تكنولوجيا المعلومات والحفاظ على حساباتهم من الاختراق والتلاعب ومراقبة من يملكون شيفرة الوصول الى البيانات والحسابات الهامة، وهو ليس بالأمر البسيط حيث يعاني الكثير من الناس من عدم المهارة الكافية التي تمكنهم من السيطرة الكاملة على البوابات الالكترونية.

مشاركة :