طوال فترة إدارة ترامب، كانت العلاقات بين الولايات والصين متقلبة وتنحدر أكثر فأكثر نحو حرب باردة جديدة، حيث يشتد التنافس بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في جميع النواحي، وسجلت العلاقات الثنائية بينهما أدنى مستويات لها سنة 2020 منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل أربعة عقود، وذلك بسبب تفشي فيروس كورونا لا أحد ينكر حجم التوتر الذي وصلت إليه العلاقات الصينية- الأمريكية، فهي في أسوأ حالاتها منذ وفاة الزعيم ماو تسي تونغ، فالوضع حالياً متأزم ومتوتر للغاية، والعلاقات الثنائية وصلت إلى مستوى من التوتر الكبير، لكن على ما يبدو أن هذا التوتر ليس بسبب فيروس كورونا فقط، بل لهذا التوتر جذور أعمق بكثير، فهو موجودة منذ القدم بسبب الاعتقاد الأمريكي أنه بمجرد صعود الصين وامتلاكها للقوة العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية، فذلك يمثل تهديداً خطيراً للزعامة الأمريكية. هذا، وخاضت الولايات المتحدة والصين حربا تجارية مريرة منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة، حيث تبادل أكبر اقتصادين في العالم فرض الرسوم الجمركية على بضائع بعضهما البعض وصلت قيمتها إلى مليارات الدولارات، وفي هذا السياق فقد توصل الجانبان إلى اتفاق في مرحلة أولى، لكن الحرب الايديولوجية التي شنتها أمريكا على الحزب الشيوعي الصيني، ساهمت في تصعيد التوترات بين البلدين ما جعل بعض الخبراء والمختصين يتحدثون عن احتمال حرب باردة، بحكم أننا ربما على أعتاب فترة طويلة وممتدة من الصراع المغلق وغير الواضح. فكيف ستكون العلاقات بين البلدين في عهد بايدين؟ وهل سيكون هناك من تغيير في التعامل مع الصين؟ من المحتمل أن يكون هناك تغيير طفيف في عهد الرئيس الأمريكي الجديد، عكس ما كان عليه الأمر في عهد ترامب، فمن خلال تصريحات جو بادين الأولية، يظهر جليا أنه سيعمل على المراهنة على التعاون الدولي والبحث عن توافقات وحلول جماعية، وتأكيده على عدم حاجة الولايات المتحدة لصراع مع الصين، بل تقوية دور أمريكا في اللعبة الدولية. ومن المتوقع كذلك، أن يزداد التنافس بين البلدين في مجالات بعيدة عن التجارة، خاصة ما يهم قضايا حماية الملكية الفكرية، واختلالات السوق الناتجة عن النموذج الاقتصادي الصيني، وقضايا حقوق الانسان. وعلى العمول، فالسياسة الخارجية الأمريكية اتجاه الصين تتميز بالتنافس والصراع تحديدا في المجال الاقتصادي، بسبب تنامي القوة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية للصين، إلى جانب إطلاق الصين لمشروع “الحزام والطريق” الذي أصبح يشكل قلقا للولايات المتحدة الأمريكية، كونه سمح للصين بخلق شراكات دولية في شتى المجالات وعبر مختلف مناطق العالم. وفي الأخير، نستطيع القول إن العلاقات الأمريكية الصينية ستكون في عهد جو بايدن أكثر عقلانية وأقل عدائية، إلا أن تزايد النفوذ الصيني وتصاعد مؤشراته الاقتصادية سيظل حاضرا في المساعي الأمريكية لإعاقة التقدم الصيني، وبالتالي فمعادلة المنافسة ستعلب فيها استراتيجية التحالفات الاقتصادية دوراً بارزاً. وأعتقد أن الصين والولايات المتحدة عليهما أن تتحليا بالحكمة للتوصل إلى تفاهم متبادل، من خلال الحوار المشترك لإدارة الاختلاف في إطار احترام قواعد القانون الدولي، لإيجاد سبل للتعايش معا بدلاً من التسبب بكارثة إنسانية.
مشاركة :